إعتبر مراقبون فى المانيا أن إتصال المستشارة انجيلا ميركل بالرئيس عبد الفتاح السيسى ودعوته لزيارة المانيا بعد الإنتخابات البرلمانية فى مصر بمثابة اقوى إعتراف المانى بثورة 30 يونيو وشرعية النظام الحاكم فى مصر. وقد كانت هذه الخطوة متوقعة منذ فترة من قبل المتابعين للتطور الإيجابى السريع للعلاقات المصرية الألمانية الرسمية خلال الأشهر الأخيرة والتى شهدت زيارات دبلوماسية عديدة ابرزها المشاورات المكثفة لوزير الخارجية سامح شكرى مع نظيره الألمانى شتاينماير فى برلين منذ إسبوعين. غير ان ما عجل بالإتصال والدعوة هو تقدير ألمانيا للجهود المصرية فى التوصل لوقف إطلاق النار والتهدئة بين إسرائيل وحركة حماس وثانيا رغبة المانيا فى تكثيف التعاون مع مصر فى مجال مكافحة إرهاب التنظيمات التكفيرية والجهادية التى تهدد إستقرار المنطقة بأكملها. وقد شهدت مباحثات شكرى وشتاينماير فى برلين إتفاقا مصريا المانيا على ضرورة وضع إستراتيجية متكاملة لمواجهة خطر داعش، كما أبدت المانيا خلالها انفتاحا على مسألة دعم مصر بإحتياجاتها العسكرية لمواجهة خطر الإرهاب، فضلا عن إعطاء العلاقات الإقتصادية بين البلدين دفعة خلال المرحلة اقادمة من خلال مؤتمر لتشجيع الإستثمار فى مصر وإنعقاد قريب للجنة التسيير المشتركة بين البلدين فى القاهرة. وقبل أن تجرى المستشارة الألمانية هذا الإتصال بالرئيس السيسى كانت قد اشادت فى اكثر من تصريح لوسائل الإعلام الالمانية بالجهود المصرية للتوصل إلى تهدئة فى غزة وقالت انها سعيدة بمبادرة الحكومة المصرية للوساطة فى هذا الصراع بل وطالبت قطر بأن تدعم الجهد المصرى والا تعمل فى إتجاه مخالف له. وفى لقاء مغلق لسياسى المانى بارز بممثلى الصحافة الأجنبية فى المانيا تمحور حول شرح دوافع سياسة برلين الخارجية ولكن لا يسمح للصحفيين المشاركين فيه نشر إسمه، أكد السياسى الألمانى أن إستعادة مصر دورها فى الملف الإسرائيلى الفلسطينى ليس وحده سبب إذابة الجليد فى العلاقات الألمانية المصرية ولكن هناك حاجة الآن لمصر بما لديها من خبرة وإمكانيات فى مكافحة الإرهاب كشريك إستراتيجى لمواجهة تهديد داعش. وتبدو تصريحات السياسى الألمانى المسئول عن ملف العلاقات الخارجية فى حزبه متسقة مع اعلنته الحكومة الألمانية نفسها فى البرلمان الألمانى منذ بضعة اسابيع حيث اكدت وزارة لداخلية الألمانية ان هناك مفاوضات جارية مع عدة دول فى الشرق الأوسط من بينها مصر لإبرام إتفاقية لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة. لذا فمن الواضح ان التعاون بين البلدين فى هذا المجال سيحظى بإهتمام كبير خلال المرحلة المقبلة وهو ما تم تناوله ايضا فى الإتصال الهاتفى بين المستشارة والرئيس المصري. وتزايدت فى الأونة الأخيرة التهديدات الإرهابية لألمانيا بشكل بات يؤرق منام المسؤلين الألمان، خاصة بعد ان كشت أجهزة الإستخبارات والأمن الداخلى فى ألمانيا أن هناك 400 المانى سافروا إلى سوريا للقتال هناك ضمن التنظيمات الجهادية قتل منهم اربعين حتى الآن وشارك خمسة على الأقل فى عمليات انتحارية! والخوف الأكبر من العائدين من هؤلاء إلى المانيا ويحملون الجنسية الألمانية. ومنذ إتخاذ برلين قرارها بالإنخراط فى القتال ضد داعش ولو بصورة غير مباشرة من خلال بتسليح قوات البشمركة الكردية بصواريخ مضادة للدروع والدبابات واجهزة رؤية ليلية وكشف عن الألغام ومداع رشاشة، اصبحت المانيا اكثر فى مرمى تهديدات التكفيريين الألمان أنفسهم مثل سيلفيو ك. الذى يحظى بشهرة واسعة ضمن التيارات الجهادية والسلفية المتطرفة وانضم مؤخرا للدائرة الضيقة المحيطة لزعيم داعش ابو بكر البغدادى ودعا الشباب الألمانى للهجرة إلى ارض الجهاد أو محارب الكفار فى المانيا من خلال عمليات انتحارية تستهدف قواعد امريكية او منشأت حيوية المانية! كذلك دينيس كوسبرت مغنى الراب الألمانى الشهير المعروف الآن بابوطلحة الألمانى الذى يعتبر مقربا للبغدادى والذى تنقل فى عدة محطات قبل إستقراره فى سوريا ابرزها مصر. ومن ضمن القيادات السلفية التى تؤرق اجهزة الأمن فى المانيا الداعية بيير فوجل الذى عاش ايضا فترة فى مصر. ويشير خبراء الإرهاب فى المانيا إلى أنه إلى جانب التعاون الإقليمى لمواجهة داعش فى العراقوسوريا فإن برلين تعول على تعاون ثنائى ايضا مع القاهرة لمراقبة تحركات وإتصالات الجهاديين الالمان او العرب مع اية جماعات او تنظيمات فى مصر قد تدعمهم.