أظهرت الدولة المصرية عزما وتصميما علي التصدي لصور الفساد وتطويقها، سعيا لاجتثاث أشكال الانحراف التي تحاول تكبيل مسيرتها، ولايجاد بيئة ومناخ ملائم للانطلاق إلي آفاق التنمية والتقدم، وتجلي ذلك بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسي أمس اجتماع اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة الفساد، بمقر هيئة الرقابة الإدارية، علي هامش الاحتفال بمرور50 عاما علي تأسيس الهيئة. وألقي الرئيس السيسي كلمة مرتجلة أكد فيها أن الدولة المصرية لديها الإرادة والعزيمة لمكافحة ظاهرة الفساد، مشيرا إلي أنها ظاهرة موجودة في بلاد العالم، لكنها تتفاقم في بلاد دون أخري، ومنها مصر، مرجعا هذا إلي جملة من الظروف الاقتصادية ومستوي التعليم، لافتا إلي أن مصر تمر بمرحلة انتقالية ويعد الفساد عرضا من أعراض تلك المراحل في حياة الشعوب والأمم. وتحدث الرئيس عن الأسباب التى تساعد على انتشار الفساد، وبدايتها سواء اختيار القيادات فى المناصب العليا وعدم انتقاء الأكفاء فى المؤسسات المختلفة، مشددا على ضرورة قيام الأجهزة المعنية بدورها فى إعداد قوائم بالعناصر النزيهة والكفوءة والوطنية، من خلال آليات واضحة لذلك، مضيفا أن الكتلة الكبيرة فى المجتمع لا تفسد، بل إنها تكافح الفساد ويتعين حماية هذه الكتلة، لأن هذا يثبت لأبناء الشعب أن هناك إرادة وأملا حقيقيا فى مكافحة صور الفساد. وخاطب الرئيس المسئولين: »ابحثوا عن الشاطرين والمخلصين والنجباء، شباب كفء ونزيه.. الأمم لا تتقدم إلا برجالها واختيار الأفضل.
وأشار السيسى إلى تأخر تشكيل الفريق الرئاسي، قائلا: البعض يسأل عن الفريق الرئاسي.. و»عشان اللى قلته ده، أنا أسبر وأفحص وأضع عيني، والكفء هاخده معايا بدون تردد.. ولن اسأل اسمه ولا جنسه ولا دينه«، وأضاف: مصر بإذن الله ستكون كبيرة قوي، غصبا عن الدنيا كلها.. الدنيا دى لها صاحب سلطانة نافذ علينا كلنا.. مهما كان التحدى والمخاطر، نكون مخلصين وأمناء وشرفاء، عندها نقدر نقول له: »ساعدنا.. وحيساعدنا«.
وشدد السيسى على أن التصدى للفقر هو خطوة جوهرية لمقاومة الفساد معربا عن أمله أن تكون مصر »رقم 1« فى هذا الدرب على مستوى العالم، متعهدا بعدم التدخل فى عمل الأجهزة الرقابية، داعيا إلى زيادة وتعميق التنسيق بين مختلف أجهزة ومؤسسات الدولة لعلاج أوجه القصور فى أدائها.
وأكد الرئيس أهمية احترام مؤسسة القضاء وأحكامها بوصفه جزءا أصيلا من استراتيجية مكافحة الفساد داعيا وسائل الإعلام إلى التريث فى تناول قضايا الفساد المعروضة على القضاء قبل أن يقول فيها القضاء كلمته، معتبرا أن محاسبة الفاسدين والمسئولين عن كل أنواع الفساد ضرورة للمجتمع، دون أن يؤدى هذا إلى »خوف المسئولين« عند اتخاذ القرارات وسياسة »الأيدى المرتعشة«، موضحا أن البرلمان المقبل سيأخذ على عاتقه مهمة مراجعة التشريعات المصرية، بما يحقق مصلحة الوطن والشعب.
وتطرق الرئيس لمشكلة الباعة الجائلين بوسط البلد حيث عبر عن عدم ارتياحه من بعض جوانب التعامل الحكومي، قائلا: «المكان مش مناسب.. ولا يليق أن يضع الناس بضائعهم على الأرض.. الناس دى وراها أسر تعولها..ولو ضاقت عليهم السبل سيتحولون إلى شيء آخر .. المكان لازم يتجهز كويس، ولازم نكون منصفين فى التعامل مع الناس الغلابة دول... محافظ القاهرة عمل 6 خطوط أتوبيس للمكان لكن ده مش كفاية، لابد أن يكون الإجراء شاملا ولا يترك صغيرة ولا كبيرة، وتجهيز الموقع بصورة لائقة.
وكان الرئيس قد توجه إلى مقر اجتماع اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة الفساد، بمقر هيئة الرقابة الإدارية، حيث استقبله المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء ومحمد عمر وهبى رئيس هيئة الرقابة الإدارية وأعضاء اللجنة التنسيقية وعدد من قيادات هيئة الرقابة.
وبدأ برنامج اللقاء بكلمة ترحيبية من مجدى أبو حسين أمين عام هيئة الرقابة، أعقبها تلاوة لآيات الذكر الحكيم، ثم كلمة لرئيس الهيئة رئيس اللجنة الفرعية التنسيقية لمكافحة الفساد، شدد فيها على أن مكافحة الفساد هى الشغل الشاغل للمصريين، وأن الفساد ليس مقصورا على طبقة معينة، مبينا أن الفقر والأمية من أخطر أسباب الفساد على الإطلاق، بالإضافة إلى أسباب أخري، واعترف بوجود ثغرات فى التشريعات، وطول فترة التقاضي، وعدم تحديد الواجبات للأفراد بدقة فى مؤسسات الدولة والمصالح الحكومية، ومما يفاقم الأوضاع انخفاض الرواتب والأجور وسوء توزيعها وضعف الرقابة الذاتية، والمركزية التى تتيح للفاسدين اتخاذ قرارات تحقق مصالح ذاتية أحيانا، فى ظل طمع »بعض« المسئولين مثلا فى تخصيص الأراضي، وكذلك ضعف شركات قطاع الأعمال، كما أن الفقر والثقافة الاجتماعية جعلا (الفساد الصغير) مقبولا باسم الإكراميات. وفى نهاية كلمته قدم رئيس هيئة الرقابة الإدارية درع الهيئة إلى الرئيس السيسي، بمناسبة الاحتفال بمرور 50 عاما على إنشائها.