مشاهد عدة خرجت من الإعلام الرسمي, إذا جمعناها سويا ستتكون أمامنا صورة للفوضي الشديدة التي تضرب في جنباته. الأول: لمراسل قطاع الاخبار بالمنصورة خلال انتخابات مجلس الشعب, الذي قدم بلاغا للنائب العام ووزير الإعلام علي الهواء من إهدار للمال العام لأنه في المنصورة منذ الصباح ولم يتستقبل القطاع منه أي رسائل لعدة ساعات. والثاني: لمخرج بقناة النيل للأخبار وقف وراء مذيعة الهواء رافعا يافطة مكتوب عليها' الحرية للنيل للإخبار'. والثالث: عندما أصر العاملون بقناة النيل للأخبار علي إذاعة الفيلم التسجيلي' إسمي ميدان التحرير' قبل الاحتفال بالعيد الأول للثورة, رافضين إذاعته يوم25 يناير بحجة أن الناس لن تكون في بيوتها وقت الاحتفال, وبالفعل حقق العاملون انتصارهم العظيم بإذاعة الفيلم في الوقت الذي حددوه. والرابع: عندما خرج مذيع برنامج' ستوديو27' علي الهواء منتقدا تجاوز قطاع الأخبار عن الوقت المخصص له وجوره علي الوقت المخصص للقناة الأولي وبرامجها. والخامس: عندما تظاهر العاملون بقناة القاهرة ضد لائحة الأجور, ومنعوا ضيوف برنامج' ستوديو27' من الدخول, واضطر المسئولون الي إعادة حلقة سابقة إنقاذا لوقت الهواء. هذه المشاهد مجتمعة تنقل لنا صورة عن مشكلات داخلية في العمل الإعلامي كان يستطيع أبطالها كتابة مذكرة لرؤسائهم عنها, أو التقدم ببلاغ للنائب العام مباشرة, أو المطالبة بإذاعة فيلم, أو تعديل لائحة الأجور, دون أن نتجاوز مرحلة الحرية الي مرحلة الفوضي. فما ذنب المشاهد لنشركه في خلافات داخلية في ماسبيرو, لا تعني له شيئا في النهاية, لأنه لا يهتم إلا بمضمون ما يقدم له علي الشاشة. وإذا كان بعض المتظاهرين والثوار قد يغيب عنهم الفرق بين الحرية والفوضي, فيقطعون الطرق والسكك الحديدية, فربما نلتمس لهم العذر, ولكن كيف نلتمس الاعذار لأناس من المفروض أنهم قادة للرأي العام؟ يبدو للأسف أن الكثيرين ليسوا في حاجة الي تدريب فقط, ولكن لإعادة التأهيل حتي نضع حدا للفوضي التي يشهدها الإعلام المصري من تصرفات بعض العاملين فيه. المزيد من أعمدة جمال نافع