طرد بريطانيا لمستشار السفارة الاسرائيلية يوم الثلاثاء الماضي والذي يعمل رئيسا لمكتب المخابرات الاسرائيلية بالسفارة متخفيا وراء صفته الدبلوماسية التي منحته الحصانة والكثير من المزايا الأخري. التي يستغلها لانجاز عمله الأصلي الاستخباراتي لم تكن هي الحالة الأولي في تاريخ العلاقات البريطانية الاسرائيلية. حيث قامت بريطانيا بطرد ثلاثة عشر دبلوماسيا إسرائيليا عام1987 لنفس السبب وكأن التاريخ يعيد نفسه بعدما يقرب من ربع قرن أو بعد ثلاثة وعشرين عاما تحديدا بعد أن اكتشفت حكومة مارجريت ثاتشر أن اسرائيل قامت بتزوير جوازات سفر بريطانية لاستخدامها في أعمالهم الاستخباراتية وقررت ثاتشر طرد هؤلاء الدبلوماسيين وإيقاف وتجميد جميع أنواع التعاون الأمني من بريطانيا وأجهزة الأمن الاسرائيلية الثلاثة وعلي رأسها الموساد, واستمر هذا التجميد في العلاقات الأمنية طيلة أربع سنوات كاملة إلي أن قامت الولاياتالمتحدةالأمريكية بممارسة بعض الضغوط علي بريطانيا لرفع هذا الخطر والتجميد, وبالفعل بدأ التعاون الأمني بين البلدين. وقد أعلنت بريطانيا علي لسان وزير خارجيتها ديفيد ميليباند أن ضابط المخابرات الاسرائيلي المطرود من السفارة الاسرائيلية في بريطانيا متورط في عملية جوازات السفر البريطانية الاثني عشر المزورة وعملية التزوير. تتم عادة بإحدي طرق ثلاثة.. الطريقة الأولي هي تغيير في الاسم فقط مع الابقاء علي باقي بيانات الجواز مع تغيير الصورة بصورة المستخدم الجديد للجواز, أما الطريقة الثانية فتعتمد علي تغيير جميع بيانات الجواز ومعها الصورة والطريقة الأخيرة هي الإبقاء علي جميع بيانات الجواز, كما هي وتغيير الصورة فقط وهو الاسلوب الذي اتبعه الموساد في الجوازات البريطانية التي استخدمها المنفذون في عملية اغتيال محمود المبحوح في دبي مؤخرا. وحول قضية طرد الاسرائيلي وماذا يعني ذلك في العرف الدبلوماسي, أجاب اللواء سامح سيف اليزل رئيس مركز الجمهورية للدراسات والأبحاث السياسية والأمنية أن بعض وسائل الاعلام تداولت ما ذكره وزير الخارجية البريطانية عن علاقة ضابط المخابرات الاسرائيلي بالجوازات المزورة بأنه هو الذي قام بتزوير هذه الجوازات داخل السفارة الاسرائيلية بلندن إلا أن المحللين الأمنيين المتخصصين ذكروا أن الجوازات قد تم تزويرها في قيادة الموساد بتل أبيب, ثم أرسلت داخل الحقائب الدبلوماسي المغلقة بعناية فائقة إلي السفارة الاسرائيلية بلندن الذي قام بتسليم الجوازات إلي أفراد المجموعة المنفذة للعملية إضافة إلي تلقينهم بالتعليمات النهائية للعملية قبل مغادرتهم لندن إلي دبي عن طريق دولة ثالثة وسيطة للبعض منهم, أما البعض الآخر فكانت رحلته مباشرة إلي دبي. ضابط المخابرات الاسرائيلي المطرود كانت له واجبات أخري تتلخص في تأمين هؤلاء الأفراد داخل بريطانيا والتأكد من أنهم غير مراقبين أو متابعين من أي جهة أخري خاصة أجهزة الأمن البريطانية بجميع أنواعها وتسليمهم الأدوات والمعدات التي تدربوا عليها لإستخدامها في العملية من إبلاغ قيادته في تل أبيب بتمام تنفيذ هذه الاجراءات. وبالرغم من أن العرف الدبلوماسي جري بين الدول أنه في حالة طرد دبلوماسي لدولة ما فإن الدولة المطرود لها دبلوماسيها تقوم علي الفور بطرد دبلوماسي الدولة الأخري وهو الأمر الذي لم يتم في هذه الحالة, والذي يتضمن عدة معان من الاعتراف بالخطأ والجرم الذي اقترفته اسرائيل ويعني أيضا وسيلة إعتذار يفهمها العالم بأسره, كما يعني اعتراف اسرائيل بفعلتها, وأنها التي قامت باغتيال المبحوح علي خلاف التصريح الذي أدلي به وزير خارجيتها ليبرمان في ذات يوم الاعلان عن منفذي جريمة الاغتيال. وجنسياتهم بأن اسرائيل والموساد ليس لهما أية علاقة من قريب أو بعيد بمقتل المبحوح في دبي وهو شاهد جديد علي عدم صدق وزير الخارجية الاسرائيلي اليميني المتطرف. وتنوي خمس دول أوروبية بالاضافة لاستراليا أن تتخذ نفس ما فعلته بريطانيا وتقوم باتخاذ اجراءات عقابية ضد اسرائيل لتزوير جوازات سفر لهذه الدول أيضا ومن المتوقع القيام بذلك خلال الأيام القليلة المقبلة. كما تنوي دول الاتحاد الأوروبي التعجيل باصدار الجيل الجديد من جوازات السفر ضمانا لعدم تزويرها وهي التكنولوجيا التي يطلق عليها جوازات السفر البيولوجية, علي أن يتم التعجيل بإصدارها في حدود من خمس إلي ثماني سنوات, بدلا من إثنتي عشرة سنة حسب ماكان مخططا لها من قبل وتعتمد هذه الجوازات علي إثبات بصمة قزحية العين علي الجواز, بالاضافة إلي بصمات اصبعي الابهام الأيمن والأيسر وصورة للعلامات والندبات الموجودة في الوجه كل هذه البيانات ستوضع في الجواز إلي جوار البيانات الأساسية والصورة ووسائل التأمين المختلفة للجواز, وهناك إضافة لاتزال تحت الدراسة وهي وضع شريحة الكترونية رقيقة للغاية يتم زرعها داخل صفحة البيانات عليها كل المعلومات سالفة الذكر كوسيلة تأمين تؤكد تطابق المعلومات المدونة في الجواز مع المعلومات الموجودة بذاكرة الشريحة والتي يستدعي تقييد وتعديل المعلومات الموجودة عليها بنزعها من الورقة المطبوخة بداخلها أي تدمير هذه الورقة ويعني هذا في النهاية استحالة تزوير الجواز البكتريولوجي الجديد بعد إصداره ومن المتوقع أن يتم استخدام هذا الجواز في العديد من الدول الاخري خارج الاتحاد الأوروبي أيضا. يبقي أن نذكر أنه عندما تتقدم مائير ماجان بخطة اغتيال المبحوح للحصول علي موافقة نيتانياهو للبدء في التنفيذ ذكرت بعض وسائل الاعلام الاسرائيلية أن نيتانياهو ناقش فكرة خطف محمود المبحوح وإحضاره لاسرائيل ليتم محاكمته بتهمة خطف وقتل جنديين اسرائيليين وإعدامه ليكون ثاني شخص يعدم في تاريخ اسرائيل بعد حالة الاعدام الوحيدة التي تمت علي أدولف أيجمان النازي الذي عمل مع هتلر وأعتبرته اسرائيل أحد المسئولين عن معسكرات الاعتقال التي كان بها اليهود آنذاك وقامت الموساد بخطفه عام1960 من الارجنتين بعد رحلة بحث استغرقت قرابة الاثنتي عشرة سنة وأعدم عام1962 وكان نيتانياهو يرغب في تكرار هذه العملية مع المبحوح إلا أن الرأي قد استقر في النهاية علي اغتياله في دبي وصدق نيتانياهو علي العملية.