الولايات المتحدة دولة عظمي, لها مصالحها علي امتداد العالم بأسره, والشرق الأوسط في القلب منه, وطبيعي أن تكون لها أذرع وأطراف ممتدة هنا وهناك لحماية هذه المصالح.. وطبيعي أيضا أن تحرص مصر كدولة محورية في هذا الاقليم علي بقاء دورها المميز الذي يحقق مصالحها العليا, وهو ما قد يعرض العلاقات بين الدولتين لبعض التوترات إذا تعارضت هذه المصالح, خاصة بعدما أنتقل القرار السيادي للشعب المصري, ولم يعد في يد فرد, سواء عبدالناصر أو السادات أو مبارك. وقد تحمسنا جميعا اثر الاعلان عن وجود جماعات أمريكية تعمل في مصر, خارج الاطار القانوني, تحت مسمي حقوق الانسان, والتدريب علي التحول الديمقراطي, واشتعل غضب المصريين بالطبع جراء الكشف عن الاتفاق الهائل بمئات الملايين من الدولارات علي هذه الانشطة التي ارتبطت في أذهاننا بأحداث العنف التي قادها الناشطون المصريون تحت لواء هذه الجماعات مع زملائهم الامريكان, وزاد من غضبهم أن هذه الملايين كانت تلتهم الجزء الاكبر من الجانب النقدي للمعونة الامريكية السنوية. إلا أن كل تلك المشاعر الغاضبة والمطالبة بالاستغناء عن المعونة وحض المصريين علي جمع قيمتها حفاظا علي الكرامة الوطنية من الابتزاز والتهديد بقطعها ما لم يتم الافراج عن الموظفين الامريكان المقبوض عليهم رهن التحقيق, أقول لهم إن كل ذلك لاينبغي أن يجعلنا نفقد الموضوعية في التعامل مع الحدث, ولننتظر كلمة القضاء المصري الشامخ المستقل, بعدها يكون لكل حدث حديث, فإما نطالب نحن بقطعها, وإما تدرك الإدارة الأمريكية وشعبها أنهم هم المستفيدون من تقديمها لمصر, ومن ثم تتوقف عن التدخل في شئوننا. وأخيرا فإن علينا التفرقة بين المواطن الامريكي العادي وبين الساسة الذين تمسك إسرائيل بزمام قيادتهم جميعا, جمهوريون وديمقراطيون, في الكونجرس أو الادارة الحكومية وحتي رئيس البلاد.. فالامريكان مثل كل الشعوب الحرة منصفون في غالبيتهم, وقد ذكرت صحيفة( كريستيان ساينس مونيتور) الامريكية مقالا جاء فيه أن الشعب الامريكي أو أي شعب أوروبي غربي وادارة أوباما نفسها لم تكن لتسمح أو تتسامح أبدا مع أي منظمات مماثلة تعمل علي أراضيها وتقدم دعما ماليا أجنبيا للأحزاب السياسية والحملات الانتخابية, ووصفت الصحيفة سلوك الإدارة الأمريكية والكونجرس حيال هذه الازمة بالنفاق! [email protected] المزيد من أعمدة عصام عبدالمنعم