استعرنا هذا العنوان من المسلسل الشهير ما قل ودل. فهو يختصر الموضوع إذا أردنا ان نتحدث عن جحا فى تراث الشعب المصرى ووجدانه. وهو يختلف عن جحا العربى وجحا التركى, إذ تم استيعابه وهضمه وإعادة ضخه فى الأمثال الشعبية المصرية, وتم تمصيره بروح هذا الشعب وعبقرية عاميته. يقول أحمد أمين فى كتابه “قاموس العادات والتقاليد والتعابير المصرية”: ليس يهمنا إن كان جحا شخصا تاريخيا أو خرافيا, تركيا او مصريا,فهو على كل حال شخصية فى أذهان المصريين,من أهم عناصرها أنها مضحكة حكيمة. وفى كتابه “جحا العربى: شخصيته وفلسفته فى الحياة والتعبير” يفرد الدكتور محمد رجب النجار بعض الصفحات لجحا المصرى, متناولا أولا مجموعة من التعابير التى صارت جزءا من الحديث اليومى للمصريين, مثل “بيت جحا” (أى مكان يتوه فيه من يدخله), و”مسمار جحا”, كناية الحجة الخبيثة لكنها مفضوحة لإعادة امتلاك ما تم التخلى عنه, و”بوابة جحا”,وهى بوابة فى الصحراء تفضى إلى فراغ مطلق,و”حلة جحا”,إشارة إلى نوادره التى تنم عن خبثه ودهائه. والنوادر مشتركة بين جحا المصرى وجحا العربى الإسلامى, إلا أن التعابير والأمثال المصرية لها مذاق مصرى خاص, وقد ذكرنا بعض التعابير التى أوردها الدكتور النجار فى كتابه القيم, ونستعير منه أيضا هذه الأمثال: جحا أولى بلحم طوره جحا طلع النخلة خد بلغته وياه زي بوابة جحا وَسَع على قلة فايده قالوا صباح الخير يا جحا قال دنا لسه سارح قالوا يا جحا امتى القيامة تقوم قال لما أموت أنا قالوا يا جحا إيه أحسن أيامك قال لما كنت أعبي التراب في الطاقية قالوا يا جحا عد غنمك قال واحده نايمه وواحده قايمة قالوا يا جحا عد موج البحر قال الجايات أكثر من الرايحات قالوا يا جحا فين بلدك قال اللي فيها مراتي قالوا يا جحا فين مراتك قال بتطحن بالكِرا(أى عند الناس بالأجر) وطحينك؟ قال كريت عليه (أى استأجرت من يطحنه ) قالوا كنت خلى مراتك تطحن قالوا يا جحا بقرة ابوك خدوها الحرامية, قال هى عند الحرامية زى عند ابويا قالوا يا جحا مرأة أبوك بتحبك قال اتجننت كون في أول السوق يا جحا ولو بقص اللحى. ومن يتأمل هذه الأمثال وهو على دراية بنوادر جحا المذكورة فى كتب التراث العربى الفصيح يكتشف بسهولة أنها كلها تقريبا تلخيص وتكثيف لتلك النوادر, فى سطر بدلا من صفحة أو صفحتين, وهذا أحد أسرار جمال أمثالنا الشعبية.