شخص ما يسرع الخطى بارتباك واضح عندما يفاحأ بظهور سيارة دورية الشرطة، ثم ينحنى في سرعة خاطفة ليخفي شيئا ما في جوربه ثم يحاول السير عشوائيا في أي اتجاه بعيدا عن السيارة أو إظهار التماسك مع الأتظام بخطوات ثابتة. المشهد كان معتادا أمام الضابط المسئول عن متابعة الحالة الأمنية أعلى الطريق الدائري في نطاق قطاع أمن القاهرة، فانحرف بالسيارة جانبا ليقف أمام الشخص الذي كان يزدرد ريقه بصعوبة، عندما سأله الضابط عما أخفاه في جوربه. بالطبع لم يصدق الضابط محاولات الإنكار المستميتة وأعظم الأيمان بأن هذا الشاب الملتحي لم يخف شيئا في جوربه ولكن أمام إنذار الضابط بلهجة حادة بأنه سيضطر لتفتيشه بنفسه ما لم يخرج ما أخفاه، انحنى الفتى بانكسار واستسلام ليكشف سر ما خفي. قال الضابط: كنت أظaن أنه أخفي قطعة أفيون أو حشيش أو أي شيء يضعه تحت طائلة القانون وكان أقصى ما في خيالي أنني سأرى شخصا يبدو من هيئته أنه متدين وبحيازته مخدرات في واقعة ليست تقليدية وقد كان ذلك بعد عدة أيام من فض اعتصام ميدان رابعة العدوية ولكننى فوجئت بأن ما سارع بإخفائه هو كارت ميموري "بطاقة ذاكرة تليفون محمول" ولما كان الشاب يمسك بيده الأخرى هاتفه المحمول فقد كان لابد من الاطلاع على ما في الكارت خاصة أن الأمر بدأ يتخذ منحنى آخر مع طبيعة الشيء المضبوط. وعلى الكارت كانت توجد مجموعة من الصور شأن أي موبايل حديث، ورحت أقلب الصور أمامه وهو في غاية الارتباك وهو ما دفعنى لتفحص الصور جيدا وكانت المفاجأة مدوية عندما وجدت صورة لجثة ملفوفة بالكفن لشخص وجهه مكشوف، فلما دققت النظر في الصورة إذا هو نفس هذا الشخص الواقف أمامي صورة طبق الأصل وله صور أخرى وسط جثث أخرى ملفوفة بالأكفان!. وتحول المشهد لما يشبه الكوميديا السوداء، لكنى لم اتمالك نفسي من الضحك وأنا أقول له: إنها المعجزة الكبرى من سلسلة معجزات اعتصام رابعة، فها هم شهداء رابعة قد دبت فيهم الروح ويسيرون أحياء يرزقون على الطريق الدائري. وما هي إلا لحظات من إخطار قيادات الأمن، فإذا باعترافات "الشهيد الرابعاوي الحي" تتوالى بأنه كان ضمن مجموعة من الشباب يتبادلون التقاط الصور بالأكفان لنشرها على مواقع التواصل على شبكة الإنترنت على أنها التقطت لشهداء اعتصام رابعة!.