يدق القلب للمرة الأولى فى فترة خطيرة جداً.. فترة المراهقة، فيها يقع المراهق فى حيرة.. ويسعى بكل طاقاته ليفسر ما يشعر به تجاه من يحب.. وهى بالتأكيد مراهقة فى مثل عمره.. ويتساءل، أهو حب أم إعجاب؟.. أم هى مجرد مشاعر تداعب قلبه أثناء انتقاله من مرحلة الطفولة إلى مرحلة النضج والشباب؟ ما هو أثر الحب وتداعياته علي حياته؟ وكيف يتصرف الآباء مع ابنهم المراهق الذى يعانى العشق والهوى؟ البداية عند د.عادل المدنى أستاذ الطب النفسى بكلية الطب جامعة الأزهر.. يقول: عادة ما يتميز حب المراهقة بدرجة عالية من النقاء ولكنه رغم ذلك لا يتعدى كونه مشروع حب أكثر منه حب حقيقى بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وهو يجارى بطبيعته هذه طبيعة المراهقة التى هى تحديداً فترة انتقالية بين الطفولة والبلوغ، حيث لا يزال المراهق فى طور التفتيش عن هويته والسعى إلى تحقيقها عبر تعثر واضطراب ومعاناة، فلابد أن يأتى حبه على شاكلته. خطأ التهكم ومن الخطأ هنا التعامل بسخرية وتهكم أو قمع مع حب المراهقة، فما حب المراهق إلا عامل من عوامل نضجه وتعبير عن حركة الحياة التى تشق طريقها عبره بما تعنيه من شوق إلى التواصل والمشاركة والإبداع والإنتعاش، وكلما تقدم المراهق في طريق النضج كلما أتيح لحبه أن يزداد نضجاً. ولكن هل من الممكن أن ينضج حب المراهقة ويقوى؟ يقول أستاذ الطب النفسى: الحب الناضج يذهب إلى أبعد من خبرة الحب وما تمنحه من أمان نفسى ليبدأ المحب التركيز على شخص المحبوب مصدر هذا الأمان، ومن هنا تنبع عدة سمات يتميز بها الحب الناضج منها الرغبة فى مشاركة الآخر حياته بما يقتضيه ذلك من تخطيط لمستقبل مشترك، ومنها رعاية موضوع الحب والاهتمام الفعلى بكل ما يخدم حياته ونموه على كل الأصعدة والشعور بالمسئولية حياله واحترام وجهة نظره ليحقق ما يريده هو وليس ما نريده نحن، وأخيراً الرغبة فى تعميق العلاقة بينه وبين الطرف الآخر ومدها فى الزمن بالوفاء له والحرص دائماً إلى التعرف إليه التعرف عليه على أكمل وجه، وهذا الحب الناضج مرشح أن يبرز إلى دنيا الواقع إذا ما تحرر المراهق من انهماكه القلق بذاته. الشعور بالمسئولية لكن كيف يرى علم الاجتماع الحب الأول فى حياة المراهقين؟ تحدثنا عن ذلك د.زينب شاهين أستاذة علم الإجتماع وخبيرة التنمية البشرية فتقول: إن الظروف الإجتماعية والثقافية تكمن وراء شغف الشباب بالحب ويجب عليه رغبة ملحة لديهم، لذلك فقد يندفعون لإشباع هذه الرغبة بطرق غير مدروسة وأحياناً غير مشروعة، بمعنى أن يسعى المراهق إلى خوض تجربة عاطفية دون أن يتأكد من صدق مشاعره ودون أن يفكر إلى ما تنتهى إليه هذه العاطفة، ومن ثم يكون مصيرها الفشل غالباً لأنها تقوم على خبرات ساذجة اكتسبها بطريقة سطحية إلا أنها تظل أكثر تعلقاً بالذهن. صداقة مع الأبناء أما عن دور الآباء فى التعامل مع حب المراهقين فتقول: لابد من خلق صداقة مع الأبناء وذلك من خلال أن يستعيد الآباء مشاعر المراحل العمرية التى يمر بها الأبناء،وذلك بعودة شريط زكرياتهم عندما كانوا صغارا ومروا فى مثل عمرهم بتجارب حب بريئة حتي تتقارب المسافات فيما بينهم ليتمكنوا من توجيه أبنائهم إلى السلوك الرشيد، لإدراكهم من خلال تجاربهم السابقة أن الحب عاطفة لابد أن تكون مرتبطة بالعقل، ولا يوجد ما يسمى بالحب من أجل الحب، لأن لكل شىء هدفاً، فغالباً ما تتسم مرحلة المراهقة بالرومانسية المفرطة والرغبة فى إثبات الذات. وبالتالي نجد الشخص يندفع فى مشاعره ويحاول إسقاط أحلامه على شخص يعتقد فيه الكمال، ويعتقد كل طرف أن الحب أقوى من أى فروق إجتماعية أو ثقافية وحتي مادية. لذا فلابد للأبوين أن يوضحا لأبنائهما أن الحب مسئولية كبيرة من أهم سماتها الصدق في المشاعر والأمانة مع الطرف الآخر وعليه أن يشرح له شيئين مهمين أولهما: أن الحب لا نحصل عليه فقط، بل يجب أن نكون قادرين علي منحه للآخرين، كما يجب أن يعرف أن الحب لا يعطي جزافاً كما تعطيه الأم بل يجب أن نستحقه كي يمنح لنا، مثل حب الأب المشروط عادة بالأفعال الجيدة التى يفرضها علي أبنائه، وبالتالي يترسخ بداخله أن المجتمع لا يعطينا الحب إلا إذا كنا جديرين به وسعينا إليه.