رئيس جامعة القناة يوجه بتوفير الدعم الكامل للطلاب ذوي الهمم    البابا تواضروس يصلي القداس الإلهي ب كنيسة «العذراء» بأرض الجولف    أسعار العملات العربية في ختام تعاملات السبت 24 مايو    النفط يسجل خسارة أسبوعية وسط ضغوط محتملة من زيادة إنتاج «أوبك+»    حكومة غزة: استشهاد 9 أطفال أشقاء نموذج دامغ على جرائم الاحتلال    تركيا ترحب برفع العقوبات الأمريكية والأوروبية عن سوريا    مركز الساحل والصحراء يعقد مؤتمرًا عن "الإرهاب فى غرب أفريقيا".. صور    تشكيل حرس الحدود لمواجهة سيراميكا في الدوري    إصابة نجم يد الزمالك بقطع في الرباط الصليبي للركبة    مصرع عنصر إجرامي وضبط آخرين في مداهمات أمنية لمطلوبين في أسوان    بدء امتحانات الفصل الدراسي الثاني ب8 مدارس فنية للتمريض بالإسكندرية    تأجيل محاكمة أكبر مافيا لتزوير الشهادات الجامعية    سارة التونسي تستعد لعرض مسلسل «مملكة الحرير»    فرقة الغنايم تقدم «طواحين الهوا» على مسرح قصر الثقافة    محمد رمضان ينشر صورة من كواليس فيلمه الجديد «أسد»    موعد افتتاح المتحف المصري الكبير 2025.. هل يوافق إجازة رسمية؟    هل يقصد أحمد السقا؟.. طارق الشناوي: نجم فقد توازنه العقلي وكشف خصوصياته    الوحيد من نوعه.. تشغيل جهاز القسطرة المخية بمستشفى سوهاج الجامعي    وزارة الأوقاف الأردنية تحتفي بوداع حجاج المملكة إلى الديار المقدسة    تأجيل محاكمة متهمي اللجان النوعية    وزير البترول يتفقد المجمع الحكومي للخدمات الذكية خلال جولته بالوادى الجديد    "ملكة جمال الكون" ديو يجمع تامر حسني والشامي    ملك المونولوج.. ذكرى رحيل إسماعيل ياسين في كاريكاتير اليوم السابع    مصر للتأمين تفتح باب التقديم لبرنامج التدريب الصيفي لعام 2025    كونتي ضد كابيلو.. محكمة تحدد المدرب الأفضل في تاريخ الدوري الإيطالي    هيثم فاروق: بيراميدز الوحيد الذي نجح في إحراج صن داونز بدوري الأبطال    بمشاركة منتخب مصر.. فيفا يعلن ملاعب كأس العرب    ذا أثليتك: أموريم أبلغ جارناتشو بالبحث عن نادٍ جديد في الصيف    محمد صلاح يعادل إنجاز رونالدو وهنري ودي بروين    محافظ الإسماعيلية ووزير الرياضة يشهدان لقاء القيادات الشبابية بمعسكر القرش (فيديو وصور)    النزول من الطائرة بالونش!    اتحاد الصناعات: الدولة تبذل جهودا كبيرة لتعميق صناعة حديد التسليح محليًا    سيد عطا: جاهزية جامعة حلوان الأهلية لسير الاختبارات.. صور    النائب مصطفى سالمان: تعديلات قانون انتخابات الشيوخ خطوة لضمان عدالة التمثيل    تسجل 44.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس في مصر: موجة شديدة الحرارة تضرب البلاد ل48 ساعة    سقوط عدد من "لصوص القاهرة" بسرقات متنوعة في قبضة الأمن | صور    وزيرة التنمية المحلية تعلن انتهاء الخطة التدريبية لسقارة للعام المالي الحالي    وزير الداخلية اللبناني: الدولة لن تستكين إلا بتحرير كل جزء من أراضيها    يديعوت: تأجيل تفعيل آلية توزيع المساعدات الأميركية في غزة لأسباب لوجستية    القوات الروسية تسيطر على 3 بلدات في شرق أوكرانيا    بيرو تفتح تحقيقاً جنائياً بحق جندي إسرائيلي بعد شكوى مؤسسة هند رجب    المرصد الأورومتوسطي: إسرائيل تصعد سياسة التهجير والتجويع تمهيدًا لطرد جماعي للفلسطينيين    محافظ قنا يكرم باحثة قانونية لحصولها على الدكتوراة في العلوم السياسية    خالد يوسف: «السينما فن جماعي.. والجمهور حر يختار ويُقيّم دون وصاية».. فيديو    المانجو "الأسواني" تظهر في الأسواق.. فما موعد محصول الزبدية والعويسي؟    رئيس الوزراء يفتتح المقر الرئيسي الجديد لهيئة الإسعاف    نائب وزير الصحة يبحث مع وفد منظمة الصحة العالمية واليونيسف تعزيز الحوكمة ووضع خارطة طريق مستقبلية    جامعة كفر الشيخ تسابق الزمن لإنهاء استكمال المنظومة الطبية والارتقاء بالمستشفيات الجديدة    مباشر.. أسرة سلطان القراء الشيخ سيد سعيد تستعد لاستقبال جثمانه بالدقهلية    التشكيل الرسمي لصن داونز أمام بيراميدز بذهاب نهائي دوري الأبطال    براتب 20 ألف جنيه.. تعرف على فرص عمل للشباب في الأردن    رئيس جامعة الأزهر: القرآن الكريم مجالًا رحبًا للباحثين في التفسير    خلي بالك.. رادارات السرعة تلتقط 26 ألف مخالفة في يوم واحد    فتاوى الحج.. ما حكم استعمال المحرم للكريمات أثناء الإحرام؟    حكم طلاق الحائض عند المأذون؟.. أمين الفتوى يُجيب    الداخلية تضبط المسئول عن شركة لإلحاق العمالة بالخارج لقيامه بالنصب    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 24-5-2025 في محافظة قنا    هل يجوز الحج عن الوالد المتوفي.. دار الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحية إلى شهداء غزة
قصيدة المقاومة ليست عورة
نشر في الأهرام اليومي يوم 10 - 08 - 2014

من "سجل أنا عربى " إلى "هزمتك يا موت الفنون جميعها"، يمكن تلخيص سيرة محمود درويش فى سفر المقاومة فبينما كانت صرخته الأولى مدوية توازى صوت البندقية، كانت صرخته الأخيرة عميقة كمجرى نهر يكتب الحياة.
وهكذا يجب ان نقرأ قصيدة المقاومة باعتبارها تخليدا للحياة وبوابة لرسم ملامح الخلود، فالفنون التى هزمت الموت نفسه فى مصر والعراق يمكنها ان تكتب الخلود فى فلسطين .. وهكذا يمكننا قراءة سيرة محمود درويش شاعر المقاومة الاكبر فى التاريخ الشعرى العربى بعامة والفلسطينى بشكل خاص . فهو كان ابن لحظته التاريخية فى بداية مشواره الفنى والجمالي، عبر عن قضيته وقضية شعبه المحتل بصوت صارخ فى البرية، لكنه ابدا لم يكن يكتب نصا رديئا يتكىء على رصاص المقاومة ليبقى، بل يتكيء على ايقاع الموسيقى والفنية العالية ولذلك سرعان ما أدرك الشاعر الكبير ان المقاومة ليست صرخة فى وجه المحتل فقط ، بل صرخة عميقة من اجل الحياة وضد القبح ايا كان شكله تحية الى شاعرنا الكبير فى ذكرى رحيل جسده فدرويش هزم الموت بفنه كما هزمت فلسطين الكيان الصهيونى ببقائها حية ولسوف تحيا..
وتزامنا مع العدوان الإسرائيلى الأخير على غزة ، وفى الذكرى السادسة لرحيل درويش، طرحنا سؤال المقاومة والقصيدة على عدد من الشعراء والكتاب العرب..

هل عادت قصيدة المقاومة الى المشهد مع العدوان الصهيونى على غزة ام انها باتت عورة جمالية يهرب منها الشاعر وتفر منه القصائد الحقيقية.
ماهى المقاومة الحقيقية وهل هى بحاجة الى قصائد تدعمها؟وكيف يدعم الشاعر المقاومة؟
فأكد الجميع أن قصيدة المقاومة ليست عورة ولكن يجب أن تكون قصيدة حقيقية بالأساس وليست مجرد نشيد يأخذ قيمته من صراخ المعارك.
لحظة فارقة
فى شهادته يقول الشاعر الفلسطينى زكريا محمد : يظل الشعر شعرا.. قد تأتى لحظة متفجرة تحول القصيدة إلى نشيد. وقد تكون هذه اللحظة قصيرة أو طويلة نسبيا. غير أن الشعر يعود بعدها إلى طبيعته الأصلية. "شعر المقاومة" هو هذه اللحظة التى تتحول فيها القصيدة إلى نشيد.
بعض الشعراء لا يتقنون العمل فى هذه اللحظة: أى لا يتقنون تحويل قصيدتهم إلى نشيد، وبعضهم يعرف كيف يفعل ذلك. أنا واحد من الذين يستصعبون ذلك، يستصعبون كتابة النشيد.
بالطبع للشعر "مقاومته" الأصلية. إنها مقاومة غايتها الإحساس بالطبيعة والكون وكائناتها. أى الإحساس بالزهرة والجناح والعين والاصبع والحجر، والكشف عن حركتها، عن ضوئها وعتمتها. وهذا هو ما يهم الشعر أساسا. أقصد أن للشعر مهمات أصلية ومهمات فرعية طارئة. والشعر مشغول عادة بمهماته الاستراتيجية، الأصلية.
وماذا عن الشاعرالمقاوم ؟
ثمة فرق بين الشاعر وقصيدته. لكل واحد منهما مهمته. بالطبع على شاعر أرضه محتلة مثلا أن ينخرط فى المقاومة، وأن يكون جزءا منها. عليه أن يكتب وأن يتظاهر، وربما أن يسجن. لكن هذه مهمة الشاعر، لا مهمة الشعر. الشعر يحدد جدول أعماله بنفسه. لا أحد يفرض عليه ذلك. أو قل إنه يتبع جدول أعمال قديما جدا، وضع قبل آلاف السنوات، وهو لا يتخلى عنه. الشعر مشغول بالكون وبالإنسان. هذا هو جدول أعماله.
بالطبع، هذا لا يعنى أن يقوم الشاعر أحيانا بالمهمات الطارئة، مهمات كتابة النشيد. لكن هذا عمل ضرورى فى لحظة عابرة. ثم يعود بعدها كل شيء إلى أصله.
وعد المقاومة
للشعر شكل، أو أشكال عدّة، لكن هل يمكن للشاعر أن ينسى أو يتناسى ضميره وهو يكتب، وهو يرى ويسمع، يطرح الشاعر المصرى محمد عيد ابراهيم هذا السؤال ثم يقدم الاجابة فى شهادته قائلا :الضمير هنا مرادف الوعى والالتزام، لا بالمعنى القديم، بل بصورة المثقف العضويّ الذى عليه دور يجب أن ينخرط فيه، كقاطرة تسحب الوعى إلى الصواب، ونور يستدير إليه الناس صوب الحقيقة. لكن الشاعر يهضم الطارئ ليسرى فى بدن قصيدته، فلا يظهر كزائدة مهملة، يجوز بترها، فقد لا يبدو الطارئ إلا بعد حين، مع أنه ليس بقانون، فهناك محاولات من قِبل شعراء للكلام عن الطارئ، المهم أن نرى فناً فيما يُقال ومقالاً يستحقّ أن نشير إليه.
فيما يخصّ موضوع غزة، فمن لم ير ما يجب أن يُرى، فهو بمثابة مرآة محطّمة، ليس لأحد أن يرى فيها شيئاً، فالمقاومة روح من روح الله فى الخلق، فما بالك بالشاعر، يقول دوستويفسكى "إن الشعر هو من سينقذ العالم"، ويقول طرفة بن العبد "له سببٌ يرعى به الماء والشجر"، ويقول نوفاليس "الشعر يفتح نجوماً لانهائية تصل إلى ما وراء النجوم"، ويقول لوركا "ما الجمال إلا بيان أول الرعب"، ويقول هيرمان هيسه "يا شعر، هل صادفتَ يوماً هذه الرقصة الضارية؟"، ويقول أنسى الحاج "أيكون الشعر نسراً وعلاؤه مرفوعٌ بدم القتلى؟"، إلخ. قصيدة المقاومة، إذن، هى فى كلّ ما يسطّره الشاعر، قد تكون المقاومة جمالية، أو إنسانية، أو صوفية، ففى الجمالية التمرّد على كلّ شكل سائد نحو الطريف والجريء، وفى الإنسانية العلوّ على كلّ مذهبيّ وطائفيّ والانتصار لكعب الإنسان أينما هو، وفى الصوفية أن يتخلّل الشعرَ روح الله فى كلّ آن. ومن لا يمسى وراء الحقيقة فسيطارده الباطل فى مِخياله أين سار، ويملك عليه أركان وجوده، ويصبح الهشيم مصيراً لما يكتب، أقصد هنا أن يلتزم بوعد المقاومة فى أن يناصر بشعره ما يراه حقاً، لا يخاتل إرضاءً لأيّ سلطة، أو يناور، أو يتلوّن، فالمقاومة هى المسبار الذى سيخترق الظلام إلى نور الأمل ولو رأيته أغبش فى بعض الأحيان.
تبدل الأزمنة
قصيدة المقاومة الآن هى غير قصيدة المقاومة أمس كما يرى الشاعر العراقى حمدان طاهر المالكى ، وذلك يرجع فى رأيه الى تغير ذائقة المتلقى العربي،بسبب الظروف التى مر بها العالم العربى من حروب ودمار وعبثية وجهل.. "وأجزم بأن الانسان العربى باتت لاتؤثر فيه كثيرا القصائد مثل قبل . لقد كان العدو واضحا مثل بقعة دم على قميص أبيض أما الآن فلقد خلقت لنا الصهيونية ودوائر الاستكبار العالمية ومشايخ الرمل أعداء كثرا وأصبحنا نتلفت يمينا ويسارا من أعداء داخل الوطن الواحد. وبسبب الجهل الذى أصاب أمة العرب فى السنوات العشرين الأخيرة، علاوة على سيطرة فضائيات مهمتها صناعة الخبر والصورة وقلب الحقائق ربما كانت قصيدة الزجل أو القصيدة الشعبية كما يطلق عليها فى العراق هى الأقرب والأكثر تأثيرا، فى محيط يشكل المتعلمون منه 30 بالمائة، أما القصيدة العربية الفصحى فبعد رحيل جيل الرواد من الشعراء العرب فهى تبقى قصيدة نخبوية لايتعدى تأثيرها المقهى أو القاعة التى تلقى فيها هذه القصيدة. وأعتقد أن المقاومة الحقيقية تتمثل فى مبدئية القول والفعل،وأجزم بأنها إن دخلت فى مسار المصالح الضيقة والمساومات فهى فاقدة شرعيتها. حين تكون مقاوما عليك أن تستحضر كل رموز المقاومة والصمود فى تاريخنا العربي.
بالنسبة للشاعر عليه أن يكون أولا وأخيرا فى المقدمة فى القول والفعل وربما كانت مواقفه من القضايا الانسانية والوطنية هى أهم من شعره مهما يكن شعره مهما، وعليه تقع مهمة عسيرة هى حشد الرأى لقضيته العادلة ..
اللحظات الإنسانية
كتب الشاعر الفلسطينى نمر سعدى خلال الحرب الأخيرة على غزة نصوصا كثيرة تحتفى بالحياة وباللحظات الانسانية فى وسط الخراب. ربما تعكس هذه النصوص موقفه الجمالى والوطنى من قصيدة المقاومة.
وفى شهادته يقول : إن قصيدة المقاومة بمعناها الشمولى الرحب دائما وهى قصيدة تحاول أن تستنبت الجمال من الأرض الرماد وتحلّق على هشيم الحياة.
"أعتقد أن قصيدة المقاومة عادت وبزخم تعبيرى إنسانى راقٍ فى الآونة الأخيرة على الرغم من أنها لم تنقطع. وهذا ما جعلنى أرجع الى قصائد لمحمود درويش وسميح القاسم وتوفيق زياد وأتملّاها.. أيضا قمت بقراءة قصائد فيها نفس مقاوم جميل للشعراء العالميين الذين ناضلوا فى حياتهم وقاوموا ،ولو بالكلام الذى يشبه الورد، أنظمة الاستبداد والظلم مثل لوركا وبابلو نيرودا وناظم حكمت وعبد الوهاب البياتى وغيرهم..
الآن بالنسبة للمحرقة التى تتعرَّض لها غزَّة فأنا كتبت عدَّة نصوص شعرية مهداة لهذه المدينة العظيمة الصابرة الصامدة التى أعتبرها طروادة العصر .. ولكن الشعر المقاوم فى نظرى يجب أن يكون شعراً مرتفعا بصورة أو بأخرى عن التقريرية والمباشرة ،ولا بأس من احتضانه مشاهد إنسانية ومشاعر نبيلة ولا أحصره فى مشهد واحد.. فأنت تستطيع الكتابة عن الأم التى فقدت ابنها أو الأب الذى فقد ابنته.، وأيضا عن الحبيبة التى استشهد حبيبها.. عليك أن تلتقط اللحظة الشعرية من بين دخان الحرب وتوظفه بصورة مدهشة لا تتنازل عن الفنية العالية ولا تهبط إلى مستوى شعر المناسبات..
فى حربين ماضيتين على غزة كنت أحاول أن أصوغ مأساة غزة فى كل ما أكتب من شعر ممزقّ بين الواقع والخيال والحرية والظلم ولكنى قلت شعراً كثيراً لفلسطين كلها، ولا أريد أن أُجَزِّئها فهى حاضرة فى كل ما كتبت وما سأكتب حتى لو كان شعرا بسيطا أو شعرا يعبر عن قضايا كبرى . يجب على الشعر أن يعبّر عن الحدث بصورة غير مباشرة ومن هنا تنبع قوته ووحدته. الشعر عندى ليس شعارا ولا تقريراً يومياً. أنا أعبرُّ عمّا يحدث فى كل بقعة موبوءة بالظلم فى العالم بصورة مغايرة وجماعية أكثر.”
وكيف ترى المقاومة نفسها ؟
" المقاومة الحقيقية هى أن ترفض كل أشكال العبودية والقهر النفسى والظلم الذى يفرضه عليك كيان معيَّن سواء كان ذلك بصورة سلمية أو بقصيدة أو بأشكال مقاومة أخرى.. فى نظرى هناك مقاومون بالكلام كانوا أجل خطرا من كتائب كاملة.. خذ مثلا غسان كنفانى والكل يعرف قصة اغتياله. الكلمة فى كثير من الأحيان تفعل ما تعجز عنه البنادق. والشاعر الحقيقى هو ذاك الذى يدعم مقاومة شعبه بقصائده التى تنفذ الى أوجاع الناس الذى اكتووا بنار الحروب والاحتلال.. يعانق آلامهم ويصوغ ما يريدون قوله بأشعار انسانية جميلة تصل الى شعوب أخرى فيتفاعل معها الانسان المتطلع الى نشر الانسانية ومناهضة كل ظلم يقع على أخيه الانسان.
المدونات قصيدة مقاومة
الشاعر الفلسطينى فوزى باكير يلفت إلى ان ما يكتبه الناس بعفوية بشكل يومى هو قصيدة مقاومة أيضا ..
"لعلّ علينا أن نقف مجدّداً عند مفهوم "قصيدة المقاومة"، وعناصرها التى تحقّق هذا المفهوم. قد يبدو الكلام قاسيا، لكنّها باتت مجرّد خطابٍ موزونٍ ومقفّى لا أكثر، يتكوّن من بضع زغاريد وشهداء وسلاح، نخلطهم معًا، لتخرج لنا قصيدة. وفى رأيى هذا خطابٌ مجّانى وسهل وجاهز، لا قيمة له، لن يقدّم ولن يؤخّر. السّؤال يتعلّق بمفهوم الشّعر أصلًا، ومهمّته وجدواه
وهنا أجد أنّ أفضل شكل أدبيّ يمكن أن يعبّر عن العدوان الصّهيونى على غزّة هو اليوميّات التى يكتبها أهل غزّة عن تفاصيل حياتهم، قطع الماء والكهرباء والخوف وصعوبة التنقّل وكل هذه الأمور.
وكذلك يوميّاتنا نحن، الفسلطينيين الذين نعيش خارج فلسطين، كيف نمضى وقتنا وكيف ننظر إلى ما يحصل هناك. القصيدة لن تدعم المقاوِم، ولن تمنع طائرة عن القصف. ولكن أكثر وضوحًا وصراحةً، لا أجد أنّ للشّعر أيّ جدوى هنا فى هذا السياق، فلماذا نحاول اختلاق جدوى له؟
لفت نظرى مؤخّرًا أنّه فى أحد البلدان الغربيّة عبّر بعضُهم عن وقوفهم إلى جانب الشعب الفلسطينى من خلال النزول إلى الشارع وابتداع مشاهد تمثيلية يُعلنون من خلالها موقفهم. فكلّ واحد منهم أحضر مجسّمًا يشبه التابوت، ونام قربَه، ملوِّنًا ملابسً بالأحمر. وجدت أنّ هذا الفعل مُجدٍ أكثر من مُعظَم ما كُتب أدبيًّا لمُحاكاة العدوان، وفى النّهاية هذا الشكل من الاعتصام أو الاحتجاج استعان بأدوات فنيّة ليقدِّم مقولتَه”.
كلنا مقاومون
ويتكىء الشاعر والفنان اللتشكيلى محمد السمهورى على التاريخ العربى فى مداخلته فيقول إن قصيدة المقاومة موجودة وهى الصديق الصدوق لأى فعل ثورى ،"فهى موجودة فى مصر مثلا فى مختلف المراحل ولنبدأ من سيد درويش، وشعرائه، حيث كانت القصيدة ذات معنى شعبي، يعكس مطالبة الناس بالعدالة والحرية، وكانت تقدم بقوالب موسيقية باتت مرجعا ليس فقط ثوريا بل وتراثيا مهما أيضا.
المرحلة الثانية فى مصر حين واجه شعراء مهمون الأنظمة السياسية، ومنهم أمل دنقل ونجيب سرور وأحمد فؤاد نجم وفؤاد حداد وصلاح جاهين وزين العابدين فؤاد وغيرهم من الشعراء، كل من خلال قصيدته التى أصبحت أيقونة ليس فقط للمصريين بل للعرب، وتحول هذا الشعر إلى تراث يسترجعه الشعب فى أزماته وانتفاضاته وسؤاله عن الحرية. وليس الشعر فقط عنوان المقاومة ،فلم يكن وحده فى الواجهة بل كان هناك الكاريكاتير أيضا، فلا يمكن مثلا أن ننسى ناجى العلى ، والشعر المغنى والرواية والقصة والمسرح، إلا أن الشعر طغى فى الشوارع وأصبح الفعل، بل وتحول إلى هتاف.
فى فلسطين ظهر شعر المقاومة من خلال إبراهيم طوقان، وتبعته أجيال لاحقة منهم توفيق زياد، وسميح القاسم ومحمود درويش وإبراهيم عز الدين وإبراهيم نصر الله، وصولا لشعراء شباب منهم عامر بدران الذى تحول شعره إلى أغان لمواجهة الاحتلال" الإسرائيلي".
تجارب الشعر المقاوم ليست بالتخصص ولكن الارتهانات السياسية، والاستعمار والاحتلال خلقت مساحة مهمة لأن يكون الشعر فى المواجهة فى الجزائر وتونس والمغرب وموريتانيا، والعراق الذى أنتج شعراؤه أهم القصائد ومنهم بدر شاكر السياب ومظفر النواب وآخرون تركوا بصمة مهمة فى مواجهة الاحتلال والاستعمارات المختلفة فى الوطن العربي. فى سوريا كانت قصيدة محمد الماغوط تترك أثرا كبيرا، فهو يكتب بشكل دائم قصيدة مقاومة .
وفى لبنان عكست تجارب شعراء كثر أهمية وحضور قصيدة المقاومة، فأغلب شعراء لبنان كتبوا قصيدة المقاومة وما زالوا.
ثانيا : الشعر يساعد على رفع الحالة المعنوية، ويرصد مفردات مهمة تصبح ثورة، وأعتقد أن الثورة والشعر يتداخلان حين يصبح الفعل حاضرا.
الشعر يسند المقاومة، ويسمو معها، ويعطيها مصداقية، والثورة بدون شعر تصبح صراخ وعويل، فيما الشعر يؤنسن الثورة وفعلها، بل يوثق لها، ويصبح الدافع لعدم نسيانها.
نواصل القرأة الاسبوع المقبل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.