معروف عن المرأة المصرية سرعة تخليها عما لديها من مشغولات ذهبية فى أوقات بعينها، مثل بداية العام الدراسى الجديد، وفى الأعياد والمناسبات التى تستلزم تدخلا سريعا لسد العجز فى ميزانية الأسرة، طمعا وأملا فى رسم السعادة على وجه عائلة تفتقر القدرة على تحقيق كل رغباتها فى هذه الأوقات. فى هذا السياق تخلت السيدة زينب بنت آسف سيدة المنصورة، الكفيفة وهى تقترب من التسعين عن الشىء الوحيد الذى تمتلكه، عن قرطها الذهبى البسيط الذى وضعته فى آذاننا جميعا. نحن شركاء الوطن، كى تلقنا درس العمر وتعلمنا معنى الانتماء، وكيف تكون الرغبة الصادقة فى العطاء وفى الحصول على بصمة التميز فى وجدان ذلك الوطن، معلنة بمنتهى القوة عن قدرتها على الوقوف مرفوعة الرأس شامخة بكل شمم لاستكمال الدور الريادى الذى بدأته من قبل الأميرة فاطمة بنت الخديو إسماعيل التى تنازلت عن ممتلكاتها للمساهمة فى بناء جامعة القاهرة فى الماضى البعيد. كذلك استكمالا للدور المؤثر لكوكب الشرق السيدة أم كلثوم الداعم للمجهود الحربى إبان النكسة فى منتصف القرن الماضى، وأظن أن الطريقة العفوية البسيطة التى استقبل بها الرئيس عبد الفتاح السيسى هذه المرأة تدل على أن رأس الدولة تعامل معها كما يتعامل الابن مع أمه، وهو فعلا كذلك. لقد شاهدناه جميعا عبر شاشات التليفزيون يستقبلها بمنتهى المودة ويحدثها بنوع شديد من الألفة والتواضع، بعيدا كل البعد عن مظاهر البروتوكول الرئاسى المتعارف عليه. بالتأكيد أدرك الرئيس أن تربعه على عرش قلوب المصريين، الذى يكتسبه وبجدارة مطلقة يوما بعد يوم بتلقائيته مع البسطاء من أبناء الشعب، هو الأبقى والأجدر بالتمسك به والمحافظة عليه، بدلا من التشبث بكرسي الحكم الذي حتما سيزول في يوم ما. حقيقة كان الموقف جللا ويستحق أن نسجله جميعا في أذهاننا ونتعامل معه كحالة إنسانية فريدة. فالوضع الحالى فى مصر دفع سيدة المنصورة المسنة أن تقف فى ذات الصف جنبا إلى جنب إن لم يكن فى صدارة المشهد مع أولئك الذين بادروا بتلبية نداء الرئيس لسد العجز فى ميزانية الدولة ،لكن هل هذا يكفى؟ أظن أنه يتحتم على هوانم المجتمع وسيدات الأعمال فى الداخل والخارج والفنانات، إيجاد وسيلة مناسبة لزيادة مخزون الذهب الاستراتيجى فى البنك المركزى، فالوقت ليس فى صالحنا. وأظن أيضا، وليس كل الظن إثما، أنه لدى المهتمين بحقوق المرأة القدرة على شحذ الهمم لجمع أكبر قدر ممكن من المشغولات الذهبية التى يمكن أن تساعد فى الحد من تدهور الوضع الاقتصادى فى هذه المرحلة الملبدة بغيوم كثيرة ومطبات مزعجة. من هنا أطالب ملايين النساء المصريات اللاتى راهن عليهن الرئيس السيسى من قبل، وكسب الرهان، بمد يد العون والمشاركة السريعة لدعم صندوق «تحيا مصر» بطريقتهن الخاصة، وأطالبهن بالتخلى عن بضعة جرامات ذهبية، قد تكون كفيلة بالحد من تقاقم مشاكل اقتصاية جديدة، نحن جميعا فى غنى عنها. وأعتقد أن لدينا القدرة على استكمال ما بدأته الحاجة زينب التى لم تتوقع فى يوم ما أن حلقها الصغير سيكون أيقونة جديدة لنساء مصر. يمكننا جميعا المحافظة على عرش مصر من جشع كثير من الطامعين فى النيل من مقدراتها وأقوات أولادنا. لذلك أناشد الجميع التحلى بالرغبة الصادقة فى مساندة صندوق «تحيا مصر» بأقل القليل من المدخرات الذهبية. فلسنا أقل من أولئك الذين ضحوا بدمائهم الغالية وأرواحهم الطاهرة، التى هى بالتأكيد أغلى بكثير من الأموال والممتلكات، فقط كى تحيا مصر. لمزيد من مقالات هالة برعى