يعد يوم 5 أغسطس من عام 2014 من الأيام الفارقة فى التاريخ المصرى الحديث بالاعلان عن تدشين المشروع القومى لتنمية محور قناة السويس ، والتى عانت لسنوات طويلة من الاهمال بالرغم من أهميتها البالغة لأعتبارات الأمن القومى المصرى . وقد جاء الاعلان عن تدشين المشروع ترجمة أيضا للتضحيات التى قدمها المصريون دفاعا عن منطقة قناة السويس عبر التاريخ ، ولأرواح شهداء ثورتى 25 يناير و30 يونيو والتى ألقت حجرا فى المياه الراكدة فى التوجهات الخاصة نحو هذا المشروع العملاق والذى سيمثل نقلة نوعية هائلة فى مستقبل الاجيال القادمة بعد استغلال الموقع الجيواستراتيجى الهام لهذا المكان من العالم . الفريق مهاب مميش رئيس هيئة قناة السويس ورئيس الجهاز التنفيذى للمشروع يشير إلي أن التفكير فى حفر قناة جديدة موازية لقناة السويس جاء فى إطار التفكير المستقبلى لاستيعاب الزيادة المستقبلية فى حركة التجارة العالمية ، وحاجة الاقتصاد القومى الى زيادة موارده من العملة الصعبة ، فضلا عن عدم قدرة السفن الكبيرة على العبور فى بعض المناطق بسبب أعماقها القليلة ، بالاضافة الى ان الدراسات أكدت ارتفاع عدد السفن العابرة للقناة من 49 سفينة فى عام 2014 الى 97 سفينة فى عام 2023 وهوما يعنى ان السفن ستكون مضطرة الى الانتظار يوما او يومين لدخول القناة . وأشار الى ان القناة الجديدة ستمتد من الدفرسوار وحتى البلاح بطول 35 كيلو مترا بالاضافة الى تعميق أجزاء بطول 37 كيلو مترا وهو ما سيرفع طول القناة الجديدة الى 72 كيلو متر ، موضحا ان القوات المسلحة ستتولى عملية الحفر الجاف ، مضيفا ان المشروع الجديد سيقلل ساعات الانتظار من 11 ساعة الى 3 ساعات كما سيعمل على تقليل زمن رحلة عبور السفن بالقناة من 20 ساعة الى 11 ساعة ، وهو ما سيعمل على تحسين اقتصاديات تشغيل السفن وجذبها للعبور بالقناة وهو ما سيعمل على زيادة ايراداتها بنسبة 259% . كما أن المشروع سيتضمن أقامة 6 أنفاق جديدة بالاسماعيلية وبورسعيد بواقع نفقين للسيارات ونفق للسكة الحديد فى كل محافظة وذلك لربط سيناء بالوطن الام ، بتكلفة 28 مليار جنية «حوالى 4 مليارت دولار» ، لتصل تكلفة حفر القناة الجديدة والانفاق الستة الى 67 مليار جنيه « نحو 8٫2 مليار دولار» . وحول طرق التمويل المتوقعة ، قال مميش انه ستكون من خلال الاكتتاب الشعبى ،والتمويل الحكومى ، والمستثمرين ورجال الاعمال الوطنيين ، والبنوك الوطنية ، والمستثمرين ورجال العمال الاجانب ، والبنوك الاجنبية والدول الصديقة والاجنبية ، مشيرا الى ان هناك اقبالا كبيرا من البنوك الوطنية والأجنبية للأستثمار والمشاركة فى المشروع . وأضاف مميش ان دراسات حفر القناة الجديدة تتم بالتعاون بين القوات المسلحة وهيئة قناة السويس ، كما ان التخطيط تم بعد الرجوع للقوات المسلحة والهيئة الهندسية للقوات المسلحة والتى أقرت المشروع ، كما قامت القوات المسلحة بتطهير المشروع من الالغام بالكامل ، كما ان عمليات الحفر ستتولاه القوات المسلحة من خلال 17 شركة وطنية تتولى تنفيذ البنية التحتية للمشروع فى وقت واحد . واضاف مميش ان المشروع سيتتضمن أقامة 5 مناطق سياحية وسكنية وتقديم خدمات لسفن ، بهدف إيجاد مناطق حضارية جديدة تسهم فى القضاء على بؤر الارهاب والتطرف بسيناء . وكان الرئيس السيسى قد طالب بأن تكون مدة تنفيذ المشروع عاما واحدا بدلا من ثلاث سنوات كما طالب إن يقتصر تمويل حفر القناة الجديدة على المصريين فقط مراعاة لاعتبارات الامن القومى . بالإضافة إلي أن التفريعة الجديدة ستتم بأيد وخبرات مصرية بنسبة 100% وبتكلفة إجمالية متوقعة 67 مليار جنيه منها 29 مليار جنيه لأعمال الحفر، لافتا الى انها ستعمل على زيادة طول المساحات المزدوجة بقناة السويس الى نحو 75 % ، حيث سترتفع الأطول المزدوجة للمجرى الملاحى لقناة السويس من 80,5 كيلو متر الى 122,5 كيلو متر تقريبا ، موضحا أن طول القناة من أول محطة الى أخر محطة بالمجرى الملاحى يصل الى 162 كيلو متر ، بينما يصل الطول الكلى من غاطس السويس الى غاطس بورسعيد الى 193 كيلو متر . مميزات اختيار قناة السويس ان من مميزات اختيار قناة السويس كمظلة رسمية للمشروع كما يقول الفريق مميش هو عبقرية الموقع الذى يصل بين البحرين الابيض والاحمر وفى ملتقى القارات ، وكذا درجة الثقة التى تتمتع بها قناة السويس على المستويين المحلى والعالمى ، بالاضافة الى كونها كيانا اقتصاديا قويا ومستقرا ومستمرا، كما يوجد موقع المشروع تحت المظلة التأمينية المباشرة للقوات المسلحة فى نطاق كل من الجيشين الثانى والثالث الميدانيين والقواعد البحرية . واضاف ان المميزات تتضمن أيضا ضمان المرور اليومى للسفن العابرة الحاملة للبضائع دون انحراف فى خط السير والتى يمكن ان تستخدم فى التنمية الاقتصادية والصناعية للمشروع ، عن طريق القيمة المضافة والصناعات التكميلية ، فضلا عن امكانيات الهيئة فى توفير المقرات ووسائل النقل والاقامة للعاملين بالمشروع فى المراحل الاولى نظرا لقرب الهيئة من موقع اقامة المشروع . كما سيعمل المشروع الجديد على جذب كبير للخطوط الملاحية العالمية التى لم تكن تمر من قبل بقناة السويس ، فضلا عن تسهيل عمل الخطوط الملاحية العالمية وزيادة أقتصاديات تشغيل السفن ، مؤكدا ان المشروع سيعطى الحرية الكاملة لأدارة قناة السويس لزيادة رسوم العبور بسبب هذه المزايا . الأهداف الخاصة للمشروع وحول الاهداف الخاصة بالمشروع يشير مميش رئيس الجهاز التنفيذى لمشروع تنمية قناة السويس انها تشمل تنمية ودفع عجلة الاقتصاد القومى ،وتطوير الكيانات الاقتصادية الحالية كمرحلة أولى ، بالتنسيق والتعاون مع اللجنة الوزارية والوزارات المختصة واوضح انه سيتم استكمال المستر بلان الخاص بميناء بورسعيد بأعتباره من الموانى الصاعدة الواعدة وذلك بالتنسيق مع وزارة النقل ، كما سيتم تغيير شكل واسلوب استخدام ميناء غرب بورسعيد فى المخطط وذلك لموقعه الرائع فى المشروع ، كما يشمل التطوير ميناء العريش وهو من الموانىء الهامة الواعدة والصاعدة ايضا حيث يجرى الان بناء رصيف بطول 500 متر على مرحلتين بواقع 250 مترا لكل مرحلة وبعمق 12 مترا بدلا من العمق الحالى الذى يقدر بحوالى 7 امتار ، كما تم أقامة الحاجز الغربى للأمواج ، وبناء حاجز الامواج الشرقى بطول 650 مترا . ويؤكد مميش الاهمية البالغة لميناء العريش حيث سيعمل على تصدير المواد الخام من سيناء بدلا من عبورها لقناة السويس بصورة أضطرارية ، كما انه سيكون له ظهير وسيمثل نقلة حضارية كبرى فى سيناء وسيوفر فرص عمل للشباب السيناوى ، وسيتم التسويق للميناء حيث من المنتظر الانتهاء من اعمال التطوير الخاصة به قريبا . ويشير رئيس قناة السويس الى ان تطوير الكيانات الاقتصاية القائمة سيشمل المنطقة الاقتصادية فى شمال غرب خليج السويس وهى من المناطق الصاعدة الواعدة ايضا وتنقسم الى جزءين شمالى وجنوبى ، وتبلغ مساحة المنطقة الجنوبية 20,4 كيلومتر2 ، تم ترفيق 6 كيلو م2 منها ، كما تبلغ مساحة المنطقة الشمالية 90كيلوم2 لم يتم الترفيق فيها بعد ، وستتضمن صناعات متعددة ومجتمعات عمرانية قريبة من البحر . ويضيف ان ميناء العين السخنة من الكيانات الصاعدة الواعدة ايضا وهو عبارة عن 6 أحواض تم استخدام حوض واحد منه ويجرى تطوير الحوض الثانى وتجهيزه وسوف يتم استكمال بناء الاحواض الباقية اثناء تنفيذ المشروع حيث سيمثل قوة اقتصادية فى جنوب البحر الأحمر وستكون له سمعة طيبة واستخدام رائع للسفن التجارية . كما سيشمل التطوير ميناء الادبية والذى يتمتع بموقع استراتيجى هام ، والتى تبلغ مساحته 32 الف م2 تزيد الى 1,5 مليون م2 بنسبة زيادة قدرها 180%، كما سيتم زيادة الارصفة من 1800 الى 4500 متر بزيادة قدرها 250% ، وسيتضمن فى جزء منه اماكن لأصلاح وبناء السفن . ويؤكد ان الكيانات السابقة كانت تمثل جزرا منفصلة عن بعضها البعض ، ولكن سيتم تجميع هذه الكيانات فى كيان اقتصادى واحد فى المنطقة والتى ستكون مركزا اقتصاديا عالميا يتمتع بعبقرية المكان ، ويشدد على اننا لسنا اقل من غيرنا والذين اعتمدوا على الموقع وسموا المشروعات بأسمائها مثل جبل طارق وسنغافورة وجيبوتى مؤكدا ان قناة السويس ستتسيد هذه الاماكن . وأوضح ان الاهداف تشمل إيجاد رواج اقتصادى فى المنطقة واتاحة اكبر قدر من فرص العمل لابناء مدن القناة وسيناءوالمحافظات المجاورة وجميع شباب الوطن . 3 مراحل للتنفيذ وحول خارطة الطريق الخاصة لتنفيذ المشروع والنتائج المتوقعة يشير مميش إلى أن المشروع تضمن ثلاث مراحل هى مرحلة التخطيط ، ومرحلة الاعداد والتجهيز ، ومرحلة التنفيذ والمتابعة ، ويستطرد قائلا : ان مرحلة التخطيط تتضمن تحديد التصورات الخاصة بالمشروع بالتنسيق مع الوزارات المعنية ، وقد بدأت مرحلة التجهيز فى 11 سبتمبر الماضى باختيار قناة السويس كمظلة رسمية للمشروع بالتعاون مع الوزارات المعنية ، ثم اعداد كراسة الشروط والمواصفات وتحديد عناصر التقييم ، ثم النشر على مكاتب الخبرة المحلية والعالمية ، ثم تقييم العروض المقدمة طبقا لمعايير تقييم موحدة مع الاستعانة بالخبرات العالمية فى اختيار التحالفات الفائزة ، ثم اعلان التحالفات الفائزة فى 6 يناير الماضى ، ثم قيام التحالفات الفائزة بشراء كراسة الشروط والاعداد للمخطط العام للمشروع اعتبارا من 8 الى الى 23 يناير الماضى. ثم مرحلة اعداد التشريعات الخاصة بالمشروع اعتبارا من 15 يناير الماضى بالتنسيق مع وزارة العدل واللجنة الوزارية ووزارة الاستثمار وتستمر لمدة ثلاثة شهور ، ثم تلقى واختيار العروض من قبل لجنة محايدة محلية وعالمية وتقييم العروض واختيار التحالف الفائز بعمل المخطط العام للمشورع ، ثم عمل الدراسة الخاصة بالماستر بلان الخاصة بالمشروع خلال الفترة من 23 يناير الجارى ولمدة ثلاثة شهور ، ثم قيام التحالف الفائز بعمل المخطط العام للمشروع ، ثم عرضه على مجلس الوزراء للتصديق ، ثم اعداد وتنفيذ الحوار المجتمعى للمشروع ، حيث سيتم تشكيل لجنة خاصة من الخبراء ولا تنتمى الى اى تيارات حزبية اوفكرية – لعرض المخطط العام للمشروع على المجتمع المدنى والصحف وتلقى ملاحظاته وذلك بالتنسيق مع وزارة الاعلام ، ثم عرض المخطط العام للمشروع على المستثمرين والشركات والمؤسسات ، ثم سيكون هناك مؤتمر عالمى لدعوة جميع المستثمرين للاطلاع واتخاذ خطوات للمشاركة . كما تتضمن مرحلة التجهيز طرح الاعمال المدنية الخاصة بالبنية الاساسية التحتية طبقا للمخطط العام للمشروع وتحت اشراف مكتب هندسى كبير ، ثم بدء تنفيذ اعمال البنية التحتية للمشروع، ثم استقبال عروض المستثمرين والتوكيلات والشركات ومراجعتها وفحصها طبقا للقوانين المعمول بها وبنظام الشباك الواحد فى مدينة الاسماعيلية تيسيرا على المستثمرين ، ثم التعاقد على تنفيذ المشروعات التى تم اختيارها طبقا للمخطط العام ، والتى ستحقق اهداف المشروع بالتنسيق مع وزارة الاستثمار . النتائج المتوقعة وحول النتائج المرجو تحقيقها من المشروع يشير الفريق مهاب مميش الى انها تشمل تحويل مصر الى مركز اقتصادى ولوجستى وصناعى وتجارى عالمى يؤثر فى التجارة العالمية مما يعود بالنفع على الاقتصاد القومى المصرى ، وكذا زيادة معدل دخل قناة السويس من العملة الصعبة والذى يصب فى خزانة الدولة مما يسهم فى ازدهار الاقتصاد القومى ، وإيجاد حوالى مليون فرصة عمل جديدة للشباب وفرص استثمارية للشركات الوطنية والاجنبية ، والعمل على تحويل ديموجرافى للسكان من القاهرة الى محافظات المشروع ، وزيادة قيمة الاقتصاد المصرى بالنسبة للمنطقة الاقليمية والعالمية . ووصف عملية تنمية القناة بأنها العبور الثالث لمصر الذى سيدفع قاطرة التنمية للامام وتحقيق طموحات الشعب المصرى بعد ثورتى 25 يناير و30 يونيو .