عم البلاء, واشتدت الفتن, وتعاظمت النقم وأصبحنا وأمسينا في كرب عظيم وخطر أكيد.. فلقد انتشر الهرج أي القتل لأتفه الأسباب, وتفنن المجرمون في سرقة البنوك والمحلات التجارية والمنازل والأفراد.. وتمادي السفاحون في خطف الأطفال من ذويهم لطلب الفدية.. واستحلوا خطف الفتيات والزوجات من أزواجهن لاغتصابهن! واستحلال الفروج ألعن من استحلال الأموال عند الله.. وهذه الجرائم لاتتوقف علي اختلاف وزراء الداخلية بل تزداد ضراوة يوما بعد يوم. الكل بات يتساءل.. ألم يأن للقائمين علي مصالح العباد أن يصدروا فتوي بإقامة الحد فورا علي خاطف الأنثي المغتصب لها علي ملأ من الناس حتي يكون عبرة لمن لايعتبر.. وحتي نحجم هذه الظاهرة الخطيرة التي تدمر كرامة الإنسان وتنسف كبرياءه وترهب المجتمع كله!!ثم لماذا لايقام علي اللصوص الحد الذي أمر به الله؟! لماذا كلما سرق ونهب ونصب مسئول كبير في الدولة تميعت ردود الفعل في المحاكمات العلنية أو السرية ؟! ألا يعلم القضاة أن جرائم الحدود لايجوز فيها العفو مطلقا؟! سواء من المجني عليه أو ولي الأمر أي الرئيس الأعلي للدولة.. فإذا عفا أحدهما كان عفوه لغوا لا أثر له علي الجريمة ولا علي العقوبة.. فالحد عقوبة مقدرة من الله تعالي.. ومعني أنها حق الله أنها لاتقبل الإسقاط لا من الأفراد ولا من الجماعة.. وكلنا يحلم أن إقامة الحدود شرعت تحقيقا لدفع الفساد عن الناس وإصلاح حال البشر واستنقاذهم من الجهالة وارشادهم من الضلالة, وبعثهم علي الطاعة.. فيشيع السلام والأمان في الأمة.. ويكفي أن نبينا صلي الله عليه وسلم قال: لئن يقام حد من حدود الله خير من أن تمطر السماء أربعين خريفا, أي أن البركة ستنزل من السماء حين ينفذ حد من حدود الله وتحجب البركة حين تعطل حدود الله التي شرعها لمصلحة الناس وصدق الله العظيم القائل, ولو أن أهل القري آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون] (96 الأعراف) ولقد أجمع الفقهاء علي أن العقوبة تأديب وإصلاح وزجر يختلف بقدر اختلاف الذنب, ولقد شرعت هذه العقوبات علي أساس متين من علم النفس, كما ذكر المرحوم عبد القادر عودة في كتابه التشريع الجنائي في الإسلام ثم ألا تستحي بعض الأبواق من التخويف والتحذير, والتنفير من تطبيق شرع الله بالكامل متضمنا إقامة الحدود ان أمثال هذه الدعاوي تجعلنا في وضع المتخاصم مع رب العالمين الرافض لشرعه سبحانه وهذا أمر لايقبله شعب ولا حكومة ذات مروءة أو دين.. انها ردة الي همجية قبل ظهور الأديان يجب آلا نسكت عليها بحال من الأحوال إرضاءا لديكتاتورية القلة غير المعظمة لكلام الله. لقد أطلق القرآن الكريم علي المتورطين في ارتكاب جرائم الحرابة أنهم محاربون لله ورسوله فقال تعالي: إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا, ولهم في الآخر عذاب عظيم (33 المائدة) ويكفي أن نبينا قال من حمل علينا السلاح فليس منا, أي لايستحق أن ينتسب لأمة محمد صلي الله عليه وسلم. لقد آن الآوان ان تخشع قلوبنا لذكر الله ومانزل من الحق.. وأن نكف عن المكابرة وقسوة القلب فنسارع الي المصالحة مع الله باقامة حدوده لرد المجتمع الي صوابه ولندع رب العزة في هذه الأيام الموجعة: اللهم ارفع مقتك وغضبك عنا, ولاتسلط علينا بذنوبنا من لايخافك فينا ولا يرحمنا يارب العالمين. المزيد من مقالات كريمان حمزة