ثلوج تغطي الجبال وجنبات الشوارع تواكبها أحداث ساخنة في إيران التي أصبحت هدفا شبه يومي للقصف بتصريحات من جانب اسرائيل وقوي غربية بشن هجوم عسكري ضدها لإجهاض برنامجها النووي وردود فعل متحدية من جانب القادة الايرانيين.. أجواء توحي بحالة حرب. ولكن بعيدا عن سخونة الأحداث ونارية التصريحات السياسية تمضي الحياة سلسة في العاصمة طهران ومدينتي أصفهان ومشهد التي اتيحت لي أخيرا فرصة زيارتها للمشاركة في مؤتمر دور الشباب في الصحوة الإسلامية. فإيران ليست كما يروج الاعلام الغربي دولة جامدة وأن الناس يعانون تحت السلطة الدينية ولكن الحقيقة أن الدولة والناس يعيشون حياتهم ومعظم الرجال حليقو الذقون ويتعايش في الشارع الإيراني مرتديات الشادور مع السافرات ممن يخرجن علي الناس بكامل زينتهن التي لا يخفيها إيشارب خفيف يكشف عن معظم الشعر المصفوف والمصبوغ. وهي دولة جعلت من الحصار الغربي سببا للاعتماد علي النفس وتحقيق التقدم في المجالات العلمية والاقتصادية والعسكرية. ايران تعيش في هذه الايام في أجواء الاحتفال بالذكري ال33 لانتصار الثورة الاسلامية- التي يرون أنها أم الثورات في المنطقة- الموافق(11-2-1979) والذي يطلقون عليه اسم بهمن الخير. ويحتل شهر بهمن مكانة متميزة في نفوس الإيرانيين, وعدد أيامه30 يوما, وهو يبدأ من21 يناير, وينتهي في19 فبراير في التقويم الميلادي, وهو ثاني شهور الشتاء ومعني بهمن في اللغة البهلوية: صاحب الطبع الحسن وصاحب الأصل الطيب, وهو اسم ملاك في الديانة الزرادشتية ولما كان انتصار الثورة في هذا الشهر, فإنهم يطلقون اسم بهمن الخير علي هذا الشهر, ويسمون الثورة الإسلامية ثورة بهمن57 العميد فرزاد اسماعيل قائد مقر خاتم الانباء( صلي الله عليه وسلم) للمضادات الجوية الذي أعلن انه ستتم ازاحة الستار عن عدة منظومات للمضادات الجوية وسيتم استخدامها في سلاح المضادات الجوية في البلاد, واشار الي دور الحظر في إحراز المزيد من التقدم العلمي والتكنولوجي مانجم عن قيامهم بزعم انهم يستطيعون إعاقة ايران عن إحراز المزيد من التنمية والتطور التكنولوجي. أما العميد مسعود جزائري مساعد رئيس هيئة الاركان فيقول ان الولاياتالمتحدة عاجزة عن شن اعتداء علي ايران التي ترفع استعدادها يوما بعد يوم, مشددا علي ان رد طهران علي اي تهديد او خطوة معادية سيكون مدمرا ويجبر الاعداء علي الندم. وتوسع ايران من حصتها في جغرافية انتاج العلم ووفقا لمساعدة رئيس الجمهورية للشئون العلمية والتقنية نسرين سلطانخاه فان ايران احرزت المرتبة الاولي في انتاج العلم بين14 بلدا في الشرق الاوسط في اطار السعي الي تحول اللغة الفارسية الي لغة العلم في العالم.. واشارت الي النمو المستمر في تسجيل الاختراعات في البلاد ورغبة الشباب في انجاز الابتكارات والاختراعات وقالت, انه لغاية2005 تم تسجيل نحو ستة آلاف اختراع في البلاد لكن هذا الحجم تجاوز في العام الماضي35 ألف اختراع. الدولة تنتج الغذاء الذي يكفيها وتصدر بما قيمته80 مليار دولار سنويا- وفقا لما ذكره لي وزير التجارة الإيراني مهدي غضنفري- أكثر من نصفها منتجات غير بترولية- من بينها فستق بمليار دولار سنويا- وبها أكبر مصنع للسيارات بالشرق الأوسط ينتج150 ألف سيارة سنويا مثلما تنتج الأفلام السينمائية والأسلحة والأقمار الصناعية ومصافي البترول وبها جامعات أفضل من نظيرتها الأمريكية بشهادة مجلة نيوزويك الأمريكية. وتبلغ الميزانية للعام الايراني القادم1391( يبدأ في21 مارس2012) نحو510 تريليونات تومان اي ما يعادل قرابة416 مليار دولار. ووفقا لأرقام الحكومة الإيرانية والبنك الدولي فإن إجمالي الناتج القومي الإيراني يبلغ336 مليار دولار ويبلغ نصيب الفرد من الناتج القومي الإجمالي900.12 دولار ويبلغ الدخل القومي الإجمالي لكل فرد96.731.4 دولار حسب أرقام البنك الدولي. ويبلغ الناتج القومي مقاسا بالقوة الشرائية876 مليار دولار وتسهم الزراعة بنسبة10% من الدخل القومي وتوظف25% من قوة العمل بينما تسهم الصناعة بنسبة45% وتوظف بنسبة31% ويسهم قطاع الخدمات بنسبة44% ويوظف45%. ولا يعني ذلك أنه ليس هناك مشكلات فنسبة البطالة تبلغ نحو11% ويعيش18% تحت خط الفقر. ويستشهد وزير الصناعة والمناجم والتجارة الايران مهدي غضنفري التقرير الأخير للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي حول الاوضاع الاقتصادية في ايران في عام2011 وقال ان توقعات الصندوق اشارت الي ان الوضع في ايران خلال العام الحالي افضل من العام السابق وان النمو الاقتصادي في ايران بلغ7% وان معدل نمو الاقتصادي الايراني اعلي من معدل النمو في الشرق الاوسط استنادا لتقرير البنك الدولي. ويشير الي ان حجم التبادل التجاري لايران مع دول العالم بلغ200 مليار دولار خلال هذا العام موضحا ان30 مليار دولار من هذا الرقم اختص بالصادرات غير النفطية الايرانية بنمو25% وان عقود الخدمات الفنية والهندسية الايرانية بلغت4 مليارات دولار هذا العام لتسجيل نموا بنسبة3.2% مقارنه بالعام الماضي. ايران في مواجهة امريكا وبينهما معاهدة منع انتشار الاسلحة النووية والتي شار اليها اختصارا بمعاهدة(NPT) وبموجبها فان الأطراف لها حق غير قابل للتصرف في تطوير الطاقة النووية للأغراض السلمية وإجراء الأبحاث في هذا المجال وإنتاج هذه الطاقة واستخدامها لتلك الأغراض دون تمييز. هناك الحق غير قابل للتصرف للدول الموقعة علي الاتفاقية ومنها ايران في تطوير الطاقة النووية للأغراض السلمية وهو الذي تقف الدول الغربية في مواجهته وتتغافل عن تطبيق القرار الخاص بالشرق الأوسط الذي تم اتخاذه في مؤتمر سنة1995 الذي تم فيه تمديد معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية إلي ما لانهاية, والذي أكد أهمية الانضمام للمعاهدة التي لم تنضم اليها إسرائيل ولديها ترسانة مؤكدة من الأسلحة النووية. ايران التي نتفق معها ونختلف حول أمور كثيرة تقدم دروسا في الصمود وتدفع ثمن موقفها المناهض لاسرائيل وتمسكها بحقها في الاستخدام السلمي للطاقة النووية.