نظرا لما يثور على الساحة السياسية المصرية الآن من لغط وخلط حول الخطط والسياسات والأولويات والاستراتيجيات، فقد يكون مفيدا إلقاء بعض الضوء على عدد من المسائل والروابط والإصطلاحات والفواصل وذلك فى محاولة متواضعه لاستجلاء الرؤيه واستيضاح معالم الطريق حتى يمكن تسخير العلم لوضع الدولة و الشعب على المسار الصحيح الكفيل بتحقيق التقدم المنشود. بداية أرجو ان نكون قد وصلنا الى قناعة تامة بأننا الآن بحاجة ملحة الى إحداث تغيير كامل لأوضاعنا القائمة – الداخلية والخارجية – والتى تبدي عجزها فى عدم تحقق الحد الأدنى المقبول من أمانى الشعب وتطلعاته وفى تفاقم المشكلات وتردى الأحوال فى عدد من مرافق الدولة وتشكيلاتها. لذلك ومن تناول موضوعى وعلمى بحت ، فإنه من المحتم وضع مهمة التحديد الدقيق للأهداف القومية الشاملة اى الاستراتيجية العليا للدول باعتبارها الاولوية الاولي وحجر الأساس الذى ينبنى عليها وطبقا لها سائر الاوضاع الجديدة فى الدولة. وفى التقدير، فإن الفكر الاستراتيجى يمكن أن يتضمن؛ وضع التصورات المحتملة لتعظيم عناصر القوة الشاملة للدولة وتحديد الوسائل والأطر والنظريات التى يتم الاستناد اليها لتحقيق الأهداف الوطنية ووضع السيناريوهات البديلة حال وجود تغييرات او أزمات. ويأتى التخطيط الاستراتيجى ليحول الاهداف الشاملة للدولة إلى خطط قومية محددة ومتدرجة هبوطا من الأصول الى الفروع (يطلق البعض على كل منها اسم استراتيجية) مع توزيعها؛ زمنيا بين المدي الطويلة والمتوسطة والقصيرة ، ومكانيا بين المحافظات ، وتخصيصا بين الانشطة المختلفة. وهكذا، فإن العمل الرئيس لهذا التخطيط هو تنظيم وترتيب الأولويات. ولإيضاح ماسبق، فإن وضع "حماية الدولة من التطرف الدينى " و "حماية الدولة من الارهاب والتهديد به" و " تكثيف التعاون الاقليمى لزيادة الموارد المائية " كأهداف كبرى Goals ضمن الأهداف الشاملة اى الاستراتيجية العليا للدولة. وبناء عليه، وفى إطار التخطيط الاستراتيجى، فمن الممكن أن نرى أغراضا مثل "منع قيام الاحزاب والتكتلات الدينية او ذات المرجعية الدينية". و"منع التمويل الأجنبى للمنظمات الاهلية المدنية" و" التعاون الاقليمى لمشروعات زيادة الموارد المائية من دول منابع النيل فى مقابل مشروعات الكهرباء ونقلها" من جانب دولة المصب وهكذا. وأخيرا تقوم الحكومة أساسا بوضع سياسات وإتخاذ قرارات لتنفيذ الخطط الاستراتيجية فى التوقيتات والمحافظات والاماكن المقترحة، والتنسيق بينها وبين تنفيذ المؤسسات الاهلية لمشروعاتها فى إطار من الحوار والتعاون المستمر مع مؤسسات التخطيط الاستراتيجى من جهة والبرلمان والمحليات والإعلام من جهة أخرى. إن عدم اتباع طريقة التناول المذكورة – لأسباب ليس هنا مكانها- اكتفاء بالاجراءات والقرارات العلاجية، تعتبر أحد الأسباب الرئيسية لاستمرار الأمراض حتى وإن اختفت أو تغيرت الأعراض. وتتطلب هذه المهام منظومة ادارية على مستوى عالِ من الكفاءة والنزاهة حتى لاتضيع جهود ونتائج المهام الاستراتيجية. وهكذا تشير بوصلتنا الى تبعية السياسات للأولويات، والأولويات للاهداف القومية. البداية إذن هى دائما الاستراتيجية العليا للدولة. لمزيد من مقالات ◀ سفير: علاء عبدالعليم