الصيف موعدهم.. كأسراب الفراشات يتواثب الأطفال مرحاً على شاطئ البحر. يشيّدون فى الرمال أبراج أحلامهم، يغنون ويرقصون على الحانهم الصافية، يداعبون الموج بأقدامهم العارية. صيحاتهم المتعالية ربما تقلق سكان الأزرق، الذى ملأته قوة الله لتثبت فراغ الأرض لأهل الأرض.. يغفر لهم أنها صيحات ملائكية مفعّمة بالبراءة والحياة. هؤلاء السحرة الصغار لا تفارقهم الابتسامة منذ بزوغ الشمس حتى غروبها. الزمن عندهم مقياسه وفقا لسعادتهم وأوقات مرحهم. يضفون البهجة على وجوه الباعة الجائلين بالحلوى والبالونات.. بهجة تمسح عن جباه العجائز شقوقا مليئة بهموم الزمان. فى حالة رصد دائمة، تتأمل عيونهم الحالمة السفن فى البعيد وهى ترتفع وتنخفض، حتى تبتلعها الأمواج وتتلاشى فى الأفق.. عيون صغيرة تراقب الصيّادين وهم يجرّون شباكهم من داخل القوارب الشراعية الممزوجةُ بزبد البحر. ألف خاطرة وخاطرة كتبت على الرمال تجول بذاكرة الآباء.. وقد محتها لمعة الأمواج. مشهد الأبناء وهم يلعبون يستدعى فى الذاكرة أحاديث صباح مفقود. البحر أوسع ما يكون، وأنت أبعد ما يكون عن أيام مضت كدورة الأفلاك فى العمر. أين أيام كانت الفرحة فيها بألو ن قوس قزح؟!.. أين أيام كنّا نفترش التراب فى بساطة ونلبس السماء؟!.. ما أبعدنا اليوم - نحن الكبار- عن حقيقة الحرية والمرح وحب الحياة!