عقب ساعات من إعلان هدنة إنسانية لمدة 72 ساعة بين إسرائيل وحماس فى قطاع غزة بدعوة من الأممالمتحدة وبوساطة أمريكية فى الثامنة من صباح أمس، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلى انتهاء العمل بالتهدئة بسبب »الاشتباه« فى قيام حماس باختطاف جندى إسرائيلي. ووقع تبادل عنيف لإطلاق النار فى جنوب قطاع غزة بين القوات الإسرائيلية والمسلحين الفلسطينيين بعد مرور أقل من ثلاث ساعات على سريان الهدنة، وأسفر قصف بالمدفعية الإسرائيلية عن مقتل ثمانية فلسطينيين فى الجنوب. وقالت وسائل الاعلام الاسرائيلية إن مقاومين فلسطينيين هاجموا قوات الجيش الاسرائيلي شرق رفح بعد أن خرجوا من فتحة نفق، وتدور اشتباكات عنيفة تطلق خلالها الطائرات والمدفعية الصواريخ والقذائف فى العملية المتواصلة حتى الآن. وقال المتحدث العسكرى الإسرائيلى إن مسلحين فلسطينيين أسروا فيما يبدو جنديا إسرائيليا خلال اشتباك وقع فى جنوب قطاع غزة. وقال اللفتنانت كولونيل بيتر ليرنر »القوات (الإسرائيلية) التى تعمل لإزالة نفق تعرضت لهجوم، والمؤشرات الأولى تشير إلى اختطاف جندى خلال العملية«. وشن الجيش الإسرائيلى حملة بحث عن الجندي، وقال الجيش على صفحته على موقع تويتر: »نجرى عمليات بحث شاملة فى (جنوب) غزة للعثور على الجندى المفقود . نشتبه فى أن حماس اختطفت الجندي«. وتبادلت إسرائيل وحماس الاتهامات بالمسئولية عن انتهاك الهدنة، حيث أكد مسئولون بحماس أن »العدو لم يحترم الهدنة«. وقال فوزى برهوم فى بيان صحفى إن »الاحتلال الإسرائيلى هو الذى خرق التهدئة والمقاومة الفلسطينية تعاملت وفق التفاهمات التى تعطيها حق الدفاع عن النفس«. وتابع: »العالم كله الآن مطالب بالتدخل العاجل لوقف ما يجرى من مجازر بحق أهلنا«. وعقب وقوع الاشتباكات، شن الطيران الإسرائيلى غارات مكثفة على مدينة رفح فى جنوب قطاع غزة أسفر عن استشهاد أكثر من 70 فلسطينيا وإصابة 200 آخرين. وأكدت سلطات غزة عدم قدرة سيارات الإسعاف والطواقم الطبية على الوصول إلى المنطقة، إضافة إلى انقطاع جميع وسائل الاتصالات مع المنطقة حيث الاشتباكات، فيما يدور الحديث عن مجزرة فى رفح. وقبل انهيار الهدنة فى غزة، ساد هدوء حذر قطاع غزة، وخرج الفلسطينيون إلى الشوارع محاولين تفقد آثار الدمار والحصول على بعض المياه والطعام، وشرعت آليات الدفاع المدنى والبلديات فى فتح بعض الشوارع التى أغلقت بفعل القصف وانطلقت نحو المناطق التى تعرضت للقصف للبحث عن جثامين الشهداء. وسارعت الأممالمتحدة التى توسطت فى اتفاق وقف اطلاق النار لمدة 72 ساعة إلى دعوة الأطراف الفلسطينية إلى إعادة التزامها بالهدنة فى غزة. وقال روبرت سرى منسق الأممالمتحدة الخاص فى الشرق الأوسط إن أنباء عن مقتل جنديين إسرائيليين وعدد من الفلسطينيين فى رفح جنوب قطاع غزة ستمثل فى حال التأكد من صحتها انتهاكا خطيرا من جانب الفصائل الفلسطينية لوقف إطلاق النار. وحث سري، فى بيان، الفصائل الفلسطينية التى شاركت فى التفاهم الذى تم التوصل إليه الليلة قبل الماضية على إعادة تأكيد التزامها بشكل عاجل بالهدنة الإنسانية. وكانت الهدنة التى أعلنها وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى والأمين العام للأمم المتحدة بان كى مون، فى بيان مشترك، هى المحاولة الأكثر طموحا لإنهاء القتال المستمر منذ أكثر من ثلاثة أسابيع بعد تصاعد القلق الدولى من ارتفاع عدد الضحايا بين المدنيين الفلسطينيين. وكان من المقرر أن يعقب وقف إطلاق النار مفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين فى القاهرة بهدف التوصل إلى حل طويل الأجل. وأبلغت مصر مسئولين فلسطينيين تأجيل مفاوضات التهدئة التى كان مزمعا عقدها أمس فى القاهرة، بعدما شكت اسرائيل بأن مسلحين خطفوا احد جنودها فى غزة، ذلك حسب ما أفاد مسئول رفيع فى حركة الجهاد الاسلامى لوكالة الأنباء الفرنسية. وقال موسى أبو مرزوق نائب المكتب السياسى لحركة حماس ردا على ذلك، »أى عملية تمت، جرى تنفيذها قبل بداية وقف اطلاق النار«. وأضاف أبو مرزوق أن أى إعلان عن خطف جنود لا بد أن يتم عن طريق الجناح العسكرى لحماس (كتائب عز الدين القسام)، لكنه لم ينف أن يكون مسلحو حماس خطفوا الجندي. وكانت مصرقد دعت السلطة الوطنية الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية فجر أمس لإرسال وفديهما التفاوضيين إلى القاهرة لبحث جميع القضايا ذات الاهتمام لكل منهما ضمن الإطار الذى تناولته المبادرة المصرية. وجاءت الدعوة المصرية على ضوء ما أعلنه ممثل الأممالمتحدة والممثل الخاص روبرت سرى حول تلقيه ضمانات بقبول الطرفين الفلسطينى والإسرائيلى وقف إطلاق النار الإنسانى اعتباراً من الساعة، واتساقاً مع دور مصر والمسئولية التى تتحملها إزاء الحفاظ على أرواح المدنيين وصيانة مقدرات الشعب الفلسطينى وتعزيز فرص السلام والاستقرار والأمن فى المنطقة ككل، وفى إطار المبادرة التى أطلقتها مصر يوم 14 يوليو 2014 والتى حظيت بدعم الدول العربية فى الاجتماع الطارئ للمجلس الوزارى للجامعة وكذلك بتأييد دولى واسع عبرت عنه العديد من الدول.