يرتبط الكعك فى الأذهان بعيد الفطر المبارك وابتهاجا، بهذه المناسبة أقول: إن الفراعنة هم أول من عرفه حيث كان الخبازون فى البلاط الفرعونى يحسنون صنعه بالعسل الأبيض وبأشكال مختلفة وصلت إلى 100 شكل - منها اللولبى والمخروطى والمستدير والمستطيل - ونقشت برسومات متعددة على مقبرة الوزير "خميرع" فى الأسرة الثامنة بطيبة، وقد سبقت الدولة الاخشيدية الدولة الفاطمية فى العناية بكعك العيد حتى إن أحد الوزراء الاخشيديين أمر بصنع كعك محشو بالدنانير الذهبية وأطلق عليه "أفطن له" وتم تحريف الاسم إلى "أنطونلة" والتى تعد أشهر كعكة ظهرت فى عصر الدولة الاخشيدية وكانت تقدم فى دار الفقراء على مائدة طولها 200 متر وعرضها 7 أمتار، فى حين وصل اهتمام الفاطميين بالكعك إلى الحد الذى جعلهم يخصصون ديوانا حكوميا خاصا عرف ب(دار الفطرة) كانت مهمته تجهيز وإعداد الكميات اللازمة من الكعك اعتبارا من منتصف شهر رجب وحتى منتصف شهر رمضان بميزانية وصلت إلى 16 ألف دينار ذهبى من أجل الاحتفال الكبير الذى كان يحضره الخليفة العزيز الفاطمى وكان يجلس على رأس مائدة طولها 135 مترا وتحمل 60 صنفا من الكعك وكان الخبازون يتفننون فى صناعة الكعك مستخدمين أطنانا من الدقيق والسكر واللوز والجوز والفستق والسمسم والعسل وماء الورد والمسك والكافور. وفى عهد الدولة الأيوبية وعلى الرغم من محاولات السلطان صلاح الدين الأيوبى القضاء على كل ما يمت بصلة للخلافة الفاطمية، فإنه لم يستطع القضاء على ظاهرة "كعك العيد" بل ان الكثيرين من الأمراء الأيوبيين احتفظوا بأمهر الطباخات اللاتى تخصصن فى عمل أصناف الكعك فى القصور الفاطمية، وكانت أشهرهن على الاطلاق "حافظة" التى عرف إنتاجها باسم "كعك حافظة"، ولما جاء المماليك أبدوا اهتماما فائقا بالكعك وكانوا يقومون بتوزيعه على الفقراء والمتصوفين واعتبروه من الصدقات، كما كان سكان مصر المحروسة ولا يزالون يتهادون به، وتوجد بالمتحف الإسلامى فى القاهرة قوالب الكعك وعليها عبارات عديدة مثل - هنيئا وأشكر - وكل وأشكر مولاك. وتعتبر بعض الأسر إعداد الكعك طقوسا لجمع شمل أفراد العائلة، ومن هنا تعد هذه الطقوس أحد الأنماط الذهنية والوجدانية والسلوكية، وكلما كانت هذه الأنماط ذات جذور ثقافية كانت عصية على التغيير أو الالغاء، وكما أن للكعك فوائد غذائية فان له أضرارا صحية - أيضا - عند الافراط فى تناوله. فمن فوائد الكعك أنه يحتوى على العديد من العناصر الغذائية المفيدة للجسم أهمها الكربوهيدرات والبروتين كما أن إضافة "رائحة الكعك" فى أثناء إعداده تسهم فى زيادة افرازات العصارات الهاضمة وتعظيم نشاط المعدة والاثنى عشر. أما الإفراط فى تناول الكعك فانه يؤدى إلى البدانة ويعرض الإنسان لمخاطر السكرى وانسداد شرايين القلب جراء ترسب الدهون على جدرانها، وقانا الله واياكم شر الأمراض. سارة محسن حتحوت - قطاع البترول