تنشيطًا للسياحة.. إقامة حفل زفاف كازاخستاني في منتجع بشرم الشيخ    الكنيسة تمنع السلام والقبلات من غد حتى عيد القيامة.. ما السر؟    عيار 21 يستقر عند هذا المستوى.. سعر الذهب اليوم الثلاثاء 30-4-2024 في الصاغة    وزير التجارة والصناعة: الحكومة بذلت جهودا كبيرة لتحسين مناخ الاستثمار    كيف يؤثر التحول الرقمي على صناعة السياحة في مصر ؟    رغم الحديث عن تأجيل.. فتح باب التصالح على مخالفات البناء 7 مايو المقبل بالمنوفية    الأول بمصر.. «هاي تك» التايلاندية للملابس الرياضية توقع عقد تصنيع بالقنطرة غرب    في رسالة إلى عائلاتهم.. «القسام» تحمل حكومة الاحتلال استمرار وجود المحتجزين في الأسر    كتائب "القسام" توجه رسالة ملخصة بصورة إلى أهالي الرهائن الإسرائيليين    طيران الاحتلال يشن غارات كثيفة تستهدف مخيم النصيرات وسط غزة    موعد مباراة الاتحاد السكندري والزمالك في قبل نهائي كأس مصر للسلة    دوري أبطال أوروبا.. تاريخ المواجهات بين بايرن ميونيخ وريال مدريد    للعام الخامس على التوالي.. بنك مصر يرعى الاتحاد المصري للتنس    ضبط طن دقيق بلدي مدعم قبل بيعه في السوق السوداء بالإسماعيلية    أفضل عبارات التهنئة لعيد شم النسيم 2024: اختر التعبير المثالي لتشارك الفرحة مع أحبائك    أبوظبي تطلق مركز «التعاون العربي الصيني» لتعزيز النشر والتوزيع    موعد صرف إعانة بيت الزكاة والصدقات شهر مايو    على رأس وفد رسمي.. أمير الكويت يغادر بلاده متوجهًا لمصر | صور    الاتحاد الأوروبي يخصص 15 مليون يورو لرعاية اللاجئين السوريين بالأردن    كيف تجني أرباحًا من البيع على المكشوف في البورصة؟    «التنمية الشاملة» ينظم احتفالية لحصاد حقول القمح المنزرعة بالأساليب الحديثة بالأقصر (تفاصيل)    خطوات ل فحص السيارة المستعملة قبل شراءها ؟    فالفيردي: علينا استغلال حظ البطل.. وإيقاف موسيالا لن يكون سهلا    "دمرها ومش عاجبه".. حسين لبيب يوجه رسالة نارية لمجلس مرتضى منصور    لبيب: نحاول إصلاح ما أفسده الزمن في الزمالك.. وجوميز أعاد مدرسة الفن والهندسة    رئيس مجلس النواب يهنئ الرئيس السيسي بعيد العمال    سرعة جنونية.. شاهد في قضية تسنيم بسطاوي يدين المتهم| تفاصيل    «الداخلية»: تحرير 495 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة وسحب 1433 رخصة خلال 24 ساعة    "بحبها مش عايزة ترجعلي".. رجل يطعن زوجته أمام طفلتهما    تجارة القناة تكرم الطلاب المتفوقين من ذوي الهمم (صور)    وزير الأوقاف يعلن إطلاق مسابقة للواعظات للعمل بإذاعة القرآن الكريم خلال أيام    تكريم الفائزين بجائزة زايد العالمية للكتاب.. اليوم    الليلة.. حفل ختام الدورة العاشرة ل مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير    مستشار زاهي حواس يكشف سبب عدم وجود أنبياء الله في الآثار المصرية حتى الآن (تفاصيل)    طرح البوستر الدعائي ل فيلم "عنب" والعرض في صيف 2024    وزير التنمية المحلية يُهنئ الرئيس السيسي بمناسبة الاحتفال بعيد العمال    لحظة إشهار الناشط الأمريكي تايغ بيري إسلامه في مظاهرة لدعم غزة    الصحة: الانتهاء من مراجعة المناهج الخاصة بمدارس التمريض بعد تطويرها    كيف علقت "الصحة" على اعتراف "أسترازينيكا" بوجود أضرار مميتة للقاحها؟    عشان تعدي شم النسيم من غير تسمم.. كيف تفرق بين الأسماك الفاسدة والصالحة؟    استشاري طب وقائي: الصحة العالمية تشيد بإنجازات مصر في اللقاحات    المهندسين تبحث في الإسكندرية عن توافق جماعي على لائحة جديدة لمزاولة المهنة    إصابة 4 أشخاص بعملية طعن في لندن    دعاء آخر أسبوع من شوال.. 9 أدعية تجعل لك من كل هم فرجا    طلاب النقل الثانوى الأزهرى يؤدون امتحانات التفسير والفلسفة والأحياء اليوم    اليوم.. آخر موعد لتلقي طلبات الاشتراك في مشروع العلاج بنقابة المحامين    الأرصاد تكشف موعد ارتفاع درجات الحرارة (فيديو)    مفتي الجمهورية مُهنِّئًا العمال بعيدهم: بجهودكم وسواعدكم نَبنِي بلادنا ونحقق التنمية والتقدم    زلزال بقوة 4.7 درجة يضرب شرق تايوان    اليوم.. محاكمة 7 متهمين باستعراض القوة والعنف بمنشأة القناطر    مساعد وزير الصحة: قطعنا شوطًا كبيرًا في تنفيذ آليات مواجهة تحديات الشراكة مع القطاع الخاص    واشنطن: وحدات عسكرية إسرائيلية انتهكت حقوق الإنسان قبل 7 أكتوبر    هل ذهب الأم المتوفاة من حق بناتها فقط؟ الإفتاء تجيب    سوهاج.. الدير الأحمر والحديقة المتحفية والمراكب النيلية تستقبل المواطنين فى عيد الربيع    إيهاب جلال يعلن قائمة الإسماعيلي لمواجهة الأهلي    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    حفل زفاف على الطريقة الفرعونية.. كليوباترا تتزوج فى إيطاليا "فيديو"    خطوة جديدة من الزمالك في أزمة فرجانى ساسي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر‏..‏ بين الأمس واليوم
نشر في الأهرام اليومي يوم 13 - 02 - 2012

إن ما شهدته مصر من أحداث جسام خلال العام المنصرم غيرت‏-‏ وستغير‏-‏ وجه مصر بإذن الله‏,‏ وستعيد كتابة تاريخها من جديد‏,‏ بعد أن عادت مصر إلي أهلها بثورتهم البيضاء‏;‏ التي أطاحت بحكم دكتاتوري بغيض جثم علي صدورنا عشرات السنين, منتهكا للحرمات وناهبا للثروات, ومقيدا للحريات, ومعطلا للطاقات, وملفقا التهم للشرفاء ومشردا وقاتلا لأبنائه ومهدرا لأحكام القضاء, ومزورا محترفا لإرادة شعبه ورغباته.
ولقد حذرنا وأنذرنا كإخوان مسلمين النظام السابق مرارا وتكرارا من سوء عاقبة أفعاله وأقمنا العديد من اللقاءات مع القوي الوطنية المصرية تحت عنوان: حوار من أجل مصر, ثلاثة منها قبل انتخابات2010 والرابع بعد تزوير الانتخابات, فضحنا فيها ممارسات النظام وحملنا الدكتاتور شخصيا مسئولية كل تلك الجرائم فتمادي في ظلمه وطغيانه, وشاء الله أن يعقد اللقاء الخامس بعد نجاح ثورتنا المباركة. ونحن علي طريق استمرارنا علي هذا العهد مع شعبنا حماية له ومطالبة بكل مطالب ثورته وبمشاركة كل المخلصين والشرفاء من أبناء الوطن نعقد قريبا حوار من أجل مصر6.
لقد قاوم الإخوان المسلمون النظام السابق وطغيانه بتحمل السجن والاعتقال الظالم والذي تعدي أكثر من40 ألف معتقل من الإخوان بإجمالي حوالي15 ألف سنة سجنا واحتسبنا ذلك كله عند الله. ولم يثننا ذلك عن النزول لكافة شوارع وميادين مصر في مظاهرات متعددة معبرين عن رفضنا له ولممارساته وبخاصة عند المطالبة بالإصلاح ورفض تمديد العمل بقانون الطوارئ والتعديلات الدستورية والتعدي علي القضاة والعدوان علي غزة وغيرها من قضايا مصيرية تهم مصر وشعبها وأمنها القومي. وفي ذات الوقت لم نعب علي من لم يخرج معنا للمشاركة في تلك المظاهرات, ودفعنا النصيب الأكبر من تبعات هذه الوقفات والمظاهرات والتي بلغت اعتقال ثلاثة آلاف فرد من الإخوان المسلمين في يوم واحد, بل وقتل البعض منا إما في السجون أو في فعاليات الانتخابات.
وقاومناه بأسلوب عملي بفضح ممارساته عن طريق نوابنا في مجلس الشعب الذين قدموا نموذجا شهد له الجميع وتقديم الحلول العملية لمشاكل مصر والتي قابلتها الأغلبية الميكانيكية لحزبه بالرفض في كل مرة, وكذلك قدم ممثلونا في النقابات المهنية ونوادي أعضاء هيئات التدريس بالجامعات واتحادات الطلاب الصورة المضيئة للتعاون بين كل أبناء مصر من مسلمين ومسيحيين ورجالا ونساء مما أشعل غضب زبانية النظام فجعلهم يعطلونها لأكثر من خمس عشرة سنة.
إن شدة الظلم والطغيان والتزوير والفساد كانت الوقود الذي أجج مشاعر المصريين, فتحولت مشاعرهم المكبوتة والمتراكمة علي عمر السنين إلي قوة رهيبة تحركت لتواجه الطغاة وتسقط عروشهم, محققة وعد الله لنا في قرآنه الكريم:( قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك علي كل شيء قدير)
وقامت الثورة المباركة, التي كان في القلب منها الإخوان المسلمون, ومن قبل يومها الأول, وحاول النظام السابق تعويق مشاركتنا فيها, باستدعاء مسئولي الإخوان المسلمين في المحافظات, ومحاولة إرهابهم من المشاركة في المظاهرات, وهو ما رفضوه جميعا, وما عبرنا عنه في بياننا المؤرخ في23 يناير2011 م, وما تلاه من بيانات شاهد علي مواقفنا الثابتة من النظام السابق ومن الثورة المباركة, فهذا ليس منة منا, ولكنه الحق والواجب الذي نؤديه إرضاء لربنا وحبا لشعبنا.
لقد شهد العام الماضي تحقيق العديد من مطالب الثورة المباركة, كما شهد العديد من المعوقات والتحديات التي نصر جميعا علي تجاوزها بإذن الله, فتم إسقاط رأس النظام ومعظم زبانيته, وتم حل جهاز أمن الدولة سيئ السمعة, والسبب الأكبر في تفشي حالة الظلم والطغيان, كما تم حل مجلسي الشعب والشوري المزورين, وكذلك إحالة رموز النظام السابق إلي المحاكمة, وتم إلغاء الدستور بتعديلاته المعيبة, والتي كانت تمهد لتوريث الحكم.
وتم إجراء انتخابات مجلس الشعب تحت إشراف قضائي كامل, وتكون عندنا مجلس شعب منتخب انتخابا حرا ونزيها ومعبرا عن إرادة الشعب, ولأول مرة يخرج عشرات الملايين من الشعب المصري الكريم للانتخابات, مستشعرين أهمية صوتهم في بناء بلدهم, ولأول مرة تعلو الإرادة الشعبية علي ما عداها ويشارك الشعب في صنع مستقبل بلده باختياره ممثليه المعبرين عنه ولأول مرة تكون مساءلة رئيس الوزراء والوزراء تنفيذا لأوامر الشعب.
وانتهت جولة أولي من انتخابات مجلس الشوري وبإذن الله تنتهي الثانية في موعدها, وقد تم تقديم موعد الترشح لانتخابات الرئاسة; ليكتمل لنا بعد أسابيع قليلة عقد المؤسسات المنتخبة في مصرنا الحبيبة بعد غياب عشرات السنين.
إننا نسعي لبناء الدولة الديمقراطية الحديثة القائمة علي أسس المواطنة ومبادئها وسيادة القانون والحرية والمساواة والتعددية, بكل أشكالها وأنواعها, والتداول السلمي للسلطة, عبر صناديق الاقتراع, واحترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية, وشيوع قيم الحرية والعدالة والمساواة بين جميع أبناء الأمة, بلا تمييز علي أساس العرق أو اللون أو الدين, وصياغة دستور جديد للبلاد يلبي متطلباتنا نحو نهضة حقيقية لعشرات بل مئات السنين, بصورة توافقية بين جميع أبناء البلاد, فالدساتير توضع بالتوافق لا بالأغلبية.
مع ضرورة محاربة مختلف مظاهر الفساد في دوائر الدولة ومؤسساتها ومحاسبة الفاسدين والمفسدين, مهما كانت مواقعهم وصفاتهم, وسرعة محاكمة المجرمين منهم محاكمة عادلة وعاجلة, وسرعة القصاص للشهداء ورد حقوق المصابين, ومعالجة الوضع المعيشي المتدهور للمواطن وتحسينه والقضاء علي ظاهرة الفقر والبطالة, وإعادة الأمن والأمان للمواطن في كل ربوع مصر, وإعادة تأهيل الأجهزة الأمنية وتغيير مفهومها الخاطئ, كأجهزة قمع واستبداد, واقتصار دورها علي حماية الوطن وتوفير الأمان والاستقرار للمواطنين, وإفساح المجال أمام كل الاتجاهات والتيارات السياسية والفكرية والحقوقية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية, ومنظمات المجتمع المدني في البلاد; لممارسة أنشطتها وفعالياتها والتعبير عن آرائها وتوجهاتها وتمكينها من ممارسة دورها الوطني بحرية; للمساهمة في حماية مؤسسات بلدها التي أصبحت مالكة لها وكذلك بناء وطنها ورفعة شأنه, مع ضرورة نشر ثقافة المحبة والتسامح والاحترام المتبادل والعيش المشترك بين جميع أبناء الأمة; فهذه هي مطالب الشعوب وواجبات الحاكم; أيا ما يكن, وهذا هو الطريق الوحيد للخروج من أزماتنا وتحقيق نهضتنا.
إن شعبنا المصري الكريم يبحث عمن يحفظ عليه دينه, ويحرس بلده ويدافع عنها, ويحفظ أمنه الداخلي والخارجي, ويحترم أحكام القضاء وينفذها, ومن يقيم العدل والعدالة الاجتماعية, وينشر الفضائل والأخلاقيات, وييسر سبل العيش, وينشر الرخاء في ربوع البلاد, ويولي الوظائف والمهام للأمناء من أهل الخبرة. إن أغلي ثرواتنا هي الثروة البشرية التي يجب علينا استثمارها وتنميتها وحسن توظيفها ورعايتها, لينشأ جيل يقدم مصالح وطنه وأمته علي مصالحه الخاصة, ويضحي من أجلها بضمير يقظ وفطرة سليمة و خوف من الله عز وجل قبل خوفه من الرقابة والقوانين ويقدم الخير للغير ليكون كما وصفهم الرسول صلي الله عليه وسلم خير الناس أنفعهم للناس, ولا بد أيضا من الاهتمام بالتأهيل الأمثل للإنسان; بدءا من تقديم الخدمات التعليمية والصحية النوعية, ومن خلال وضع الخطط والبرامج المتعلقة بالتدريب والتأهيل في المجالات العلمية والفنية والمهنية; بما يلبي احتياجات المجتمع والأغراض التنموية الاقتصادية والاجتماعية, ومواكبة ما يحدث من تطورات حثيثة وتغيرات تكنولوجية وتقنية وعلمية وثقافية. فبهذين الركنين- المادي والمعنوي- يستطيع الفرد والمجتمع أن يحلقا إلي آفاق المستقبل المشرق بإذن الله.
والآن ما زال أمامنا العديد من التحديات التي يجب أن نواجهها جميعا, وفي مقدمتها بقايا النظام السابق وفلوله وعملاء جهاز أمن الدولة والمنتفعون من رجال الأعمال, صنيعة النظام السابق وحوارييه وبعض وسائل الإعلام التابعة لهم والمحرضة علي الثورة ومكتسباتها, والذين يحاولون مجتمعين أو متفرقين اختلاق الأزمات تلو الأزمات; لتعطيل مسيرة التحول الديمقراطي وإشاعة الفوضي واليأس والقنوط في النفوس.
وتناسي هؤلاء الواهمون أن دماء الشهداء الأبرار روت بذور الإرادة الشعبية, فنمت شجرة الحرية, وأصبحت عصية علي الاقتلاع أو الالتفاف عليها أو محاولة الخداع بغيرها, فعلينا جميعا ألا نستهين بإرادة شعوبنا, وأن ننصاع لها, وأن نتحرك في إطارها, وألا يحاول أي فصيل- مهما اعتقد في نفسه القدرة علي مجابهة الشعوب- أن يسبح عكس التيار, وليكن له عبرة فيمن سبقوه.فلنتسابق جميعا في تقديم النافع لمصرنا الحبيبة, ولنتعاون في تقدمها ورقيها وبنائها واستعادة أمنها واستقرارها والوصول بها إلي مكانتها المستحقة, لنربط ماضينا العظيم وتاريخنا العريق بحاضرنا ومستقبلنا المشرق بإذن الله الذي سنشترك جيمعا في صناعته كما صنعنا حضارتنا الفرعونية القديمة واشتركنا في صنع حضارتنا القبطية وحضارتنا الإسلامية الممتدة, فإن مصر تجمع الرحيق من كل الحضارات وتهضمه وتخرجه عسلا غذاء وشفاء بخلطة ونهكة مصرية أصيلة.
حفظ الله مصرنا الحبيبة من كل مكروه وسوء, وأعاننا علي بذل الجهد الواجب لرقيها وتقدمها. وتعاونوا علي البر والتقوي ولا تعاونوا علي الإثم والعدوان.
المزيد من مقالات د‏.‏ محمد بديع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.