إذا كنا نقول بحق الأقلية في أن تقول رأيها وأن تحسن الأغلبية الاستماع لهذا الرأي والتعامل معه فإن ذلك لا يعني أن يتم الاستماع إلي صوت الأقلية إلي مالا نهاية خصوصا عندما يستشف رئيس البرلمان أن المعارضة غير معقولة أو أنها صادرة عن دوافع تتعارض بوضوح مع المصالح العليا للوطن... ومن ثم فإن علي رئيس البرلمان أن يكبح جماحها وحتي في حالة ما إذا كانت المعارضة معقولة وصادرة عن دوافع مخلصة فإن لها أن تحظي باستماع عادل ثم يقفل باب المناقشة بعد قدر معقول من المساجلة. وقد يقال إن القواعد المنظمة لأي إطار ديمقراطي مجلس نيابي أو مجلس شعبيتتيح إطارا عاما للمناقشة المجدية ولكن ينبغي أن يؤخذ في الاعتبار أن هذه القواعد لا تتيح البراعة في إقامة العلاقات بين الأشخاص أو البراعة في الحديث وحسن إلقاء الكلام... وهذان عنصران بالغا الأهمية في الممارسة الديمقراطية... وفي الدول العريقة ديمقراطيا تعكف الأحزاب التاريخية علي تنمية هذه المهارات وتدريب الكوادر السياسية عليها وقبل هذا وذاك يبقي الحرص علي استخدام الذوق السليم في الحوار والمجادلة سواء عند طلب العضو للكلمة أو عند اضطرار رئيس الجلسة للمقاطعة أو قفل باب المناقشة! وما دمنا نتكلم عن الديمقراطية فإن من يرأس البرلمان لابد أن يكون قد تم اختياره بالانتخاب وبما يؤكد توافر حد أدني من المواصفات الضرورية أهمها تمتعه بصلة وثيقة بالأعضاء إلي حد معرفتهم اسما اسما والقدرة علي تفهم دوافعهم وأفكارهم وأن يكون انتخابهم لهذا الرئيس قد تم عن ثقة في عدالته وقبولا لحزمه. ومن المتعارف عليه أن رئيس البرلمان ينبغي أن يتوافر له أكبر قدر من الثقافة العامة والقانونية بوجه خاص وأن يكون قادرا علي الكلام بصوت عال بحيث يسمعه الجميع وأن يملك فراسة تمكنه من سرعة اتخاذ القرارات واستخدام الإجراءات الملائمة لضمان سير المناقشات. باختصار فإن من يرأس البرلمان ينبغي أن يكون العنوان الصادق للحكم الصائب علي الأمور والذوق السليم واللباقة وعدم التحيز لوجهة نظر دون الأخري! ومن رحم الديمقراطية تولد القوانين والذين يقومون علي التشريع هم المنوط بهم رقابة الأعمال الصحيحة لهذه القوانين... ولهذا تبقي الديمقراطية رغم أية ملاحظات عليها هي أفضل نظام ارتضته البشرية منذ مطلع التاريخ حتي الآن!
خير الكلام: هم في ظلال الحق جمع موحد... وعند التقاء الرأي فرد مجمع! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله