أن تصل متأخرا خير من ألا تصل أبدا لابد أن يداهمك هذا الخاطر حين تعلم أن وزارة المالية أعدت مشروع قانون يقضي بمشاركة القطاع الخاص للحكومة في مشروعات البنية الاساسية. يقضي القانون بأن يدخل القطاع الخاص كمستثمر في بناء الطرق والصرف الصحي وجميع المرافق مع تحمل مسئولية صيانتها. أهل الخبرة استقبلوا هذا المشروع بسعادة لأنه سيضرب عدة عصافير بحجر واحد, فمن ناحية سيخفف العبء علي الموازنة العامة للدولة ويقلل من الدين العام الداخلي, ومن ناحية أخري ستتم الانجازات بسرعة لأن القطاع الخاص سيكون حريصا علي الجودة مع السرعة مع تقليل التكلفة. ومن ناحية أخري سيضمن استمرار الصيانة مدي الحياة لكل المرافق. دون أن يتأثر الامر بتغيير وزير أو بذهاب حكومة. ودونما استباق للنتائج فيما لو وافق مجلس الشعب علي هذا القانون دعونا نعترف بأنه خطوة مهمة لاستئناف مسيرة التنمية الاقتصادية بمشاركة القطاع الخاص وتعالوا إلي رأي الخبراء حول المواد التي يجب أن يتضمنها هذا القانون. الدكتور ابراهيم فوزي وزير الصناعة الاسبق ورئيس هيئة الاستثمار سابقا يري في تقديره ان مشروع قانون تنظيم مشاركة القطاع الخاص في مشروعات البنية الاساسية والمرافق العامة جيد ايجابيا اكثر من سلبياته. فمن الايجابيات كما يقول ان القطاع الخاص في المعتاد افضل من الحكومة في البناء والادارة بمعني ان أي مشروع لو ان الحكومة مسئولة عن بنائه يمكن الا تكفل الاجراءات البيروقراطية الحصول علي افضل مقاول, كما ان الحكومة في المعتاد لا تتمكن من صرف دفعات او مستحقات المقاول في مواعيدها بسبب إجراءات بيروقراطية فينتهي المشروع الحكومي بتكلفة اكبر مما كان مقدرا له. ايضا في الغالب يحدث تغيير في الوزراء او رؤساء الهيئات والمصالح مما يغير الرؤية السابقة, علما بأن المقاولين العاملين مع الحكومة يأخذون ذلك في الاعتبار, ومما ينعكس بتكلفة اعلي علي المشروع حتي لو كان الاسناد من خلال مناقصة. من ناحية الادارة فكلنا نعلم ان الادارة الحكومية مقيدة بقواعد وإجراءات لا تكفل وضع الكفاءات المناسبة في ادارة المشروعات لاسباب كثيرة منها المهارة وغيرها. ايضا عندما يحتاج التشغيل تكاليف للصيانة في الغالب لا يحصل عليها في الحكومة في الوقت المناسب فيؤدي ذلك إلي تدهور المشروع. أما لو انخفضت جودة المشروع او كفاءته فلا يستطيع احد مواجهة ما به من اوجه النقص إذا ما كان المشروع مسندا للحكومة. ويضيف: هناك سلبيات تكمن في التعاقد الاصلي مع الحكومة والقطاع الخاص في البنية الأساسية قد لا يشمل كل النقاط التي يجب ان يشملها مثل ثمن الخدمة والزيادة السنوية فيها وتعويض المستهلك عن نقص الخدمة, مثلا لو تم التعاقد علي مشروع محطة تنقية مياه وتوصيلها للمواطنين, فيمكن ان تتعطل هذه المحطة لمدة أسبوع او تكون المياه الخارجة من المحطة ليست بالنقاء المطلوب أو ان تصل المياه بضغط منخفض, وبالاضافة إلي امكانية طلب القطاع الخاص زيادة في سعر الخدمة غير مبررة وماذا لو افلست الشركة التي تم التعاقد معها وبيعت لشركة اخري قررت عدم الاهتمام بالمشروعات الحكومية, فإذا توافر في العقد الشروط التي تضمن حقوق الحكومة فيجب ان تشجع الحكومة هذا النمط من المشاركة. والقطاع الخاص عندما يبني مشروعات لفترة معينة يجب ان تراعي الحكومة في التعاقد شرط استمرار القطاع الخاص في صيانة المشروع حتي لا ينهار قرب نهايته. وحتي لاتهدد المسيرة الاقتصادية مرة أخري ويضيف الدكتور ابراهيم فوزي انه يمكن الاستفادة من تجربة بيع شركات قطاع الاعمال العام لاننا نكتشف الان سلبيات لم يأخذها المخططون والمسئولون في الاعتبار عندما بدأت هذه التجربة, وبعد ان كانوا يبشرون بأنها الفردوس المنشود أو الجنة الموعودة اتضح انها احرقت كثيرا من القطاعات بنار لم تكن متوقعة ولا تزال السبب في كثير من الاشكالات والتشابكات المجتمعية التي تهدد المسيرة الاقتصادية. ماهية الخدمات الدكتورة ماجده شلبي استاذة الاقتصاد بتجارة بنها تعطي ملاحظات علي مشروع القانون مع مقترحات بناءه لتفعيل الهدف منه فتقول: تعد المشاركة احدي آليات تقديم الخدمات التي تجمع بين رقابة الدولة بإعتبارها المسئول عن تقديم تلك الخدمات ذات الطبيعة العامة وبين استخدام إمكانيات القطاع الخاص التقنية والمالية من اجل توفير هذه الخدمات, واستنادا إلي تجارب الدول, كان الاتجاه المتصاعد نحو زيادة التمويل للاصول الثابتة من البنية الأساسية إلي عديد من الدول مثل البرازيل وشيلي وكولومبيا والهند خلال التسعينات بالتحول بالملكية أو الادارة الي القطاع الخاص من أجل تحقيق الكفاءه التشغيلية في ظل التحديات والاداء الحالي بالدول النامية. وتتمثل مبررات المشاركة في استهداف تخفيض التكلفة بزيادة الكفاءة التشغيلية مما يسهم في المحافظة علي مستوي الأسعار وتعريفة الخدمات لتكون في نطاق القدرات المالية للمواطنين. كما يسمح تخفيض التكلفة بتخفيف العبء المالي علي الموازنة العامة للدولة. وان تكون الامور الواردة في العقد قابلة للقياس وفقا لمفاهيم الجودة حتي يمكن تقييم مدي التزام القطاع الخاص بالوفاء بمتطلبات العقد. وضرورة ارتباط المدفوعات المقدمة للقطاع الخاص بمستوي الكفاءة للخدمة وليس فقط الانجاز. وأهمية صياغة العقود بالشكل الذي يكفل تحويل المخاطر بالقدر الكافي الي الشريك من القطاع الخاص من خلال التسعير المناسب لمثل هذه المخاطر وادراج المشاركة علي النحو الملائم في الحسابات المالية وفي تحليل إمكانية الاستمرار في تحمل الدين العام. وأشارت الدكتورة ماجدة شلبي الي أن المادة الاولي في الفصل الاول تعني يضبط الاحكام العامة للمشاركة مع القطاع الخاص لمفهوم التشغيل الذي يكون فيه القطاع الخاص مسئولا عن إدارة المشروع وبيع المنتج أو الخدمة للجهة الادارية المتعاقدة حيث يتحمل القطاع الخاص مسئولية الادارة وتقديم الخدمة لجمهور المنتفعين, هذا وتشير التجارب الدولية الي أن عقود البناء أو الادارة أو التشغيل وتحويل الملكية تمثل النماذج الاكثر شيوعا في مجال المشاركة حيث تتحول الملكية الي الحكومة بعد انتهاء فترة الامتياز. المخاطر علي المالية العامة وأضافت الدكتورة ماجدة ان مناقشة وتحليل المخاطر علي المالية العامة بالنسبة لنماذج المشاركة تحتل جانبا مهما في هذا القانون. خاصة ان نظم المشاركة تقترن عادة بعدد من المخاطر مثل المخاطر الخاصة بالتعاقد وجودة تقديم الخدمات بالاضافة الي المخاطر المالية التي قد تتمثل في تقاعس الحكومة عن سداد التزاماتها في ظل عقود المشاركة التي قد تصبح وسيلة لاخفاء المديونية الحكومية مما يؤثر علي شفافية وسلامة الاوضاع المالية من خلال تسجيل بنود الاستثمار العام خارج الموازنة وبنود الدين العام كذلك وقد تصبح عقود المشاركة مع القطاع الخاص اكثر تكلفة إذا كانت الحكومة تستطيع الاقتراض لتنفيذ هذه المشروعات بسعر فائدة منخفض ولذلك يتعين علي الحكومات توخي الشفافية والافصاح عن جميع المخاطر علي مستوي المالية العام. كما يجب ان يراعي في القانون أن سوء تصميم الشراكات بين القطاع الخاص والعام قد يؤدي الي تعرض الحكومة لقدر أكبر من المخاطر لما تنطوي عليه هذه الشراكة من ترتيبات تعاقدية طويلة الاجل. ولذلك يجب أن يراعي توزيع المخاطر بين الطرفين بحيث تتحمل الدولة المخاطر السياسية والتنظيمية أو مخاطر الطلب وسعر الصرف ويتحمل القطاع الخاص مخاطر البناء والتشغيل خطوات المشاركة وأضافت أن مشاركة القطاع الخاص تعد ضرورة ملحة في إطار دور الحكومة في التنظيم والرقابة والمتابعة من خلال تطوير الخدمات والاجراءات الحكومية المؤسسية لضبط آليات السوق. وتنظيم قوانين العمل وبناء جسور الثقة مع المواطنين وضرورة إنشاء وحدات ذات طبيعة خاصة بالوزارات والشركات والادارات المحلية للمتابعة والتنفيذ للاستثمارات الخاصة, وإجراءات البحوث والدراسات وتحديث قواعد المعلومات وتوفير كوادر مؤهلة لتحقيق الكفاءة والفعالية. وأن يتم تحويل الملكية والادارة الي القطاع الخاص بخطوات متدرجة تبدأ بعقود الادارة ثم حقوق الانتفاع ثم الخصخصة للملكية والادارة في ظل أطر قانونية وهياكل تنظيمية تتمتع بالمرونة اللازمة. رؤية وتحفظات محمد أبو العينين رجل الأعمال وعضو مجلس الشعب يري أن مشروع القانون ينظم مشاركة الدولة مع مستثمر مصري أو أجنبي في مشروعات البنية الاساسية مثل مطار أو مستشفي أو طريق أو مرفق مياه, أو محطة توليد كهرباء أو صرف صحي أو صناعي. كل ذلك بنية اساسية تحتاجها عمليات الدولة وكلما كان هناك تكثيف وانتشار وتنوع للبنية الأساسية استطاعت الدولة تحقيق معدلات نمو أكثر وحيث إن موارد الدولة محدودة, بالتأكيد ذلك يؤثر علي كم وكيف وانتشار والتنوع ولذلك لابد كما فعلت الدولة خلق مشاركة بين الدولة والقطاع الخاص في البنية الاساسية يجب عمل مزايا تنافسية مع المتقدمين حتي يمكن الحصول علي افضل الشروط ولابد للدولة ان تضع تخطيطا شاملا للرؤية المستقبلية لهذا النشاط سواء في كل المجالات وكل ربوع الدولة, كما يمكن أن تقسم هذه المشروعات الي اعداد مختلفة تناسب مجموعة أكبر من المستثمرين ثم تتكامل فيما بينها حيث أن ذلك يساعد علي خفض التكلفة وزيادة العائد بأسرع وقت ممكن فضلا عن الانتشار لتحقيق التنمية ومعدلات نمو اكثر, وعلي ذلك فإن وضوح الرؤي والتخطيط الشامل لمنظومة البنية الاساسية وأهدافها الاستراتيجية لانشاء المدن الصناعية والعمرانية والطرق العامة والخدمات الصحية والتعليمية وربط شمال الوادي بجنوبه وشرقه بغربه سواء بخطوط القطارات أو مطارات او شق طرق كل ذلك يستدعي تخطيطا واستراتيحية من ذوي الخبرة لتعظيم العوائد منها وتسويق مصر عالميا لخلق اسم عالمي جاذب للاستثمارات لتحتل مكانة مرموقة في اسواق الاستثمار.