"بلقيس" ملكة سبأ ، ثار بسببها غضب الكثيرين عند توليها الحكم ، وحاولوا إقصائها بشتى الطرق لكونها أمرأة ، بعد أن ورثت الحكم عن أبيها ، وأصبحت به أول ملكة لسبأ ، إلا أنها ظلت ملكة قوية ، وأخذت بمبادئ العدل والحكمة والشورى وطبقت الأخذ بأسباب العلم ، فازدهرت المملكة على يديها . وجاء هدهد سيدنا سليمان عليه السلام بأخبارها ، عندما رأها هى وقومها يعبدون الشمس من دون الله ، ليضع بلقيس على طريق الهداية لدين الله عز وجل ، عندما نقل مارأه لسيدنا سليمان فأرسل إليها رسالة ، لكي تؤمن بدين الله عز وجل ، فكان لها وقع كبير على نفسها ، وقامت بالتشاور مع قومها عن الأجراء الذى يمكن أن تتخذه لخوفها على ملكها وشعبها.
فقد صنعت "بلقيس بنت الهدهاد بن شرحبيل" لنفسها عرشًا مميزًا ذي ألوان متعددة لم يصنع مثله من قبل، إمتازت به بين حكام عصرها ، وهو ما جعل سيدنا سليمان عليه السلام أن يطلب من أحد جنوده من الجن أن يأتي به إليه في طرفة عينه قبل أن تصل بلقيس ، لكي يبهرها ويختبر عقلها وثباتها، فإذا بها تقول "وكأنه هو"، فلم تجب الإثبات أو النفي، إذ ثبت عدم صحة الأمر، مما يظهر فطنتها.
وقد ذُكرت في القرآن الكريم بأنها صاحبة الصرح المُمَرد من قوارير، حيث أمر سليمان قبل مجيء بلقيس، جنوده من الجن والبنّائين، أن يصنعوا "صرحًا" أي قصراً من الزجاج، وفرش أرضه بالزجاج الصافي، وأسفله ماء يسبح فيه الأسماك والضفادع، وجعل سريره في أعلى القصر وكأنه سابح على البحر، لإظهار العظمة، حتى تكون بلقيس وقومها أسرع في الإيمان.
فما أن شاهدت بلقيس ذلك حتى ظنت أنها ستسير على مياه البحر، فرفعت ثوبها وكشفت عن سايقيها ، لكي تسطيع السير عليه، ولكن سيدنا سليمان طمأنها أنه زجاج فدخلت ، وهي ضارعة إلى الله سبحانه وتعالى ، مستغفرة عمّا كانت عليه سابقاً من عبادة الشمس، وأسلمت بدين سيدنا سليمان عليه السلام ، ويروى أنه تزوجها فيما بعد.
و بقي التاريخ يذكر قدرتها وصلابتها فى أدارة شؤنها مملكتها ، والتعامل بفطنة مع الموقف ، والذكاء فى التعامل مع الجديد ،وأيمان الملكة بلقيس ملكة سبأ بالله عز وجل هى وقومها ، لنأخذ منها العبرة والقدوة فى التعامل مع مجريات حياتنا اليومية فى العصر الحديث ، ونحن نستكمل خلال شهر رمضان القصة الثالثة لبعض السيدات اللاتى أثرن فى التاريخ الإنسانى