مع المفتى مع الصحابة فى رمضان

للصحابة فى رمضان أحوال عجيبة، ولا عجب فقد تمثلوا بالنبى صلى الله عليه وآله وسلم سيد الصائمين العابدين الذى جعله الله سبحانه وتعالى أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر.
ومن أحوال الصحابة فى رمضان أن كانوا لا يكثرون من الطعام فى الإفطار، وكان بعضهم يحب أن يفطر مع المساكين، مواساة لهم، فكان ابن عمر رضى لله عنهما لا يفطر إلاَّ معهم، وكان إذا جاءه سائل وهو على طعامه، أخذ نصيبه من الطعام وقام، فأعطاه إياه، فيرجع وقد أكل أهله ما بقى فى القصعة، فيصبح صائماً ولم يأكل شيئاً.
كما كان الصحابة يطيلون صلاتى التراويح والقيام، فقد ورد عن السائب ابن يزيد قال: «أمر عمر بن الخطاب - رضى الله عنه - أبَى بن كعب وتميم الدارى - رضى الله عنهما - أن يقوما للناس فى رمضان، فكان القارئ يقرأ بالمئين، حتى كنا نعتمد على العصى من طول القيام، وما كنا ننصرف إلاَّ فى فروع الفجر»، ويجب أن تراعى مصالح الناس وضعفهم فى زماننا هذا، فيترك الأمر لكلٍ حسب طاقته وعزيمته
ومن أحوال الصحابى الجليل أنس بن مالك - رضى الله عنه – خادم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فى شهر رمضان ما ورَد فى صحيح مسلم عن أنس - رضى الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلى فى رمضان، فجِئت فقُمت إلى جنبه، وجاء رجل آخر فقام أيضًا، حتى كنا رهطًا، فلمَّا حسَّ النبى - صلى الله عليه وآله وسلم - أنَّا خلفه، جعل يتجوز فى الصلاة، ثم دخل رَحْله، فصلى صلاة لا يصليها عندنا، قال: قلنا له حين أصبحنا: أفطِنت لنا الليلة؟ قال: فقال: نعم، ذاك الذى حملنى على الذى صنَعت، قال: فأخذ يواصل رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وذاك فى آخر الشهر، فأخذ رجال من أصحابه يواصلون، فقال النبى - صلى الله عليه وسلم -: «ما بال رجال يواصلون؟ إنكم لستُم مثلي، أما والله لو تمادَّ لى الشهر، لواصلت وصالاً يَدَع المتعمقون تعمُّقهم».
ويحكى لنا الصحابى الجليل أبو هريرة رضى الله عنه أنه كان وأصحابه إذا صاموا قعَدوا فى المسجد، وقالوا: نُطهر صيامنا، يحفظون صيامهم من اللغو والرفَث وقول الزور، ومن كل ما يُفسده أو ينقص أجره.
هكذا كان حال صحابة نبينا وهم خير من وطئ الثرى من بعد رسول الله عليه الصلاة والسلام وعلى آله، فهم أسوتنا بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فما حالنا نحن فى رمضان؟!، سؤال نحتاج أن نقف أمامه طويلًا لنتدارك ما فات منا من خير فى رمضان.