بدأ فى روسيا تطبيق حظر على الأفلام والمسرحيات والكتب التى تحتوى على سباب وشتائم، وبحسب التشريع الذى تم إقراره فإنه سيتم حظر تداول الأفلام التى تحتوى على «ألفاظ بذيئة» على نطاق واسع وسيتعين بيع الكتب التى تتضمن كلمات بذيئة فى عبوات مغلفة ومدون عليها تحذيرات من البذاءة، بهدف ضمان «حماية الثقافة اللغوية وتطويرها». نضيف أيضا فإن هيئة الرقابة على الاتصالات فى روسيا تعتزم استخدام برنامج بحث لاستئصال الكلمات الخادشة من المقالات المنشورة على الانترنت والتعليقات عليها، ما رأيكم أن يصدر هذا فى موسكو، والتى يحاول كما يقول الخبر الرئيس بوتين أن يتقرب بهذه القوانين إلى الطبقات المحافظة باعتبار أن هذا يصب فى خانة حماية القيم الموروثة ومعظمها من الكنيسة الأرثوذكسية باعتبارها سلطة أخلاقية. والسؤال هو: ما الذى حدث فى لغة الحوار والثقافة والدراما حتى التسلية والفكاهة فى مصر؟ طبعا صوت وصورة، لقد تردى الحوار لمستوى لم يعد لائقا بمصر، مصر الإسلام والأزهر، فمصر اليوم أولى بناسها أن يقوموا أنفسهم فاللغة الدارجة اليوم فى برامج التليفزيون والإذاعة وحتى الأفلام السينمائية للأسف تخدش الحياء والأدب وظهرت ألفاظ جديدة فى قاموس لغة الحوار وتعبيرات متدنية، وفى أحد برامج المقالب التى نكتب عنها كل عام!!! والتى شاعت هذه الأيام والجميع يحاول تقليدها، أقول إن الضيوف الذين يتم استضافتهم يشتمون بأقذع الشتائم والسباب وحتى لو تم وضع صوت لحذف الشتيمة، إلا أنها تظهر فى حركة الفم. .. إننى استغرب أن يتم الموافقة على إذاعة هذه البرامج بكل هذا السخف والفحش بدون وازع أخلاقي. ومنذ عامين وعقب قيام الثورة المصرية كتبت فى بريد الأهرام عن برامج التوك شو بالقنوات الفضائية والتى غاب عن معظمها منهج الحوار البناء وتدنى مستوى الحوار وساد العنف اللفظى والتعصب وافتقدنا القدرة على تبادل وجهات النظر واحترام الآخر، ما هذا الذى يجري، لقد سادت حالة من الضغينة والحقد بين الناس فيفرحون فى مصائب الآخرين، حتى ولو كانت ظالمة، ويسعدون بسماع الاتهامات والشائعات والمصائب ولو كانت مغرضة، ويتلهفون على سماع الفضائح والأسرار ولو كانت كاذبة، ويتنقلون بين القنوات ومواقع الإنترنت بحثا عن الفضائح والاتهامات ولو اتصلت بالأعراض والشرف والاعتبار، لقد كان المصريون فى الماضى يغضون أسماعهم عنها، ويشعرون بالخجل عند سماعها أو مشاهدتها!! حتى تلوثت الآذان والأنظار، ولم يعد يستشعر فى الأمر غرابة أو خجلا، هذه ليست مصر فهى أكبر من كل هذا بكثير، هذه ليست حرية وليست شجاعة وقد يحدث أن يتم التغاضى أحيانا عن العدل، لزيادة مساحة الحرية فى المجتمع بحجة أن الناس تحتاج إلى الحرية للتعبير عن آرائها، أو للقيام بأعمال وممارسات تمتص شيئا مما بنفوسهم من مشاكل اقتصادية أو سياسية، ولكن أن تقيد هذه الحرية بعدم القذف والسب. إن جميع المصريين فى كل موقع شركاء فى صنع هذه القيود المفروضة على الحرية، وكل واحد منا له الحق فى أن يطالب بأن تكون حصته فى تقييد الآخرين مثل حصة أى منهم فى تقييده هو، وهنا تكون المساواة، وبهذا تدخل الحرية دائرة العدل ليرسم لها العدل حدود القول والفعل والتصرف والسلوك، وأخاطب كل المبدعين والكتاب والصحفيين المساهمة بنشر الوعى بالأخلاق الحميدة والبعد عما يخدش الحياء، وأن يكون خطاب الدولة الحض على مكارم الأخلاق وحماية قيمنا الموروثة التى عشنا بها قرونا، وأتذكر ما قاله أحمد شوقي: إنما الأمم الأخلاق ما بقيت.. فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا. د. حامد عبد الرحيم عيد أستاذ بعلوم القاهرة ومدير مركز التراث العلمي