بعد أن نجَّا اللهُ تبارك وتعالى نبيَّهُ نوحًا عليهِ السلام ومن معه في السفينة, كثرت الذرية من أولاد نوح الثلاثة سام وحام ويافث الذين كانوا على دين آبائهم الإسلام. ثم بعد أن طال الزمن رجعَ بعض الناس إلى الإشراكِ باللهِ، فبعث اللهُ تبارك وتعالى هودًا. وقد ذُكر هودٌ عليه الصلاة والسلام في القرآن الكريم سبْع مرات، وقد ذكر اللهُ تبارك وتعالى قصته عليه السلام مع قومه مع شيء من التفصيل في سورة الأعراف وسورة هود وسورة المؤمنون وسورة الشعراء وسورة الأحقاف وسورة فصلت. وسيدنا هود عليه السلام هو عربيٌّ في أصله، وقيل إنه هود بن عبد الله بن رباح بن الجلود بن عاد بن عَوْص بن إرم بن سام بن نوح. وكان من قبيلة يقال لهم عاد بن عوص بن سام بن نوح. وكانوا عرباً يسكنون الأحقاف - وهي جبال الرمل وكانت باليمن بين عمان وحضرموت، بأرض مطلة على البحر يقال لها الشحر، واسم واديهم مغيث. وكانوا كثيراً ما يسكنون الخيام ذوات الأعمدة الضخام , كما قال تعالى: (أَلَمْ تَرَى كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ، ارَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ) . والمقصود أن عاداً - وهم عاد الأولى - كانوا أول من عبد الأصنام بعد الطوفان. وكانت أصنامهم ثلاثة: صدا، وصمودا، وهرا. فبعث الله فيهم أخاهم هوداً عليه السلام فدعاهم إلى الله، كما قال تعالى بعد ذكر قوم نوح، وما كان من أمرهم . فأبوا ولم يؤمنوا بهود وآذوه ، فكف السماء عنهم سبع سنين حتى قحطوا . وقال تعالى :(وَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ آمنوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مّنَّا وَنَجَّيْنَاهُم مّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ)، سورة هود 58. أما موضع قبره ففيه خلاف، قيل بحضرموت في بلاد اليمن، وقيل بالحِجر من مكة، وذكر آخرون أنّه بدمشق، وبجامعها مكان في حائطه القبلي.