دائمًا مانردد أن الأفعال التى يصاحبها الفهم، والتقدير لمتخذيها يتم تعزيزها والاحتفاء بها، وبالتالى تكرارها. وعليه يكون جل آمالنا أن يتم تعزيز قرارات، ومواقف نرى أنها فى مصلحة الجماهير أولًا، ثم فى مصلحة من يديرون العمل الثقافى ثانيًا؛ وهم الفئه المنوط بها ايصال الخدمات الثقافية إلى مستحقيها، وذلك يصب فى النهاية فى مصلحة الجماهير أيضًا. وعليه فقد أجملت عدة نقاط أود شكر السيد الوزير على تحقيقها، وهناك نقاط أخرى نشكره مقدمًا لو سعى لإنجازها: أولًا: لقد فاض الكيل بالعاملين فى المؤسسات الثقافية من بعض القيادات المَعيبة على مختلف مستوياتها، والتى لاتمت للثقافة بصلة؛ لاتنتج فنًا، ولاتشرع حتى فى تذوقه .. لاتسعى لاكتشاف المواهب، بل تضطهدها .. ترى فى معظم أنواع الآداب والفنون زوائد يفضل تجنبها إن لم يكن المراد التخلص منها .. تقصى الآخر الأكثر معرفة وخبرة، وترحب بالصغار والأقل فى كل شيء .. منهجها (الردح) والبلطجة وليس التفاهم والتعاون .. تغذى النزاعات بين العاملين، وتزرع المشكلات، وتتشدق بمعرفتها بالقانون لأنها الطريقة الوحيدة التى تعرفها للإدارة، وهى الإدارة بالخلاف .. لقد آن الأوان للتخلص من تلك القيادات سيدى الوزير، لايهم كثيرًا أو قليلاً التنكيل أو الانتقام منهم لما فعلوه بالآخرين ، وقيامهم بتلويث الشرفاء، والواقع الثقافى ذاته، ولكن الأهم أن يختفوا من المشهد حتى نستطيع أن نعمل، فهؤلاء من ينطبق عليهم تمامًا قول طه حسين زالذين لا يعملون، ويسوءهم أن يعمل الآخرونس. ثانيًا : ربما جاء رضا المثقفين عن جوائز الدولة هذا العام بدرجة (لابأس) ونشهد أن ذلك لم يحدث منذ سنوات، فقد حاز الجوائز أخيرًا شخصيات مثل: إدوارد الخراط، عز الدين نجيب، مجيد طوبيا، أحمد عتمان، عواطف عبد الرحمن، محمد الكحلاوى .. وتبقى (لكن) تشتكى اللائحة العقيمة، التى كان يتم تمجيدها، وقد جاء الانتصار نتيجة تجاهل أهم بنودها وهو التصويت على القائمة القصيرة، ولو أخذ بهذا البند فقط لتم استبعاد نصف الفائزين، فشكرا لاستبعاد الهوى فى الاختيار، أما (لكن) الأخرى التى تشتكى فهى خاصة بمجال أدب الطفل الذى لم يسمح للجنة الخاصة به بتحكيم جوائز الدولة التشجيعية للسنة الثانية على التوالي؛ ففى السنة الماضية قامت لجنة مشكلة من قبل لجنة الشعر بتحكيم شعر الأطفال وهو مجال الجائزة فى العام الماضي، وبالمثل ذلك العام قامت لجنة منبثقة عن لجنة القصة بتحكيم (رواية الناشئة) مع التجاهل التام للخبرات الموجودة فى لجنة الطفل، فكان الأمر أشبه بفرض الوصاية على أدباء وكتاب الأطفال، فهم لايجيدون السيطرة على مجالهم، ولابد من مساعدتهم والانتقاء بدلا منهم، وتطبيق معايير الأدب على أدب الأطفال باعتبار الأدب وكتابه لم ينضجا بعد.. وذلك شديد الإيلام السيد الدكتور إذ تعب كتاب الأطفال من ترديد مقولة: «إن أدب الأطفال لم يكن يومًا أدب الكبار المبسط، أو المصغر، بل هو نوع من الآداب قائم بذاته» لذا نرجو أن تعود الأمور لنصابها، وأهل مكة أدرى بشعابها. أما القول الآخير فى مجال الجوائز فهو أنه كان يجب توحيد المعايير؛ فما تم التشكيك فيه فى جائزة النقد الفنى العام الماضي، وتم طلب فتوى قانونية من المستشار القانونى للوزارة بشأنه يصبح غاية فى الغرابة أن يتم التجاوز عنه ومروره بسلام هذا العام... ثالثًا : يضع كثير من الحالمين والبائسين على السواء آمالهم على تلك المرحلة وعلى إرادتكم، فلا تخذلوهم .. فإذا كنا نشهد بأن القرارات الوزارية سريعة ويومية فى إتجاه التغيير، فإن هؤلاء عطشى لأن يروها وقد حركت جناحها الآخر فى إتجاة العدالة ومحاربة الفساد والظلم؛ فقد وصل الأمر إلى أن القيادات الواعدة والحالمة بالتغيير أصبحت أسرى مكاتبها، لا تقوى على التحرك أو العمل إلا بإذن من هؤلاء (القادة) الذين يتحكمون فى المشهد، ويفسدوه .. وعدد هؤلاء الفعلى ليس كبيرًا، ولكن الواحد أو الواحدة منهم كفيل بإفساد وتعطيل عمل الكثير والكثير من المبدعين والعاملين على السواء، والحق أقول أن تأثيرك كناقد ومثقف لا يمكن إغفاله على واقعنا الأدبى والثقافى، ومع ذلك لا أطلب منك السيد الدكتور الانتصار للمبدع، والمثقف فقط، بل أردد قول الطبيعة، ونداء البشرية منذ الأزل: فلننتصر للنافع، «والبقاء للأصلح»... لمزيد من مقالات ايمان سند