هناك من يتصور أن نقل الباعة الجائلين من شوارع وسط المدينة لمبنى يقام على أرض تسمى (وابور الثلج) بالقرب من ميدان عبد المنعم رياض يعنى نهاية لمشكلة الباعة الجائلين، وهذا غير حقيقي. أولا: لأن مشكلة الباعة الجائلين لا تقتصر على منطقة وسط البلد فقط بل تنتشر (تقريبا) فى كل المدن المصرية، وبالتالى فقد يحل مبنى وابور الثلج المشكلة فى منطقة واحدة ولكن ستبقى باقى المناطق تعج بالباعة الجائلين. ثانيا: لان الباعة الجائلين يختارون مناطق مزدحمة بطبيعتها (بجوار مصالح حكومية- محطات مترو.. وخلافه) ضمانا لتوافد الزبائن طوال الوقت بشكل طبيعي، ونقلهم لمبنى بعيد عن مناطق الزحام، سيحرمهم من هذه الميزة، وبالتالى قد يستفيدون من المكان الجديد بتأجيره من الباطن لنشاط مناسب ثم يعودون مرة أخرى للشارع سعيا وراء الزبون. ثالثا وهو الأهم: ان تقديم مكافأة لمن احتل شوارع وسط القاهرة بتوفير مكان له فى مبنى يقام خصيصا بأهم منطقة فى القاهرة سيدفع بآخرين لاحتلال الشوارع ذاتها مرة أخرى طلبا للحصول على أماكن مميزة مماثلة، كما سيدفع الباعة فى باقى المحافظات للمطالبة بالأمر ذاته. الباعة الجائلون يقولون إنهم يحتلون الشوارع لأنهم لا يجدون عملا آخر وبالتالى فحل المشكلة نهائيا يكون بتوفير عمل بديل لهم. ولكن أن يتصور هؤلاء أن ذلك العمل سيكون فى الشارع الذى يسكنون فيه أو فى المدينة ذاتها فهذا (دلع) غير مقبول. مصر بصدد تنفيذ ممر التنمية الذى يبدأ من البحر المتوسط وينتهى فى أقصى الجنوب. ولأنه مشروع ضخم فهو يصلح لتوفير فرص عمل ملائمة لكل من يبحث بصدق عن لقمة العيش ويلجأ للشارع بحثا عنها. أعتقد أن 30 أو 40 ألف بائع متجول فى كافة المدن المصرية سيرحبون بشدة إذا ما قدمت لهم الحكومة وظيفة (ولو محددة بفترة تنفيذ المشروع) فى ممر التنمية تتضمن توفير المأكل والسكن والحد الأدنى للأجور بدلا من احتلالهم الشوارع. ويمكن بعد ذلك اعتبار وجود أى بائع متجول فى الشارع لاحقا بمثابة طلب وظيفة فى ممر التنمية، على أن يتم خصم مصاريف إزالة الأضرار التى وقعت بسبب وجوده فى الشارع من مرتبه خلال الأشهر الأولى. [email protected] لمزيد من مقالات سامح عبد الله