لم تكن القمة الإفريقية الأخيرة التي استضافتها أديس أبابا قمة عادية يتم التوافق خلالها علي جدول الأعمال بكل بنوده, فكانت من ضمن مفاجأتها عدم الخروج بإجماع علي اسم الرئيس الجديد للاتحاد الإفريقي, وتم تأجيل هذا الأمر إلي القمة القادمة. يبدو أن ما جاء علي هامش هذه القمة وهو ما يتعلق بمصر واثيوبيا قد عكس توافقا في الرؤي والتوجهات بين البلدين. فما قاله هيليماريام دي ساليني وزير خارجية اثيوبيا في بداية مؤتمره الصحفي مع محمد عمرو وزير الخارجية عقب اجتماعهما في ختام قمة اديس ابابا يعكس هذا التوجه, إن مصر واثيوبيا ترتبطان بعلاقات تاريخية وتنتميان إلي حضارتين عريقتين تتمثل في حضارة الاهرامات وحضارة أكسوم, وهذه الحضارات غير موجودة في بلدان أخري. اذن.. يخطئ كل ما يتحدث عن المياه ليربط بين الدولتين, فحسب كلمات دي ساليني, علاقات البلدين الجديدة ستحقق نهضتنا بصورة أسرع لان لدينا أشياء كثيرة مشتركة ليست فقط النيل ولكننا أقرب حيث يمكننا ان نرتبط أكثر بالتجارة والاستثمارات وتبادل الخبرات وبناء القدرات. كما ان هناك العلاقات الشعبية والثقافية التي يمكن أن تحقق المزيد من التفاهم. لم يكن لقاء عمرو دي ساليني اجتماعا تشاوريا عاديا يخرج بعدها الوزيران يلقيان بيانا او يشاركان في مؤتمر صحفي خال من المعني والمضمون, لان النتيجة التي رأيناها تبشر بعلاقات جادة بين البلدين. فما قاله عمرو يؤكد سير مصر ما بعد الثورة علي الطريق الصحيح علي الاقل علي المستوي الافريقي لدينا آلية للمشاورات كل6 أشهر, وهذا ثالث لقاء يجمعنا في مدة5 أشهر الأمر الذي يوضح أننا نخطو أكثر مما اتفقنا عليه, كما يوضح ان أوضاع العلاقات الان علي المسار الصحيح وهذا حقيقة ما ينبغي ان تكون عنده دائما.. فمصر وإثيوبيا تجمعها علاقات تاريخية ومصالحنا واضحة ومصيرنا مشترك من خلال عدة عوامل ثقافية واجتماعية وأيضا النيل الذي يربطنا والذي سيبقي دائما من اجل مصالحنا. القطاع الخاص لم يكن غائبا عن اللقاء, فقال عمرو: في الحقيقة فإن دور القطاع الخاص في كلا البلدين كان مشجعا للغاية, وهنا نقوم بإنشاء منطقتين صناعيتين مصريتين ليست واحدة فقط حيث سيتم افتتاح عشرات المصانع ولدينا من خلال هذه الزيارة مجموعة من رجال القطاع الخاص المصري الذين يلتقون بنظرائهم ومع مسئولي الجانب الاثيوبي في الوزارات المعنية لذا أود ان أقول ان العلاقات الثنائية علي المسار الصحيح, ولكننا سنعمل علي دعمها أكثر وأكثر. ثم نأتي للمنطقة الاهم التي كانت سببا في توتر العلاقات, حيث اشار عمرو الي موضوع سد النهضة تحدثنا أيضا عن اللجنة الثلاثية الخاصة بالخبراء للنظر في القضايا الفنية الخاصة بسد النهضة, وهذا يضعه نموذجا للتعاون الذي يمكن ان نصل إليه حينما يتعلق الامر بالمشروعات الزراعية ومشروعات المياة والطاقة الكهربائية.. وكانت تصريحات عمرو مطمئنة تماما للمصريين الذين تابعوا هذه الجولة المهمة إن هدف هذا السد أساسا يهدف الي توليد الطاقة الكهربائية وقلنا خلال مناقشتنا ضرورة الوصول الي وضع يتحقق فيه المكسب للجميع وهذا ما ينبغي أن يكون. جدير بالذكر ان اللجنة الثلاثية حول سد النهضة تتكون من خبراء من مصر والسودان وإثيوبيا, وقام هؤلاء بإجراء مشاوراتهم وعقدوا3 اجتماعات حتي الآن. اللقاء كان نموذجا لتقديم المقترحات الخاصة بتحسين مجال التعاون بين البلدين.. فقال دي ساليني: المساهمات المصرية ستفيدنا بشكل أفضل, فلدينا إمكانيات زراعية و الماشية الحية وكافة الادوات الضرورية التي تستطيع مصر الاستفادة منها.. وكان وزير الخارجية محمد عمرو قد رد علي هذا بان اقتصاد البلدين تكاملي وليس تنافسيا ويتأسس علي التعاون, وبأن تكون الفائدة للجميع حيث لن يكون هناك خاسر. ولذلك اشار دي ساليني الي استيراد مصر للماشية الحية من دول بعيدة جدا عنها بينما اثيوبيا أقرب الي مصر وهذا أمر غير ملائم من ناحية التكلفة لان النقل يضاف علي سعر اللحوم.