لا يمكن ان ينسى الشعب المصرى المواقف التى قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بعد ثورة 30 يونيو، وادارته الناجحة للموقف الدولى ووقوفه بجانب ارادة الشعب المصري، حيث اصدر بيانا يساند فيه الشعب وخارطة الطريق، كما كان له دور حاسم مع قطر عندما استخدمت بوقها وهى قناة الجزيرة لبث سمومها ضد مصر، ودعمها لجماعة الإخوان الارهابية، مما ترتب عليه سحب السفير السعودى من الدوحة، وتوجيه رسالة شديدة اللهجة ضد قطر. ولم يتوقف الدعم السعودى عند هذا الحد فقط، بل جاء أيضا فى بيان الملك عبدالله لتهنئة المشير عبد الفتاح السيسى بنجاحة الساحق برئاسة الجمهورية ودعوته لمؤتمر للمانحين لدعم مصر اقتصاديا فى المرحلة المقبلة، بجانب تصريحه بأن أمن مصر لا يمكن ان ينفصل عن الأمن السعودى والأمتين العربية والإسلامية. والمعرف أن مصر السعودية، هما القوتان الفاعلتان فى منطقة الشرق الأوسط لمواجهة التحديات والمخاطر التى تواجه المنطقة بناء على الخطط الغربية التى تهدف الى تقسيم منطقة الشرق الأوسط، بجانب التهديد الإيرانى لدول الخليج العربي، والدعم التركى للعناصر الإرهابية، ومحاولة دعم المعارضة ذات التوجه الأيديولوجى من أجل الوصول إلى الحكم وتغيير الخريطة بشكل كامل. وإذا نظرنا الى التعاون والمواقف بين مصر والسعودية نجد انها تاريخية وتهدف فى المقام الاول للحفاظ على الأمن القومى العربى فى مواجهة أى عدوان خارجي، فعندما كانت مصر تخوض حرب الكرامة ضد إسرائيل فى عام 1973 قامت وقتها المملكة العربية السعودية بوقف تصدير بترولها للدول المساندة لإسرائيل، مما كان له الأثر الاكبر فى وقف الامدادات العسكرية لإسرائيل ، واتفاق وقف إطلاق النار، كما كان لمصر دورها العربى الاصيل عندما ارسلت قواتها الى السعودية، ضمن قوات التحالف فى عام 1990 إبان احتلال العراق للكويت وذلك دفاعا عن الوحدة والأمن القومى العربي.
ولا يمكن أن نهمل ان المشير السيسى أكد مرارا وتكرارا أن أمن المملكة السعودية ودول الخليج هو يمس بالاساس الأمن القومى المصري، وقال إنه لن يتوان للحظة لإرسال قوات مصرية فى حال تهديد تلك المنطقة، إذن فمصر والسعودية هما جناحا الاستقرار والأمن فى المنطقة يكمل كل منهما الآخر، وإذا تعثرت إحداهما فتجد بجانبها الدولة الأخرى لإعادتها الى قوتها.
إن العلاقة بين مصر والسعودية بلغت مستوى رفيعا من الصداقة والتفاهم ومستوى عميقا من التنسيق الاستراتيجى بين البلدين, وأصبحتا تقومان دوما بترميم الإصابات الأجنبية المصوبة ضد نظام الأمن القومى العربى ويتجلى ذلك بمساندتهما القضايا العربية المشتعلة فى فلسطين وسوريا ولبنان, والعراق.
العلاقات الاقتصادية ان العلاقات الاقتصادية متميزة بين مصر والسعودية, ولعل من أبرز جوانبها اتفاق البلدين على إتفاقية منطقة التجارة الحرة بينهما, ويتفق المراقبون ورجال الأعمال والاقتصاد فى البلدين على إنشاء منطقة التجارة الحرة السعودية المصرية, ويرون أن من شأنها رفع حجم المبادلات التجارية بين البلدين بنحو مليار دولار فضلا عن زيادة الاستثمارات المتبادلة, والوصول بالتعاون الاقتصادى إلى المستوى الذى يعكس إمكانات البلدين وقدراتهما الكثيرة, التى تؤهلهما للقيام بدور أكثر فاعلية فى المنطقة. ويرى المراقبون أن العلاقات الاقتصادية بين مصر والسعودية, علاقات خاصة ومميزة لأسباب عديدة فى مقدمتها حجم وثقل إمكانات البلدين,ودورهما العربى والإقليمي، وقد انعكس ذلك على التعاون الاقتصادي، وتشير الإحصاءات إلى أن حجم الصادرات السعودية لمصر تبلغ نحو700 مليون دولار، بينما بلغت الصادرات المصرية نحو98 مليون دولار وتستحوذ العلاقات التجارية السعودية مع مصر علي28% من تجارة مصر مع الدول العربية مجتمعة، ولا يقل التبادل الاستثمارى بين البلدين أهمية عن نظيره التجاري, حيث بلغت المشروعات التى تساهم فيها رؤوس أموال سعودية فى مصر510 مشاريع تصل رؤوس أموالها مجتمعة إلى نحو 40 مليارا , و277 مليون دولار وتبلغ حصة رأس المال السعودى فيها30% الأمر الذى يؤكد استمرار تصدر المملكة لقائمة الاستثمارات العربية فى مصر. وتوزع المشروعات السعودية فى مصر بواقع221 مشروعا صناعيا مقابل66 مشروعا زراعيا و75 مشروعا سياحيا و23 فى قطاع التشييد والبناء, و3 فى مجال البنوك, و33 فى قطاع الخدمات و63 مشروعا عبارة عن شركات مساهمة مقابل26 مشروعا فى المناطق الحرة.
وفيما يتعلق بالمشروعات المشتركة التى يسهم فيها رأس المال المصرى فى المملكة فقد بلغت31 مشروعا وتصل نسبة المساهمة المصرية فيها5.4%, وهى موزعة بواقع17 مشروعا فى القطاع الصناعى و7 فى قطاع المقاولات, وواحد فى كل من قطاع الخدمات البترولية, والأعمال البحرية, والمستشفيات والبنوك بالإضافة إلي3 مشروعات أخري. التعاون والاستثمار السياحي كما ان هناك تعاونا وثيقا بين مصر والسعودية فى قطاع السياحة سواء من حيث توافد السائحين أو إقامة مشروعات سياحية عملاقة بينهما حيث تشير التقارير الصادرة عن وزارة السياحة المصرية إلى أن هناك603 مشاريع سياحية مصرية برؤوس أموال مصرية وعربية وأجنبية تصل إلي30 مليار جنيه مصرى وتأتى السعودية على رأس الدول العربية والأجنبية المساهمة فى هذه المشروعات. كما تشير التقارير إلى أن المملكة تتصدر أيضا قائمة السياحة العربية لمصر، وتشكل نحو30% منها وأنها تشهد نموا مطردا يصل إلي12%, كما أن المملكة تحتل المرتبة الثانية من جملة السياحة العالمية لمصر. وعلى الجانب الآخر تستقبل المملكة وفودا كبيرة سنويا من الحجاج والمعتمرين المصريين, كما تستقبل المملكة العمالة المصرية فى مختلف التخصصات، والمجالات والتى يبلغ عددها مليونا و951 ألف فرد، وتقدم السلطات السعودية لهم كل التسهيلات. التعاون العسكري وقد تميزت العلاقة بتعاون ثنائى عسكرى وثيق بين القوات المسلحة المصرية والقوات السعودية، من حيث تبادل الخبرات والزيارات، ودراسة العديد من السعوديين بالأكاديميات العسكرية المصرية بالإضافة إلى التدريبات العسكرية المشتركة فى المجال الجوى من خلال تدريبات تعرف ب (فيصل)، وأخرى بحرية تسمي( مرجان). إن مصر والسعودية هما صمام الامان لمنطقة الشرق الاوسط والتعاون المستمر بينهما والتنسيق الدائم يقى منطقة الشرق الأوسط كوارث عديدة، فالمتامرين على المنطقة كثر وحائط الصد الاخير هما مصر والسعودية.