من يطالع فى مفردات الخطاب السياسى الراهن للجماعة وحلفائها ويتوقف بالتأمل أمام اتساع مساحة الجدل والعناد على حساب مساحات الحوار والمكاشفة ومدى الاستعداد للتصحيح والمراجعة يجد أن السبب الأساسى يعود إلى جمود الفكر وبالتالى غياب المرونة الفكرية التى تمثل المدخل الصحيح نحو إمكانية مراجعة كل شيء وتصحيح أى شيء! والحقيقة أن مرونة التفكير عند الإنسان هى التى تساعد على استمرار فتح أبواب الأمل أمام أحلام التغيير نحو الأفضل ومواصلة السعى لبلوغ الأهداف بعد التغلب على كافة العقبات ولا شك فى أن المرونة الفكرية لا تكتسب بالوراثة وإنما تجيء بالتجربة والممارسة فكلنا نولد بعقولنا وبداخلها قدر لا بأس به من الذكاء ولكن الفرق بين إنسان وآخر أن هناك من يتصور أنه يستطيع أن يعيش إلى الأبد بفكره وحده بينما أصحاب المرونة الفكرية هم من يستفيدون من أفكار الآخرين. ولأن الأزمة أزمة سياسية ومن ثم لابد أن يكون الخطاب خطابا سياسيا فإننى أقول إن المرونة الفكرية مرادف طبيعى للديمقراطية وأن الجمود الفكرى علامة مميزة للمجتمعات التى تحكمها أنظمة ديكتاتورية.. والسبب فى ذلك أن الديمقراطية تحترم ذكاء الفرد وتمنح له حرية العمل والاعتقاد إلا ما يضر الصالح العام حتى لا يكون هذا الذكاء مدخلا لتدمير المجتمع أو إلحاق الضرر به. أزمة الجماعة أنها مازالت متمسكة بمنهج السمع والطاعة الذى يتصادم بشدة مع كل مناهج ومدارس الديمقراطية التى تعلى من أهمية المرونة الفكرية التى تسمح للمرء بالتفكير السليم الذى لا يخضع لاجتهاد الفرد وذكائه فحسب وإنما يخضع لمؤثرات عديدة أخرى تبدأ بما يتوافر لديه من معلومات مستجدة ومستحدثة وما يرصده من ملاحظات. ولن تخرج الجماعة من أزمتها إلا إذا أيقنت أن منهج السمع والطاعة يجعل المرء أشبه بالرجل الآلى الذى يملك قدرات تكنولوجية هائلة لكنه يفتقر إلى المرونة الفكرية التى يمتلكها الإنسان والتى هى جوهر وصميم الديمقراطية. خير الكلام: لا يطفيء مصباح العقل غير جمود الفكر! لمزيد من مقالات مرسى عطا الله