استقرار أسعار الخضار والفاكهة اليوم السبت 25 أكتوبر 2025 في الأسواق المصرية    كل ما تريد معرفته عن محفظة فودافون كاش: الحد الأقصى للتحويل ورسوم السحب والإيداع وخدمات الدفع    الأهلي يخطط لضم فيستون ماييلي من بيراميدز بعرض يتجاوز 80 مليون جنيه    حادث تصادم في نهر النيل.. باخرة سياحية تصطدم بكوبري    اليوم.. شبورة مائية وطقس حار نهارا على أغلب الأنحاء والعظمي بالقاهرة 31    اليوم.. أولى جلسات محاكمة رمضان صبحي وآخرين في قضية التزوير    عمرو أديب يرد على شائعة انتقال محمد صلاح إلى الأهلي: «سيبوا الراجل في حاله»    استقرار طفيف بأسعار الخشب ومواد البناء في أسوان اليوم السبت 25 أكتوبر 2025    عاجل- القبض على مالك المنزل المتهم بالاعتداء على مستأجر مسن بالسويس    إصابة 9 أشخاص فى حادث انقلاب ميكروباص علي طريق بنها شبرا الحر بالقليوبية    موعد مباراة ميلان القادمة عقب التعادل أمام بيزا والقنوات الناقلة    إيهاب توفيق يحيي حفلًا غنائيًا في أمريكا بعد نجاحه في مهرجان القلعة    إلهام شاهين تهنئ أحمد مالك بحصوله على جائزة أفضل ممثل من مهرجان الجونة    «مجانًا وبجودة عالية».. القنوات الناقلة مباشر ل مباراة الأهلي وإيجل نوار في دوري أبطال أفريقيا    شيكو بانزا يدعم محمد السيد بعد هجوم جماهير الزمالك: لا تستمع لأى شخص    شاهد لاعبو بيراميدز يحتفلون بالكؤوس الثلاثة    إمام عاشور عقب أنباء تحسن حالته الصحية: اللهم لك الحمد حتى ترضى    سعر التفاح والموز والفاكهة في الأسواق اليوم السبت 25 أكتوبر 2025    90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. السبت 25 أكتوبر 2025    تفاصيل بيان الفصائل الفلسطينية للتشديد على وقف إطلاق النار وبدء إعمار غزة    المبعوث الروسى ل CNN: قمة بوتين ترامب ستتم وسيوجد حل دبلوماسى لحرب أوكرانيا    ترامب: علاقاتي مع زعيم كوريا الشمالية جيدة وآمل لقاءه خلال جولتي الآسيوية    ماذا حدث فى حريق مصنع ملابس بقليوب؟ التفاصيل الكاملة من موقع الحادث.. صور    مستوطنون يهاجمون المغيّر ويحرقون 3 مركبات    وظائف البنك الزراعي المصري 2025 للخريجين الجدد.. سجل الآن    21 يرتفع من جديد.. تحديث ل أسعار الذهب اليوم السبت 25-10-2025    أحمد فهمي وهشام ماجد إخوات رغم انفصالهما فنيا.. اعرف ماذا حدث فى فرح حاتم صلاح    رسميًا.. موعد افتتاح المتحف المصري الكبير 2025 وأسعار التذاكر لجميع الأعمار    فلكيًا.. موعد شهر رمضان 2026 وأول أيام الصيام    تطبيق لائحة الانضباط يواجه مخاوف التسرب من التعليم.. أزمة فصل الطلاب بعد تجاوز نسب الغياب    اليوم.. محاكمة رمضان صبحي بتهمة التزوير داخل معهد بأبو النمرس    الشرطة المصرية.. إنجازات أبهرت العالم    الصين تعتمد يوم 25 أكتوبر ذكرى وطنية لاستعادة تايوان    «بوابة أخبار اليوم» تكشف حقيقة تداول صور لثعبان الكوبرا بالغربية| صور    خمسة مسلسلات في عام.. محمد فراج نجم دراما 2025    «عمود إنارة» ينهى حياة لص بالصف    «الأزهر العالمي للفتوى» يرد| قطع صلة الرحم.. من الكبائر    الإفتاء تُجيب| تحديد نوع الجنين.. حلال أم حرام؟    الإفتاء تُجيب| «المراهنات».. قمار مُحرم    لماذا تتزايد حالات النوبات القلبية بين الشباب؟    جماهير ليفربول تدعم صلاح بأرقامه القياسية أمام الانتقادات    عبد الحميد كمال يكتب: بطولة خالدة.. المقاومة الشعبية فى السويس تنتصر على القوات الإسرائيلية    "أسير لن يخرج إلا ميتًا".. الدويري يكشف عن لقاءه مع رئيس "الشاباك" في تل أبيب    مادورو يتهم واشنطن باختلاق حرب جديدة ضد فنزويلا بذريعة مكافحة المخدرات    أسهل وصفة للتومية في البيت.. سر القوام المثالي بدون بيض (الطريقة والخطوات)    فضائح التسريبات ل"خيري رمضان" و"غطاس" .. ومراقبون: يربطهم الهجوم على حماس والخضوع للمال الإماراتي ..    «حرام عليك يا عمو».. تفاصيل طعن طالب في فيصل أثناء محاولته إنقاذ صديقه    «زى النهارده».. وفاة الكاتب المسرحي محمود دياب 25 أكتوبر 1983    «زي النهارده».. «الكاميكازي» يضرب الأسطول الأمريكي 25 أكتوبر 1944    إنزاجي يشيد بلاعبى الهلال بعد الفوز على اتحاد جدة    عاجل | تعرف على أسعار الذهب في ختام تعاملات اليوم الجمعة    أسعار القهوة الأمريكية ترتفع بشكل حاد بسبب الرسوم الجمركية والطقس السيئ    "الجبهة الوطنية" يكلف "الطويقي" قائما بأعمال أمين الحزب بسوهاج    بمشاركة 150 طالبًا.. جامعة قناة السويس تطلق معسكر صقل وتنمية مهارات الجوالة الجدد    26 أكتوبر، جامعة أسيوط تنظم يوما علميا عن الوقاية من الجلطات    لو أهدي إلي ذراع أو كراع لقبلت.. أزهرى يجيب عن حكم قبول الهدايا.. فيديو    مؤتمر حميات الفيوم يناقش الجديد في علاج الإيدز وفيروسات الكبد ب 12 بحثا    وزارة الصحة تعلن محاور المؤتمر العالمي للسكان والتنمية البشرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثورة المصرية بين محتوى المستقبل وماكيتات الماضى
نشر في الأهرام اليومي يوم 12 - 05 - 2014

كان شهر العسل بين الإخوان المسلمين والمجلس العسكرى فى أوجه، وقت أن كانوا مع حلفائهم السلفيين والجهاديين يهتفون «يا مشير انت الأمير»، ويتهمون معارضة الإعلان الدستورى الصادر عن المجلس بالكفر وبالمؤامرة القبطية ضد الإسلام
ويقسمون بأغلظ الأيمانات بأنهم لن يرشحوا رئيسا للجمهورية (والمعنى الضمنى هو ترك المنصب التنفيذى الأول فى الدولة لمرشح للمجلس العسكري. وقتها كتبت على تويتر أن الإخوان يتصورون مصر كامتداد موسع لنقابة الإطباء، يسيطرون على المجلس والنقابة ويتركون الرئاسة للدكتور حمدى السيد (حزب وطني) ومعادله على الصعيد القومي، المشير طنطاوي. كان تعليقا ساخرا، غير أننى أظنه يحمل الكثير من الحقيقة، ووجهت بسببه بسيل من السباب المقذع من قبل أعضاء وأصدقاء التنظيم الملتزم بمكارم الأخلاق افتراضا.
تذهب الحكمة الشائعة إلى أن الجنرالات عادة ما يخططون للحرب الماضية، ومناسبتها الخيبة التى منى بها خط ماجينو الفرنسى الشهير، حين تجاهلت جيوش ألمانيا النازية الخط المنيع وقامت بغزو فرنسا عبر بلجيكا فى عملية خاطفة استغرقت خمسة أيام فقط. وأدعى أن من بين المشكلات الكبرى لتداعيات ما بعد ثورة يناير أن أكثر القوى الفاعلة فى الدولة والمجتمع المصري، وربما كلها، عجزت عن ادراك حجم ما حدث، وأن الثورة الشعبية الأولى فى مصر منذ ما يقرب من قرن من الزمان قد أحدثت شرخا فاصلا، وهوة عميقة مع الماضى والمألوف بكل ما يحملانه من بضاعة قديمة.
الثورة فعل خيال جامح وجموح خيال، ويكفينا أن نعود بالذاكرة قليلا للثمانى عشرة يوما المجيدة فى يناير وفبراير من 2011، لنستدعى صور الملايين من أبناء شعب بدا وقد قفز قفزة هائلة فى الزمان والمكان، لتشكف عن إمكانية مصر جديدة تماما، مختلفة تماما، مصر كان من المحال تصورها صبيحة 25 يناير إلا ربما فى عمل أدبى لكاتب حالم. دروع بشرية من الأقباط يحيطون برفقائهم من المتظاهرين المسلمين وهم يؤدون فروض الصلاة فى الميدان، مصاحف وصلبان ترفع عاليا فوق الرؤوس، ميادين وشوارع مكتظة بمئات الآلاف من الرجال والنساء ولا تحرش جنسى أو إساءة، ابداع متفجر يعكس نفسه فى لافتات صممها حاملوها، وفى حوائط زاخرة بالرسومات والشعارات، وفى عبقرية تنظيمية يكشف عنها المئات من الشباب من الجنسين، يأتلفون ويعملون معا ليل نهار لتنظيم المسيرات والاعتصامات والشعارات المطالب الموحدة، مواطنون عزل تحت الرصاص يكشفون عن شجاعة واصرار واستعداد للتضحية لم نر لها مثيلا لأجيال، ولم نكن نتصور كمونها فى النفس المصرية، وكل هذا تحت راية كبرى خفق لها وجدان العالم كله: عيش، حرية، كرامة انسانية، عدالة اجتماعية. لكن، بقدر جموح خيال الثورة كان فقر خيال ما اصطلح على تسميته عندنا ب«النخبة»، وقد ركنت بمختلف مواقعها وتياراتها لماكيتاتها القديمة.
الماكيت الإخوانى قديم قدم التنظيم، لا يعرف الثورة ولا يسعى لها، وكان المرشد المؤسس حسن البنا يرى فى الثورة، وبالأحرى فى احتمالها، نذيرا لتهديد الحكام وابتزازهم، والرسالة ليست «سنعمل من أجل الثورة» ولكن «أفسحوا لنا مكانا فى السلطة والسطوة، حتى ننقذكم من خطر الثورة.» الثورة عند الإخوان اضطرابات وفوضى، وقوام الماكيت الإخوانى هو الأخونة من تحت (بالدعوى الأيديولوجية، وبالعمل الخيري، وبالبيزنس، وبالزيت والسكر) من ناحية، واستعمال الغضب والتمرد الشعبى لإبتزاز الحكام لتمكين الإخوان ومشاركتهم السلطة حتى يسهمون فى احتواء الغضب والتمرد ووضعه «تحت السيطرة». وهو بالضبط ما شهدناه صبيحة 11 فبراير، غير أن الطاقة الثورية لملايين المصريين حالت دون السيطرة وأفسدت الصفقة.
بدورها، الطبقة الحاكمة المصرية، وهى المكونة من رجال دولة يمتهنون البيزنس، ورجال بيزنس يستحلون الدولة، ورجال أمن يجمعون بين البيزنس وتأمينها بالحديد والنار، هذه الطبقة ترى نفسها قائمة وقوامة على شعب من الرعاع: كسالى، ينجبون أكثر مما ينبغي، ويأكلون ويشربون أكثر من اللازم، وفوق هذا وذاك «يتبترون على النعمة». لا مكان لثورة شعبية أو لشعب يطمح لحكم نفسه بنفسه فى ماكيت هذه الطبقة، فالثورة عندهم هى إما فوضى وإما مؤامرة، والعلاقة بين الحاكم والمحكوم هى علاقة السيد بخادمه، وهدف الحكم ومنتهاه هو وضع الشعب المتمرد المتبتر المتلاعَب به «تحت السيطرة»، استعادة لاستقرار الحكم والبزنسة بإعادة الشعب إلى حظيرة الخوف والركون والصبر والخنوع. ولا مانع فى سبيل تحقيق ذلك من التوصل إلى تفاهم ما مع بعض المتآمرين، وكانت عقيدة تلك الطبقة خلال ثلاثة عقود من الزمان إن أولئك لا يمكن أن يكونوا غير القوى الدينية، وفى مقدمتها الإخوان المسلمين. وهو بالضبط ما شهدناه صبيحة 11 فبراير.
أما أحزاب المعارضة، وقد نشأت كمعارضة «موالية» على أيدى أنور السادات وورثها حسنى مبارك، وعاشت فى كنفه ثلاثين عاما شهدت تجريفا شاملا للمجال السياسى فى البلاد، فقد جًلبت على تقديس سلطة الدولة، والخضوع والخنوع للقائمين عليها، جل دورها هو تقديم النصح للحاكمين وتلطيف إمكانات «السيطرة»، أملا فى بعض العطايا الحزبية أو الشخصية. لا مكان فى ذلك الماكيت أيضا لشعب ثائر يطمح لأن يحكم نفسه بنفسه، ولم يتسع خيالهم لأن يروا فى الثورة غير إمكانية لتوسيع نطاق كل من النصح والعطايا.
ولكن ماذا عن الثوار؟ هنا فى الحقيقة يكمن موطن المأزق الجوهرى فى مسار الثورة المصرية وتداعياتها، فقد كان جموحها أبعد وأوسع مدى من خيال صانعيها أنفسهم. الثورة المصرية كأى ثورة تاريخية كبرى مثلت قطيعة كيفية مع الماضى وقفز نحو مستقبل جديد كل الجدة، غير أن الماضى بقى طاغيا على العقول والوجدان، ليبقى المحتوى الجديد أسير ماكيتات قديمة خانقة. وسنتابع نقاشنا لماكيتات الثوار فى مقالات مقبلة بإذن الله.
لمزيد من مقالات هانى شكرالله


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.