عديد من التجاوزات جرت من وسائل الإعلام بمختلف نوعياتها بعد سقوط مبارك.. وكانت الذريعة التي تلفح بها كل المتجاوزين للأصول. أن الثورة قد اسقطت كل المحاذير وأن الحرية المطلقة والصراحة مطلوبة ليعرف الشعب كل شيء لكل من يريد تصحيح المسيرة وتنبيه الناس إلي استحالة رفع الظلم وانصاف المسحوقين منذ سنين بعيدة في أيام أو أسابيع؟! لذلك انطلقت أجهزة الإعلام والقنوات التليفزيونية والإذاعية المختلفة تشجع المواطنين بل وتحرضهم علي الاستمرار في وقفاتهم الاحتجاجية وتتعاطف معهم في قطعهم للطرق وتعطيل الأعمال وذلك حتي ينالوا حقوقهم التي حرموا منها طويلا وحتي يتحقق بهم كل ما يطالبون به.. طوال العام الأول المنقضي للثورة اختفت معظم فنون ونوعيات البرامج التليفزيونية والاذاعية المختلفة وتحولت قنوات التليفزيون والفضائيات الي حوارات ومتابعات بنظام الtalkshow توك شو يسودها الصخب والمناقشات المهيجة للمشاعر والمؤيدة لما يجري في الشارع من تجاوزات حتي ولو كانت امتناعا عن العمل وحرائق لسيارات وقطع طرق واشعال النيران في مؤسسات مهمة وتدميرها كما جري للمجمع العلمي المصري. والآن ومصر تدخل عامها الثاني للثورة وأصبح لها مجلس نيابي تم انتخابه بكل نزاهة وامانة لأول مرة منذ ثورة يوليو25 ومطلوب أن يصبح الاعلام عونا رئيسيا علي استتباب الأمن والسلام المجتمعي وذلك حتي يتحقق الاستقرار للثورة وذلك حتي تستطيع تلبية احتياجات المواطنين ورفع الظلم عن المغبونين والمظلومين وهو مالا يتحقق الا اذا اصبح الاعلام مراعيا لدوره المهم في توعية المجتمع وقيادته لتحقيق اهداف الثورة في إنصاف المظلومين والدفع بالمجتمع كله الي الطريق السليم حتي تدور عجلة الإنتاج والاستثمار وتعود جموع السياح لتتدفق علي مصر.. مطلوب ان يصبح الاعلام عونا رئيسيا علي استقرار النظام وعلي تصحيح كل ماجري من ممارسات أدت الي توقف عجلة الاستثمار والإنتاج وتراجع الرصيد النقدي الاحتياطي من العملات الاجنبية. وهو مالن يتحقق إلا إذا عاد الاعلام وخاصة المرئي والمسموع لمراعاة الأصول المهنية السليمة التي تراعيها أجهزة الإعلام في الدول التي تعرف أهمية أن يكون لإعلامها النغمة الصحيحة والمهنية العالية وتنوع وسائل الخطاب الاعلامي. كما أن الإعلام توجد خاص يجب ان يكون له اداء مميز في الازمات والاحداث الكبري المصرية وليس هناك حدث اهم من انتفاضة شعب وثورته ضد حكامه لإسقاطهم والمجيء بنظام جديد وحكام آخرين كما حدث في مصر.. مطلوب مراعاة ان توجد البرامج بكل نوعياتها علي القنوات التليفزيونية والاذاعية وان تنكمش برامج الثرثرة واللغو المتضمنة للتهييج والإثارة. مطلوب ان تعود البرامج العاقلة المتزنة التي تتناول المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والمجتمعية وكلها بالتأكيد تناقش احوال مصر التي هدأت بعد ثورتها لتبني ولتنصلح احوال الناس. مطلوب ان توضع خرائط ثابتة جديدة لكل قناة او اذاعة مصرية تراعي مناقشة احوال مصر في ظل ثورتها.. وان تكون هناك برامج ثقافية واجتماعية وسياسية وأخري للمرأة والطفل والصحة وكل مناحي الحياة الي جانب الدراما والاغنية وبرامج المنوعات كما كان الحال قبل ان يتحول كل البث وخاصة التليفزيوني الي برامج للغو والثرثرة التوك شو الذي كان منارا اعلاميا محترما قبل ان يجري ابتذاله علي عديد من القنوات خاصة بعد الثورة. المزيد من مقالات محمد صالح