وسط أجواء من الفوضي الشاملة بدأت رابع انتخابات برلمانية عراقية منذ (تحرير العراق ) و احتلاله من قبل القوات الأمريكية في التاسع من إبريل عام 2003 التي أسست لدولة الديمقراطية والحرية التي يحصد الجميع في بلاد الرافدين وخارجه ثماره والتي تترجم يوميا بأنهار من دماء الابرياء. ففي ال30 من يناير 2005 ، أجريت أول انتحابات بانتخاب الجمعية الوطنية الانتقالية والذي يسمى أيضا بالبرلمان المؤقت أو مجلس النواب العراقي المؤقت حيث صوت العراقيون لاختيار 275 عضوا في الجمعية الوطنية الانتقالية (مجلس النواب العراقي المؤقت)، وبعد التصديق على الدستور من العراق عام 2005، أجريت ثاني انتخابات عامة يوم 15 ديسمبر لانتخاب مجلس النواب العراقي الدائم لتجري الانتخابات الثالثة في 7 مارس 2012، وأسفرت الانتخابات التي جرت في نصرا للقائمة العراقية، التي يقودها رئيس الوزراء المؤقت السابق إياد علاوي والتي تضم خليطا يمثل العراق اثنيا ومذهبي. وكان ائتلاف دولة القانون بقيادة نوري المالكي، ثاني أكبر تجمع مع 98 مقعدا ،وبعد شهور من المفاوضات والدماء بدأ البرلمان الجديد جلساته في 14 يونيو 2010، وبعد شهور من المفاوضات الطويلة والتدخلات الاقليمية والدوليه تم التوصل إلى اتفاق بشأن تشكيل الحكومة الجديدة يوم 11 نوفمبر 2010 ليستمر جلال الطالباني رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني رئيسا، مع استحواذ المالكي للمرة الثانية علي رئاسة الحكومة. العراق الذي يعد من البلاد التليدة من جميع النواحي بما فيها الناحية البرلمانية التي بدأت فيه منذ العام 1925 تركته الولاياتالمتحدة يوم الاحد الموافق 18 ديسمبر 2011 مع خروج قواتها منه وهو ممزق ويعاني جميع الآفات التي يمكن أن تصيب أي كيان قبل اندثاره ، فالعراق الذي حمكه الحزب الواحد والرجل الواحد طوال أكثر من 40 عاما، لم تقدم له 9 سنوات من الحرية والديموقراطية التي جاءت بها الدبابات الأمريكية إلا أكثر من 3 ملايين قتيل ووطن ممزق ومصدر للفتن بكافة أنواعها ، وبات ضمن الحقائق الاستراتيجية لإيران التي باتت المسيطر الفعلي عليه بتوافق وتواطؤ مع الولاياتالمتحدة . الآن مع الواقع اليومي الدموي تكرست ملامح العراق باعتباره نموذجا للدولة الفاشلة القاتلة ، بل والنموذج الذي تعمل القوي المعادية للعرب علي تكريسه في المنطقة ، لتشكيل كيانات تحمل مقومات الدولة الطافية التي يدخل الجميع فيها في صراع محتدم علي كافة المستويات ، جهوية ، دينية، عرقية مذهبية وتحطيم أي حديث عن دولة المواطنه. إجمالا ، فإن الانتخابات العراقية الرابعة تأتي والعراق في حالة صراع واحتراب أهلي محتدم ، تستخدم فيه جميع الوسائل ، ومع كثرة عدد القوائم وتنوعها إلا أنها تظل إفرازا للطائفية السياسية التي كرستها النخب والجماعات الحاكمة المرتبطة بجهات إقليمية ودولية ، وهو الامر الذي انعكس علي الكثير من القوي المتنافسه (للفوز) رغم الكثير من شعاراتها في الوقت الذي لا يجد المواطن أي صدي لقضاياة ومعاناته اليومية إلا في الشعارات المرحلية والانتخابية. النقطة الأهم هي أن الأطراف السياسية العراقية التي لاتوجد بينها أي مساحة من مساحات الثقة نتيجة للتجارب والدماء لا يبدو أنها تحمل قواسم مشتركة تمكنها من العمل سويا لإنقاذ البلاد من الطائفية السياسية والإرهاب والفساد ،لان مؤسسات الدولة التي من المفترض ان تعبير عن الجميع باتت لا تعبر الا عن أطراف معينة في البداية ثم طرف واحد في النهاية وباتت طرفا في معادلات السياسية وادوات لادارة الصراعات المتعددة،وهو الامر افقدها قيمتها وهيبتها بل وحولها الي مليشيا تابعة للطرف الفاعل .