على مائدة الحوار مع الدكتور خالد حنفى وزير التموين أطباق متزاحمة وشهية.. هنا الدعم ومن يستحقه؟ وهناك الأسعار التى تصاعد بخارها فى كل اتجاه... وبين هذا وذاك المجمعات الاستهلاكية التى عادت للوزارة من جديد.. و... و... وغيرها الكثير من (المشّهيات). أما الطبق الرئيسى على مائدة الحوار.. فكان رغيف العيش الذى لا تستطيع الأسرة المصرية العيش بدونه... ولأنه السيد على مائدة الطعام، فكان ضربة البداية لاستئناف الكلام. ماذا عن منظومة رغيف الخبز التى تم تطبيقها فى بورسعيد؟ وماذا تحمل من عوامل الفشل والنجاح؟ وقبل أن يسخن بيننا الحوار تعالوا إلى البداية بسؤال.. حول تقييم الوزير لهذه المنظومة بعد تنفيذها بأيام؟ الوزير : مشكلة العيش منقسمة إلى قسمين... الأول أن المواطن المصرى يستهلك العيش بنسبة أكبر من أى مواطن آخر، وهذا لم يكن متاحا حتى الآن. والقسم الثانى أن الدولة وأعنى بها ال 90 مليون مصرى يضيع حقوقهم فى منظومة العيش الحالية لأن أكثر من نصف ما تنفقه الدولة على العيش يذهب لغير المستهدفين منه. وكيف رصدتم هذا الأمر؟. من خلال دراساتى.. ومتابعاتى الاقتصادية واللوجستية فى كثير من المواقع قبل مجيئى كوزير بسنوات طويلة وهو أن 50% من الإنفاق على دعم العيش يذهب هباء، وبالأرقام يضيع من 22مليارا لدعم الخبز نحو 12 مليار جنيه على الأقل... فضلا عن الإهانة و المعاناة التى يتعرض لها المواطن فى سبيل الحصول عليه. وما السبيل لإصلاح هذا الخلل؟ قال : للعيش كمنتج دورة حياه تبدأ باستيراد القمح وتنتهى بإنتاج رغيف العيش، وما بينهما من تعاقد وشحن ونقل وتخزين ومطاحن ثم المخابز، فالإنتاج، كل هذه الحلقات فى حاجة إلى تعديل. وما هى أكثر الحلقات خللا؟ الحلقة الأخيرة.. لأن المخبز هنا يحصل على الدقيق مجانا، وبالتالى يصبح لهذا الدقيق سعرا فى السوق... ومن هنا تنشأ السوق الموازية أو السوق السوداء حيث يتدرج سعر طن الدقيق فيها من 1800 جنيه إلى 3 آلاف جنيه.. فى المنظومة السابقة ضغط على أصحاب المخابز ليحصلوا على الدقيق مجانا وبيع طن الدقيق كخبز ب 550 جنيها، بينما يكلفه 1000جنيه، وبالتالى فهو يخسر فى الطن 450 جنيها لو طبق المنظومة التى وضعتها الحكومة. ولكن الحكومة السابقة كانت تعوض صاحب المخبز ب 250 جنيها فى الطن بواقع 25 جنيها عن كل جوال؟ الوزير : مع هذا التعويض يخسر صاحب المخبز 200 جنيه فى كل جوال لو التزم بالصح، بل الأكثر من هذا أن الحكومة لم تلتزم بدفع مستحقات أصحاب المخابز فتراكمت حتى تجاوزت المليار جنيه، وكل المسئولين يعلمون هذا وصامتون عن هذا الأمر.. ومن الطبيعى أن يتم التجاوز عن أى أخطاء من جانب المخابز إلى الحد الذى طلب فيه من الوزير المختص أن يوقف أى إجراء ضد المخابز حتى يأخذون فلوسهم. ولكن... كيف تمكنت من اقتحام عش (الدبابير) والإطاحة بأباطرة الدعم المسئولين على 12 مليار جنيه؟! درست الأمر بدقة منذ أن توليت الوزارة، ووضعت خطة وتم التنفيذ فى خمسة أسابيع. ومن أين بدأت؟ بدأت بإإعطاء الدقيق بسعر السوق لأضمن عدم بيع الدقيق فى السوق السوداء.. ولكن لدى مشكلة أخرى أن المواطن يأخذ من العيش أكثر مما يحتاج ويسىء استخدامه كعلف للماشية أو غذاء للدواجن... ومن هنا لجأنا إلى الكروت الذكية المطبقة فى بطاقة التموين التى تتوافر الآن فى يد 17 مليون مواطن مصرى. وهنا.. كيف سيتم منع سوء استخدام العيش؟ بحثنا عن حافز نمنحه للمواطن حتى لا يهدر الكم الذى يأخذه من العيش، فطبقنا موضوع النقاط (على باقى) حصة الخبز التى لا يستهلكها بتحويلها إلى نقاط، والنقاط يتم تحويلها إلى سلع مجانية يأخذها من بقال التموين بالمجان. وعائد المخبز هنا؟ قال : صاحب المخبز يستفيد من بيع كل رغيف بسعر 34 قرشا للوزارة، ويبيعه للمستهلك بخمسة قروش، ويكسب من وراء بيعه الخبز كسلعة ذات مواصفات جيدة حتى يقبل المستهلك على شرائها، ولذلك ألغينا الحصة المخصصة لكل مخبز والمواعيد المحددة لتشغيله، وأصبح حرا فى أن يأخذ حصة من الدقيق كيفما يشاء، ويخبزها فى أى وقت. والهدف من وراء هذا؟ إلغاء مواعيد تشغيل المخابز فى بورسعيد الآن جعلتها تعمل حتى السابعة أو الثامنة مساء، فقضت على الطوابير تماما، كما أن إلغاء الحصة المحددة جعلت المخبز الملتزم بأخذ كميات دقيق أكبر وينتج خبزا أكثر. وكيف سيتم توفير الدقيق مع كثرة الطلب على العيش من المخابز؟ مع تطبيق هذا النظام على المحافظات المصرية، ستختفى عشوائيات إنتاج الخبز من الدقيق المهرب الذى يباع على الأرصفة أو داخل مخابز العيش الطباقى، وهذا هو الدقيق الذى كان موجها للمدعم، ويباع فى السوق السوداء. الكارت الذكى فى يد رب الأسرة أو صاحب البطاقة التموينية، فكيف يحصل باقى أعضاء الأسرة على الخبز إذا كان الزوج بمكان والأسرة فى مكان آخر؟! نحن لدينا الآن 18 مليون كارت ل 18 مليون أسرة.. ومن ليس لديه بطاقة تموين، عليه أن يتقدم للحصول على الكارت الذكى للحصول على الخبز، ولمواجهة مشكلة الشخص المغترب فى مكان وأسرته فى مكان آخر.. مبدئيا سنعطى (الكارت الذهبى) لكل مخبز للتعامل مع هؤلاء الأفراد تحت إشراف التموين بجوال احتياطى. ومن يراقب ضبط المنظومة هنا؟ أنا لن أراقبه.. فالمواطن هو الرقيب على نفسه، لأن المواطن سوف يدرك فيما بعد أن كل لقمة عيش (يحوشها) فإننى أعطيه بدلا منها كوب لبن... أى أننى أعطيه (العيش والغموس معا). ومن يوفر السلع الغذائية أمام الملتزمين بترشيد استهلاك الخبز؟ اجتمعت بمنتجى هذه السلع من (ألبان وأجبان وغيرهم)، وشرحت لهم مع أكتمال المنظومة سيكون لدى 25 مليون بطاقة ذكية، كل بطاقة فى تقديرى توفر من 10 إلى 20 جنيها فى الشهر، وبذلك سوف نضخ فى السوق من 250 إلى 500 مليون جنيه شهريا، وطالبتهم بطرح سلعهم من خلال منافذ البقال التموينى بأسعار تقل عن مثيلها ب 25%. ومن هنا وفرت لهؤلاء المنتجين فرصة عمرهم، بتدبير المنفذ عن طريق بقال التموين، والمشترى الذى يملك الكارت، والتمويل متاح، وعليكم طرح السلع لجذب هذه الفلوس من المستهلكين. وهدفكم من وراء هذا؟ قال : (ضرب مجموعة عصافير بحجر واحد).. وهو النزول بالأسعار، وتحفيز المواطن على ترشيد استهلاك الخبز والحصول على سلع بالمجان، بالإضافة إلى تعيين من فردين إلى ثلاثة بكل بقال تموينى للمساهمة فى حل أزمة البطالة بتوفير 70 ألف فرصة عمل على الأقل، فضلا عن أن هؤلاء البقالين التموينيين سيقودون حركة الأسعار فى السوق. يبقى أن نسأل عن ضوابط بيع الدقيق من المطاحن دون مغالاة؟ قال : أنا الآن الذى اعطيهم القمح، وسوف أحدد له سعر الدقيق، بما لا يزيد على 318 جنيها للطن، وسعر الدقيق مرهون بتغير سعر القمح، وسوف أحرر المطاحن فى المرحلة المقبلة، ومن بعدها تحرير سعر القمح. ومتى يحصل المخبز على عائده من بيع الخبز بالكارت الذكى؟ قبل تطبيق هذه المنظومة، أتفقت مع البنك المركزى بفتح حسابات للمخابز بالبنوك التجارية، على أن يحول المبلغ فورا لكل مخبز إلى حسابه فى البنك يوما بيوم دون تدخل من جانب الوزارة. ونسبة نجاح هذه المنظومة فى بورسعيد؟ أكثر من 90% وبعض المخابز انسحبت وتوقفت عن العمل، بينما المخابز الملتزمة زاد إنتاجها، لأن هذه المنظومة بعد العقود على تشغيلها ستحول أصحاب المخابز من موظفين عند التموين إلى أصحاب مهنة شريفة. وماذا عن بعض المخابز التى ترغب فى تحديث طاقتها لمواكبة الطلب المتزايد من الخبز؟ قال : ربطنا المخابز بالصندوق الاجتماعى، والتمويل متاح أمامه لتحديث خطوط الإنتاج أو إحلال وتجديد بعض المعدات بفائدة ميسرة. كم من الوقت تستغرق تعميم هذه المنظومة؟ سوف ننتقل من بورسعيد إلى السويس والإسماعيلية خلال 15 يوما حتى ننتهى من مدن القناة، ثم القاهرة الكبرى، فباقى المحافظات، أى مع نهاية العام الحالى نأمل فى تطبيق المنظومة بالكامل على محافظات الجمهورية. ذلك عن إلغاء دعم الخبز، فماذا عن إلغاء الدعم عن باقى السلع التموينية؟ نحن نستخدم المصطلحات خطأ.. فنحن فى الحقيقة لن نلغى الدعم.. فنفس المبلغ المخصص من المالية سنأخذه كما هو، ولكن بدلا من أن يحصل عليه من يستطيع نعطيه لمن يستحق. وأقولها بوضوح الفساد القائم هو فساد منظومة، وليس فساد أشخاص، وبالتالى الحل فى تغيير المنظومة، وليس فى محاربة الأشخاص. وأين دعم الوقود من فساد المنظومة الحالية؟ سوف يتم ترشيد دعمه، ولكن فى مرحلة تالية.. أى لا توجد نية الآن لدى الحكومة لرفع سعر البنزين! مقاطعا يرد : مسألة ارتفاع أسعار البنزين أو عدم ارتفاعه لا يخص التموين فقط، وإنما يخص مجلس الوزراء ككل، وهو أمر له أبعاد كثيرة يجب دراستها. وأنت بصفة شخصية مع ارتفاع البنزين؟ من الصعب حاليا أن نتحدث عن زيادات فى أسعار الوقود أى لابد من أن تأتى بعض الإصلاحات الاجتماعية، قبل الحديث عن الاختلالات الاقتصادية القائمة الآن أو تأتى مصاحبة لها حتى تستهدف الفئات المتوسطة أو قليلة الدخل. احتياطى القمح... كم يكفى من الآن؟ لدينا احتياطى حتى 19 يونيو المقبل من القمح المستورد.. أما المحلى فتم افتتاح موسم حصاده، بالشرقية أمس الأول ومحصوله مبشر، ولن يقل عن 4 ملايين طن، وهذا يكفى لمدة ستة أشهر أخرى.. ومصر هى اليد العليا فى موضوع القمح. السلع التموينية المحملة على البطاقة مازالت مصدر شكوى للمواطن؟ هذا صحيح ومع دخول منظومة جديدة لهذه السلع؟ سوف يرفض المواطن الأرز المكسر والسكر والزيت غير النقى... والمواطن يجبر عليه. مع عودة المجمعات الاستهلاكية للتموين، ما هى ملامح تطويرها؟ قال: هذه الشركات لا تقل عن 34 شركة... وأريد أن أوضح أن جميع العاملين فيها لن يلحق بهم أى ضرر من وراء هذا النقل، بل نحن بصدد إعادة هيكلة لهذه الشركات بعد أصبح دخل العاملين بها قليلا جدا، حتى تتحول إلى شركات رابحة بما يعود بالنفع على العاملين بها، كيف سيتم ذلك؟ بعد تطويرها من حيث سلاسل الامداد، والتجهيز والنقل والتسويق والإدارة حتى تقود الاسعار مع البقال التموينى فى السوق. والارز إلى متى يظل مصدر شكوى لبطاقة التموين؟ المشكلة ليست فى كميته، وإنما فى جودته إلى جانب أن بعض المناطق لأسباب أمنية لا يصل إليها الأرز. والرقابة التموينية فى ظل هذه المنظومات الجديدة ما هو دورها؟ سوف يكون دورها مراقبة الخدمة بدلا من ملاحقة الفساد، لأنه من الصعب فى ظل المنظومة القائمة أن تقوم مباحث التموين بدورها. فى إطار ضبط الأسواق، هناك أربعة قوانين جديدة ما هى أهم ملامحها؟ هذه القوانين تمثل ضرورة، فالأول خاص بحماية المستهلك مثل مده بالضبطية القضائية، والمعاملات الفنية، أى تقوية الجهاز ليقوم بدوره بشكل أفضل. وكذلك القوانين الأخرى مثل السجل التجارى الذى صدر منذ 50 سنة ويعوق إنشاء الشركات، وكذلك العلامات التجارية لحماية الاستثمار بالشكل اللائق. وماذا عن تصوركم لدور المجمعات الاستهلاكية فى المرحلة المقبلة! أدرس حاليا، كيف تسهم هذه المجمعات فى خفض الأسعار، خاصة قبل شهر رمضان المقبل، بإتاحة منتجات كثيرة ومتنوعة بأسعار لم يعتد عليها المستهلكون.. وفى هذا الإطار، أفكر فى تحويل بعض المجمعات الاستهلاكية إلى منافذ للخضراوات فقط، وأخرى للفاكهة، بأصناف وأنواع محددة لأن أسعار الخضر والفاكهة تمثل مشكلة للمستهلكين. وسوف تدخل معنا أيضا التعاونيات الاستهلاكية ل 3600 منفذ على مستوى الجمهورية، حتى نشترى بشكل مجمع لضرب حلقات التوزيع والوساطة بين المزارع والمستهلك، من خلال تعاقدات طويلة الأجل وبصورة جماعية للنقل والتخزين والإتاحة والعرض والتسويق. بمناسبة التخزين مع بدء موسم القمح.. هل تمكنا من حل مشكلته؟ جزء من القمح يتم تخزينه بالصوامع والجزء الآخر بالشون، المغطاة والمكشوفة وجزء منها ترابى وجزء منها أسفلتى.. ولكن الجديد هذا العام أن فترة بقاء القمح بالشونة أقصر ما يمكن واختصرناها من 3 أشهر إلى أسبوع لتقليل حجم الفاقد من المحصول.