حسنا فعلها المهندس إبراهيم محلب.... حينما أصدر قرارا بوقف عرض فيلم «حلاوة روح».. سييء السمعة.. بعد أن أثار الكثير من الجدل منذ عرضه حتى وقفه.. لأنه يتعارض مع كل تقاليد وقيم المجتمع المصري.. ولا أدرى ما هى الرسالة التى يريد الفيلم أن يتبناها.. باستثناء أن الفيلم منقول عن فيلم أجنبى إيطالى سيئ... ومن هنا جاء تحرك المجلس القومى للأمومة والطفولة ورفضه لهذا الفيلم المسيء الذى ينشر الإباحية والفوضي.. وينتهك قانون الطفل. مبررات أصحاب الفيلم والمشاركين فيه مرفوضة شكلا وموضوعا والدعوة إلى مشاهدة الفيلم قبل الحكم عليه هى دعوة للترويج للفيلم وحصد الملايين على حساب قيم وتقاليد الشعب المصري. لقد انهارت صناعة السينما منذ سنوات وتحولت إلى أفلام مقاولات.. واحتكر السوق بعض المنتجين الذين لاعلاقة لهم بالسينما من قريب أو بعيد سوى استبدال ذبح الحيوانات بذبح قيم وتقاليد الشعب المصرى وترسيخ مفاهيم «البلطجة» و«الفتونة»... ونشر ثقافة زنى المحارم والعلاقات الجنسية غير المشروعة، وأخيرا جاء الدور على الأطفال لينتهكوا حرمتهم وبراءتهم.. ويتحول الطفل إلى هدف لدى السيدات الشواذ.. وفى المدارس والأحياء الشعبية. الكلام عن حرية الإبداع شيء..... وهدم قيم وتقاليد المجتمع شيء آخر.. لأن نشر هذه المفاهيم المغلوطة والمستوردة تدمر المجتمع وتجعل الشاذ طبيعيا.. وكأن القاعدة الآن هى البلطجة والعنف والجنس والسرقة. الطبيعى ... أن تكون السينما هى مرآة مجتمعها وبنظرة بسيطة على أفلام العشر السنوات الأخيرة... فسوف نجد 90% منها على الأقل تدور حول العنف والبلطجة وسفك الدماء والجنس وزنى المحارم.. فهل هناك 90% من المجتمع يرتكبون تلك الأفعال.. أم أن العكس هو الصحيح. لا أحد ينكر وجود تلك السلوكيات المشينة عند قطاع موجود فى المجتمع، لكنه يظل هو الأقلية.... أما الأغلبية فهم من الكادحين الرافضين لكل الإغراءات ويرفضون التفريط فى القيم والأخلاقيات التى عاشت فيهم وعاشوا فيها. وقف الفيلم خطوة أخرى تحسب لصالح المهندس إبراهيم محلب الذى اهتم بقطاع السينما، وقام بعقد خاصا بهذا القطاع.. حيث وافقت اللجنة الوزارية من حيث المبدأ على عودة أصول السينما إلى وزارة الثقافة ودراسة المقترحات اللازمة لتذليل الصعوبات التى تتعرض لها صناعة السينما دعما للثقافة والاقتصاد. نريد صناعة سينما مزدهرة وقوية تنافس الأفلام العالمية وتحصد الجوائز فى المهرجانات المحترمة.. ولانريد أفلاما هابطة و «منحطة».. كل هدفها جذب المراهقين وأطفال الشوارع إليها.. وتذهب بعد ذلك إلى صندوق «الزبالة». اسئلة كثيرة لابد أن يجيب عنها كل المدافعين عن هذه النوعية من الأفلام أهمها.. أين هذه الأفلام من المهرجانات العالمية.. وهل حصدت أيه جوائز باستثناء تلك الجوائز الوهمية لبعض الجمعيات هنا أو هناك؟. سوف يجيب البعض قائلا: أفلام المهرجانات لاتكسب محليا ولاتحقق عائدا يذكر.. لكن الحقيقة عكس ذلك لأن الأفلام العالمية التى تفوز بجوائز المهرجانات تحقق نجاحا باهرا فى الأسواق وتحصد الملايين.. وبالتالى فإن من يقول بعدم نجاح أفلام المهرجانات هو إخفاء للمأساة التى تعيشها صناعة السينما فى مصر منذ أن سقطت فى هوة منتجى أفلام المقاولات وخضعت لمفاهيم مغلوطة عن تلك الصناعة المهمة والحيوية التى يمكن أن تكون قاطرة من قاطرات التنمية فى مصر. لقد ظلت السينما فترة طويلة أحد أهم أركان القوة الناعمة لمصر ومن خلالها انتشرت اللهجة المصرية فى كل الدول العربية... وكانت ثالث أهم صناعة فى مصر.. لكن الآن تغير الموقف، وأصبحت صناعة السينما أحد أسباب تدمير المجتمع المصرى وأحد أسباب التخلف الذى نعيشه الآن. الحديث عن تعارض الرقابة مع حرية الإبداع قول حق يراد به باطل.. وبالتالى فإنه من الضرورى أن يكون اجتماع اللجنة الوزارية لصناعة السينما هو البداية لمشوار طويل للنهوض بتلك الصناعة الحيوية والدفع بها إلى الأمام مثلما حدث فى الهند حتى تعود تلك الصناعة إلى سابق عهدها كقوة اقتصادية وثقافية قبل أن تلفظ أنفاسها الأخيرة وتبقى مجرد «حلاوة روح».. دون أدنى فائدة. لمزيد من مقالات عبدالمحسن سلامة