اليوم الخميس| آخر تقديم ل 178 فرصة عمل بالإمارات ب 24 ألف جنيه    فلكيًا.. موعد إجازة المولد النبوي 2025 في مصر للقطاع العام والخاص والبنوك والمدارس    البابا تواضروس الثاني يتحدث عن "صمود الإيمان" في اجتماع الأربعاء    الهيئة العليا للوفد توافق على طلب رئيس الحزب بطرح الثقة في نفسه    رابط الاستعلام عن نتيجة التظلمات في مسابقة 20 ألف وظيفة معلم مساعد    سعر الذهب في مصر اليوم الخميس 10-7-2025 مع بداية التعاملات    أسعار الفراخ اليوم الخميس 10-7-2025 بعد الهبوط الجديد.. وبورصة الدواجن الرئيسية الآن    قانون الإيجار الجديد.. هل يُنهي صراعات الماضي؟    الدولار ب49.58 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الخميس 10-7-2025    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الخميس 10-7-2025 بعد تجاوز حديد عز 39 ألف جنيه    سماع سلسلة انفجارات قوية في العاصمة كييف وسط دوي صفارات الإنذار    لولا: البرازيل قد ترد بالمثل على رسوم ترامب الجمركية    دمشق: نرحب بأي مسار مع "قسد" يعزز وحدة سوريا    الجيش الإسرائيلي يُعلن اعتراض صاروخ أطلق من اليمن    جيش الاحتلال يُعلن العثور على جندي منتحرًا في قاعدة عسكرية جنوب إسرائيل    نتنياهو على حافة الهاوية.. مُفاوضات شكلية وحرب بلا أفق    البنتاجون: الوزير هيجسيث أكد لنتنياهو أهمية إنهاء الحرب في غزة وعودة جميع المحتجزين    "صفعة برازيلية".. كيف كان مشوار باريس سان جيرمان نحو نهائي كأس العالم للأندية؟    ماذا قدم أحمد ربيع ليخطف أنظار مسؤولي الزمالك؟    الأهلي سينعش خزينة الزمالك بقرابة 7 مليون جنيه.. ما القصة؟    حداد ودموع واحتفال.. كيف نعى نجوم كأس العالم ديوجو جوتا؟    «عشان أوضة اللبس».. محمد عمارة يُطالب الأهلي ببيع وسام أبو علي وزيزو وإمام عاشور    حبس المتهم بمطاردة فتاة والتحرش بها في الفيوم 4 أيام    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الخميس 10-7-2025    "وسط الدخان الأسود".. 20 صورة ترصد ملحمة رجال الحماية المدنية في مواجهة جحيم سنترال رمسيس    في حراسة مشددة.. وصول أسئلة الأحياء وعلوم الأرض والإحصاء والرياضيات التطبيقية لمراكز التوزيع    إصابة 9 عمال في حادث إنقلاب سيارة ربع نقل بطريق "بنها – المنصورة الجديد" بالقليوبية    وفاة المخرج سامح عبد العزيز.. وموعد ومكان صلاة الجنازة    يُعرض في 13 أغسطس.. عمرو يوسف يروج ل"درويش" وينشر البرومو الرسمي    10 صور لاحتفال زيزو مع أحمد السقا بفيلمه الجديد    نجل عمرو مصطفى يقتحم عالم الغناء بأغنية إنجليزية من كلماته وألحانه (فيديو)    هدى الإتربي تتألق بإطلالة ساحرة في أسبوع الموضة ب باريس (فيديو)    الوداع الأخير.. المطرب محمد عواد في عزاء أحمد عامر ثم يلحق به اليوم فجأة    ما حكم الوضوء بماء البحر وهل الصلاة بعده صحيحة؟.. أمين الفتوى يحسم (فيديو)    الولايات المتحدة تشهد أسوأ تفش للحصبة منذ أكثر من 30 عاما    استشهاد أم وأطفالها الثلاثة في قصف للاحتلال على خان يونس    الضل، رحلة أدبية إلى قلب الإنسان وحقيقته الغائبة للكاتب خالد الشربيني    بالأسعار والمساحات، الإسكان تطرح أراضي تجاري إداري سكني    نجم الأهلي السابق ينصح برحيل ثلاثي الفريق    نتيجة تخبرنا أين نقف الآن، ألونسو يكشف سبب الهزيمة أمام باريس سان جيرمان    اليوم، غلق باب تقديم طلبات الترشح لعضوية مجلس الشيوخ    ما أحكام صندوق الزمالة من الناحية الشرعية؟.. أمين الفتوى يوضح    شيكابالا يدعم إبراهيم سعيد بعد خروجه من السجن.. ماذا قال؟    عانى من علامة "غريبة".. رجل يكتشف إصابته بسرطان عدواني    لرسوبه في التاريخ.. أب يعاقب ابنه بوحشية    تذكرتى تطرح برومو حفل أنغام نجمة افتتاح مهرجان العلمين بنسخته الثالثة    جامعة كفر الشيخ: مركز التطوير المهنى نموذج خدمى متكامل    موقف صلاح مصدق من الرحيل عن الزمالك    «مستقبل وطن» يختتم اجتماعاته اليوم بلقاء مرشحي الشيوخ 2025    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 10-7-2025 في محافظة قنا    عصام السباعي يكتب: الأهرام المقدسة    المشدد 6 سنوات لتاجر الكيف لإتجاره في الترامادول بالمنيرة    أهالي المفقودين في «غرق الحفار»: «منتظرين جثامينهم.. عايزين ندفنهم»    عميد القلب السابق يكشف المؤشرات الأولية ل الإصابة ب الجلطات (فيديو)    مستشار الرئيس لشؤون الصحة: ظهور متحور كورونا الجديد «نيمبوس» في 22 دولة    أحمد سعد يثير الجدل بحقيبة هيرمس.. لن تتوقع سعرها    أصيب به الفنان إدوارد.. 5 علامات تكشف إصابتك بسرطان الكلى    «ترقب ومعاناة».. طلاب الثانوية العامة يروون ل«المصري اليوم» رحلة البحث عن الإنترنت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثورة فى علم الجغرافيا
نشر في الأهرام اليومي يوم 16 - 04 - 2014

جمال حمدان لا يقل تأثيره في ميدان العلوم الاجتماعية عن تأثير مؤرخ فرنسا الكبير «بروديل» مؤسس «مدرسة الحوليات» والذي أحدث أكبر ثورة في علم التاريخ، تماما مثلما أحدث جمال حمدان أكبر ثورة في علم الجغرافيا، لأنه حولها إلي علم اجتماعي موسوعي شامل،واستطاع بذلك أن يعالج كل أمور مصر الاقتصادية والسياسية والاجتماعية الرفيعة.
فقد كانت تربطنى به صداقة عميقة،ولكنها أبدا لم تحرمنا من متعة الاختلاف الفكري أحيانا، و كان يتقبل النقد بصدر رحب ويجيد الحوار الفكري المسئول .ألف جمال حمدان عديدا من الكتب ولكن مما لاشك فيه أن كتاب «شخصية مصر» هو واسطة العقد بين كتبه جميعا. وقد سبق أن دعتني مجلة «عالم الكتب» لكتابة عرض نقدي للمجلد الثالث من الكتاب،وأثناء دراستى للكتاب تساءلت منذ البداية كيف يمكن أن يكون كتاب« شخصية مصر» كتابا في الجغرافيا ألفه أستاذ للجغرافيا ؟
فالجغرافيا بالنسبة لكثيرين قبل ظهور هذا الكتاب كانت علما وصفيا بعيدا عن مناقشة أمور المجتمع من سياسة واقتصاد واجتماع ،بل ونواح استراتيجية , ولكن ظهور حمدان أدى إلي ثورة في الكتابة الجغرافية، فلأول مرة تصبح الجغرافيا علما جماهيريا.
استطاع حمدان بعبقريته الفذة أن يجعل الحقائق الجغرافية عن مصر تتسرب إلي عشرات الألوف الذين أقبلوا علي قراءة الكتاب من خلال تبنيه لمفهوم واسع وعريض لعلم الجغرافيا. فقدم تعريفا للجغرافيا بأنها «التباين الأرضي» أي التعرف علي مختلف المستويات ثم ما لبث أن أضاف : من الطبيعي أن تكون قمة الجغرافيا هي التعرف علي شخصيات الأقاليم .والشخصية الإقليمية عنده هى شيء أكبر من مجرد جسم الإقليم وحسب ،إنما هى تتساءل أساسا عما يعطي المنطقة تفردها وتميزها بين سائر المناطق محاولة أن تنفذ إلي روح المكان لتستشف عبقريته الذاتية التي تحدد شخصيته الكامنة ،وهكذا يضع حمدان القارئ علي بداية الطريق الطويل الذى يصطحبه فيه.
وحمدان لم يقنع بأن يقدم تعريفا واسعا للجغرافيا، ولكنه قام بالتطبيق الفعلي من خلال موسوعته لكي يثبت أن الجغرافي قادر علي التصدى لموضوعات التاريخ والاجتماع والاقتصاد والسياسة والإستراتيجية. ويشير حمدان منذ البداية إلي التمييز المهم بين دراسات الشخصية الإقليمية والشخصية القومية ،ويقرر أن دراسته هي دراسة شخصية مصر لا الشخصية المصرية.
إن منهج حمدان يتسم بكونه منهجا تكامليا ينظر للظاهرة في شمولها ولا يكاد يترك جانبا لا يخضعه لمجهره الدقيق ولا يعرضه لقلمه الذى يسمو لمستوى الشعر أحيانا،ويحتد حين يغضب ويصبح كالمشرط القاطع.
نحن أمام رجل يمتلك نظرة إستراتيجية للعلم الاجتماعي، ويؤمن في أعماقه بوحدته ، ليس ذلك فقط بل بوحدة العلوم الاجتماعية والطبيعية ،وهو لذلك ينتقل بسلاسة نادرة من الجغرافيا إلي التاريخ إلي الاقتصاد إلي الإستراتيجية ،ويساعده في ذلك ثقافة موسوعية، وربما قبل ذلك أسلوب متفرد قادر علي النفاذ إلي جوهر الأشياء من خلال قدرة متميزة علي التكثيف والتركيز، ومما لا شك فيه أن جمال حمدان من عشاق جوامع الكلم، وهو يهوى تلخيص بعض التعميمات الجارفة في عبارات موجزة، وأحيانا يؤدى ذلك إلي تبسيط بعض القضايا المعقدة بطريقة اختزالية قد لا تتفق مع تعدد جوانبها.
والكتابة عند حمدان أساسا عمل نقدى في المقام الأول ،وليست مهمة الكاتب إرضاء شهوات الجماهير وتملق عواطفها بالتمجيد والمبالغة في تصوير الايجابيات ونفي السلبيات.ولا يتسم منهج حمدان بأنه منهج تكاملي ونقدى فقط ، بل إنه حين يعرض للموضوعات الخلافية الكبرى - ومن أمثلتها البارزة قضية ايجابيات وسلبيات السد العالي - يبدو مسيطرا تماما علي المنهج الجدلي من خلال قدرة فائقة علي عرض الأفكار ونقيضها واستخلاص التركيبات الفكرية.
إن كتاب «شخصية مصر دراسة في عبقرية المكان» سيبقي معلما من معالم الإبداع العلمى المصرى ، وسيظل شاهدا علي أهمية دور العالم الاجتماعي الملتزم بقضايا أمته، والقادر بناء علي دراسته العميقة أن يشخص الحاضر ويستشرف آفاق المستقبل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.