الفنانة الكبيرة سعاد حسني رحلت عن عالمنا فى عام 2001 بعد حياة سينمائية كبيرة لم تأت السينما بمثيل لها سواء ادائها التمثيلى أو الغنائى المصحوب بالرقص التي غنت من خلاله حالات الفرح والحزن والانكسار وحتى الوصف .. الفنان محمد خان الذى جمعه معها فيلم «موعد علي العشاء» عام 1982 والذى يعد فيلما مهما في مسيرة سعاد حسنى السينمائية . قرر اهداء فيلم «فتاة المصنع» لسعاد حسنى بطريقته الخاصة عبر اغنياتها وصورها بالفيلم. فيلم «فتاة المصنع» تأليف وسام سليمان وهي كاتبة لاتقل عن «محمد خان» فى سرد الشخصية المحورية مثل البنت الصعيدية «في شقة مصر الجديدة، «البنتان في بنات وسط البلد»، وهنا في «فتاة المصنع» الذى تدور احداثه عن «هيام» (ياسمين رئيس) العاملة البسيطة فى مصنع ملابس جاهزة والتى تقع فى قصة حب تصل بها الي احداث كبيرة ليس لشئ سوى لنعومة هذه الفتاة ....استطاعت وسام سليمان ان تسرد كل شخصيات العمل بنعومة وحرفية عالية بدءا من الام «عايدة» (سلوى خطاب) والخالة سميرة (سلوى محمد علي) وحتي الصديقة والجارة «ناصرة» (ابتهال الصريطى) وزوج الام والمهندس «صلاح (هاني عادل). فتتتابع الاحداث حتي تعقدها الي ان نصل الي الانتحار .. كانت الدراما متواصلة صعودا بسلاسة مما جعل فيلم «فتاة المصنع» حالة فنية خاصة .. ولكن يبقى سؤال: لماذا هذة النهاية ؟! سلوى خطاب في شخصية الام «عايدة» ممثلة قديرة فى تعاملها مع بناتها وفى دفاعها عن ابنتها الكبيرة أمام زوجها وأخواتها وفى استعادة شعر ابنتها .. سلوى محمد على فى دور الخالة «سميرة» مشاهدها الصامتة اقوى كثيرا من الكلام ابتهال الصريطى ممثلة ولدت كبيرة في شخصية «ناصرة» صديقة هيام ... اخت هيام ممثلة جميلة فى ادائها فكانت بالفعل هى الاخت رغم انها الصغرى لكنها كانت كبيرة .. ياسمين رئيس فى شخصية «هيام» استطاعت ان تؤدى دور الفتاة التي تعشق الحب رغم مرارته فحصلت على جائزة «احسن ممثلة» فى مهرجان دبى عن كل احساس لهذه الشخصية سواء فى مشاهدها الصامتة التى كانت باكية ام ضاحكة ومن اجمل مشاهدها فى لقائها «صلاح» وهو وينهرها ويطلب منها ان تبحث عن والد الطفل فهو ليس الوالد .. فكان اداؤها بطولة و ايضا بكاؤها تحت رجل الجدة.. سنوات مرت علي السينما المصرية لم تظهر نجمة و الان مع محمد خان ظهرت ياسمين رئيس ... هاني عادل فى دور صلاح لم يأت بجديد ...التصوير محمود لطفى اسم جديد الي حد ما حيث انه يعمل في الافلام المستقلة ويعد هذا رابع افلامه بعد فيلم «هليوبوليس» والخروج للنهار ومدن ترانزيت... فقد استطاع من خلال اضاءته نقل جو الاحداث الدرامية بصدق من خلال الاضاءة التى تكاد تكون طبيعية فى المصنع والشارع حتى داخل منزل هيام ورغم المساحات الضيقة كما فى مطبخ بيت «هيام او بيت «صلاح» ... المونتاج دينا فاروق .. فيلم سريع بايقاع تتابع اللقطات داخل المشهدالواحد فى اختزال الزمن بحذف اللقطات التي ليست مفيدة للحدث كان فى خدمة الدراما بشكل كبير كما فى مشاهد تغيير الملابس، وحتي فى الانتقال من مشهد الي اخر كان غير محسوس، حتى المشهد الذى جمع هيام وصلاح في المطبخ بدءا من دخولهم مسرعين وحتى ظهور الام والاخت كان الايقاع في خدمة الحدث حيث ان لقطاته كانت قريبة جدا بحيث اننا لم نعرف ماذا حدث ! ايضا فى تسارع الاحداث بعد هذا المشهد كان الايقاع رغم الصمت الكثير الذى اتبعته هيام كان فى خدمة الدراما. .... الموسيقى الكبير جورج كازازيان رغم عدم معرفة الكثير له فى مصر الا أنه موسيقى هام فهو صاحب موسيقى اعلان الشيكولاته الشهير الذى كانت الآلة الاساسية فيها العود. التقى قبل 26 عاما مع محمد خان من خلال فيلم «زوجة رجل مهم» وهنا في فيلم «فتاة المصنع «أضفى جوا خاصا جدا على الصورة باستخدام الات غير تقليدية كالهارمونيكا والاكورديون والبيانو واستخدمها بطرق مختلفة كما في مشهد التحضير للرحلة فى السوق، لشراء الملابس نجد كل الالات تقوم بالعزف ولكن كل آلة منفصلة نظرا للزحام. ونري ذلك أيضا في التقديم لما سوف يحدث في طريقة استخدامه للآلات والجمل الموسيقية، مثلا فى الفرح وحالة الحب نجد الموسيقي مكملة للصورة، فهو اختيار داخل الاحداث لموسيقى كبير جورج كازازيان الكاستنيج لجينفر لي بترسون من اهم مفردات العمل التي جعلت فتاة المصنع فيلما حقيقيا ...ايضا اختيار الملابس لنيرة الدهشورى جعل الشخصيات كما هم في الحياة... الاخراج كان داخل أداء كل الشخصيات خصوصا ياسمين رئيس التى لم نتذكر لها اي عمل من قبل.. ايضا داخل كل مفردات العمل لتكتمل هذه الحالة الخاصة التى تركنا فيها «فتاة المصنع» كما في كل الاعمال التى كانت بقيادة محمد خان.