من المفارقات أن يسيطر اسم الزعيم الخالد على المرشحين الرئاسيين-حتى الآن- أو الأوفر حظا وإن اختلفت رؤية الناس لعلاقة كل منهما بعبد الناصر .فأحدهما يحظى بنفس التقدير الذى كان يتمتع به الزعيم مع اختلاف جوهرى وهو تساوى تقدير الأغنياء والفقراء له. والثانى يرونه مرتديا قميص عبد الناصر ,وهو القول المأثور عن الرئيس الراحل أنور السادات. عبد الناصر هو الحاضر الغائب الذى تفرض ذكراه نفسها على كل الرؤساء الذين جاءوا بعده.ورغم أن أنور السادات استهل عهده بالانحناء لتمثال عبد الناصر، وأعلن سيره على طريقه فإن النكتة التى انتشرت بعد فترة قصيرة من توليه الحكم خاصة بعد القائه القبض على من أطلق عليهم مراكز القوى هو أنه «سار على طريق عبد الناصر بأستيكة».وكان هو الذى اخترع مصطلح «قميص عبد الناصر» على كل من كان يعارضه أويؤمن بمبادئ الزعيم الراحل. وعندما أرادت اسرائيل زرع الفتنة بين أنور السادات ومبارك فى أواخر أيامه سربت تقريرا يفيد أن النائب ناصرى الهوى .وبعد وفاة أنور السادات أفرج مبارك عن الأغانى الوطنية التى كانت تمجد وتخلد الزعيم الراحل . وفى 25 يناير استحضرثوار الميدان صور جمال عبد الناصر وشعاراته وبالمثل فى ثورة 30يونيو ,ذلك ليس له الا معنى واحد وهو أن الانحياز للشعب هو الذى يخلد من يؤمن به حقيقة ,والشعب المصرى بذكائه الفطرى استطاع أن يفرق بين من هو ناصرى المبادئ فعلا ومن يرتدى قميص عبد الناصر . الناصرية هى كرامة وزعامة وانحياز للفقراء وعدالة اجتماعية وقومية عربية بصرف النظر عن سلبيات كثيرة شابت عهد وحكم الزعيم .ولكن هل يصلح حماس عبد الناصر الذى أدى فى كثير من الأحيان الى الصدام مع قوى غربية وقوى عربية أن يكون نموذجا يحتذى بحذافيره اليوم؟ هل يصلح النظام الاقتصادى الذى آمن به عبد الناصر وسعى لتحقيقه أن يطبق اليوم بعد أن تخلت معظم دول العالم عن تطبيقه؟ لقد اختلف الظرف السياسى والاقتصادى عن زمن عبد الناصر, والسطو على اسطورة أو زعامة أو مبادئ ومحاولة تطبيقها فى زمن غير زمانها دون مراعاة متغيرات العصر كفيل باسقاط الوطن قبل اسقاط السارق. لمزيد من مقالات أفكار الخرادلى