انعقدت القمة العربية فى مرحلة بالغة الصعوبة وكانت بلا شك ضحية توقيتها فى ضوء الخلافات العميقة بين أطراف رئيسية فى المنطقة ودور قطر السلبى فى منظومة العمل العربى المشترك. حققت مصر عددا من الأهداف، فى مقدمتها أن مصر تخاطب المنظمة العربية بمفهوم جديد وهى أنها عائدة بقوة إلى عالمها العربى وجذورها وهويتها العربية كما أن مزاج الشعب المصرى والقيادة المصرية الحالية والمقبلة تعقد أمالا كبيرة على دور مصر العربى بعد أن انسحبت عن ممارسته لسنوات طويلة وها هى تعود إلى هويتها العربية الأصيلة رافضة لأى هوية أخرى طائفية أو عرقية أو دينية والمرفوع العاجز للحدود وإحياء الخلافة.. الخ، لأن الأمة العربية تجمعها الهوية المشتركة وسوف تعمل على مواجهة محاولات تغيير القوى الكبرى لها ومحاولة تفتيتها لدويلات وسوف تتصدى لهجمات الغرب وحربه المغرضة لحضارة السبعة آلاف سنة.. ودعمه لمساندة التطرف والفاشية والأفكار الرجعية والديماجوجية والتحجر لإلقائنا فى سلة التخلف. وللأسف هناك من يساعد من داخل اقليمنا على توجهات تشكيل حدود جديدة للمنطقة العربية وفقا لاستراتيجية خارجية متسلطة، ولقد كشف خطاب الرئيس عدلى منصور فى القمة وخطاب ترشيح المشير السيسى للرئاسة ومداخلات وزير الخارجية نبيل فهمى دفاع مصر عن هويتها الأساسية. الهدف الثانى الذى حققته مصر فى القمة هو أن العالم العربى فى مجمله اعتمد وجهات النظر المصرية فيما يتعلق بتحدى الإرهاب وإنه يجب أن نتعامل معه بجدية. العنصر الثالث الذى يعزز عودة مصر بقوة لممارسة دورها العربى هو أن الدورة القادمة سوف تعقد على أرض مصر. هذا ولقد شغل الملف السورى حيزا كبيرا من اهتمام القادة العرب الذين يدركون أن الحل السياسى هو الوحيد المتاح لوقف حالة التعثر والتزم الجميع بقرار القمة العربية للدوحة، وأن الائتلاف الوطنى سوف يشغل مقعد سوريا وإنما المشكلة فى عملية التنفيذ، كما أن شبح المواجهة الروسية الأمريكية فى «القرم» قد القت بظلالها على امكانية دفع الأطراف السورية المتنافرة نحو الحل. هذا وقد كان الملف العلمى والثقافى على ميعاد مع قمة الكويت بعد أن طرح الرئيس عدلى منصور تكريس عقد محو الأمية من 2014 إلى 2024 وسوف يعكف وزراء التعليم العرب فى اجتماع قادم على دراسة كيفية بلورة تلك المبادرة المصرية. الإرهاب ومواجهة الأفكار التكفيرية إحدى الثمار المهمة لمبادرات مصر خلال قمة الكويت التى كانت رسالة واضحة للغرب ان المنطقة العربية سوف تتصدى لأى محاولات تهدف إلى تراجعها عن رسالتها الحضارية والتنويرية والعلمانية، ولن تسمح بترويج أفكار سلفية وإدماج عملاء الإرهاب الدولى والاقليمى فى النسيج الوطنى للشعب العربى العظيم. لمزيد من مقالات عائشة عبد الغفار