استقبلت ميادين مصر المختلفة جموع الشعب الذي نزل في الذكري الأولي لثورة 25 يناير، معلنا عزمه علي استكمال الثورة ومواصلة الكفاح للعبور نحو الدولة المدنية الحديثة التي دفع خيرة شباب مصر حياتهم من أجل إسقاط الفساد وإشاعة الحرية وترسيخ قواعد العدالة الاجتماعية. وهناك فئة أخري نزلت للاحتفال علي طريقتها باليوم وهم أحرار فيما يعتقدون، لكن الغالبية العظمي رفضت الاحتفال، وكيف تحتفل وهناك أمهات دموعها لم تجف علي فلذات أكبادها من الشهداء، وآباء قلوبهم تتمزق كل يوم وهم يرون أبنائهم من مصابي الثورة يعانون في صمت لأنهم ضحوا بأغلى ما عندهم من أجل عزة هذا الوطن وكرامة شعبه، وللأسف الشديد مضي عام ونحن محلك سر. نعم محلك سر فلا النظام سقط ولا أعوانه حكموا ولا البسطاء لمسوا أي تغيير أو إصلاح لأحوالهم المعيشية التي زادت ضيقا وفقرا وجعلتهم يلقون اللوم علي الثوار والثورة. بمناسبة الذكري الأولي للثورة سأرسل عدد من الرسائل علها تكون تذكره لأولي الألباب، أول هذه الرسائل أوجهها لمجلس الشعب الذي بدأت جلساته الأولي بداية صاخبة وفوضوية إلي حد كبير لأذكره بما قطعه علي نفسه من عهود لاستكمال الثورة والقصاص العادل للشعب ليصبح بحق برلمان الثورة ولسان حال الشعب بحق. أقول لهم: السادة النواب تقع علي أعناقكم مهمة كبري وتاريخية، وعليكم أن تكون علي قدر المسئولية وتعبروا عن بسطاء هذا الشعب لا عن تحالفات أو عن صفقات، وتذكروا جيدا ماذا حدث لأسلافكم الذين انحازوا إلي السلطة والجاه وتركوا مصالح الشعب جانبا، والمفارقة أن بعضكم قد عاني بالفعل من بطشهم في السابق، نواب الشعب كونوا ضمير الأمة ولسان حالها الشجاع الذي لا يخشي في الحق لومه لائم، خاصة إذا كان هذا الحق يعني القصاص لشهدائنا ومصابينا، هذا الحق يعني شيوع العزة والكرامة ومحاسبة كل من سولت له نفسه اللعب بمقدرات هذا الشعب وباع ضميره للفوز ببعض الامتيازات الدنيا! أما رسالتي الثانية فهي للمجلس العسكري الحاكم والذي أعلن إنهائه لحالة الطوارئ اعتبارا من 25 يناير 2012 باستثناء حالات البلطجة احتفالا بالذكري الأولي! أقول لكم كنا ننتظر منكم أن تقدموا لنا العناصر المتورطة في أحداث ماسبيرو، ومحمد محمود ومجلس الوزراء للمحاكمة في الذكري الأولي للثورة أيا كانت مواقعهم، لتقدموا لنا دليلا قاطعا علي التزامكم بحماية الثورة والثوار وتتطهروا من الأخطاء التي حدثت وأثارت الشك والريبة في نفوس الكثيرين. ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه، وعلينا الانتظار وضبط النفس أو كبت النفس كما يريدون لنعبر هذه المرحلة الانتقامية ! في انتظار الفرج. وبالنسبة لشعبنا الحبيب أوصيكم بالتشبث بالأمل في نجاح ثورتكم ولا تفقدوا الثقة في الشباب ولا تضعفوا هممهم وعزيمتهم، وتذكروا أن هناك دين للشهداء في رقابنا جميعا لابد أن يوفي تجاههم وتجاه أسرهم. وأذكركم بمقولة نابليون بونابرت الشهيرة "إذا اندفعت الشعوب لا تستطيع إيقافها" وقد بدأنا المشوار منذ عام وأبدا لن نرجع للوراء أو نتوقف إلا عند بلوغ غايتنا وإنجاح ثورتنا. علينا مواصلة النضال فما تم إفساده في عقود طويلة لن ينصلح حاله في يوم وليلة، ولا تسمحوا بتفشي روح الفردية بينكم ولا تستسلموا لرياح اليأس من الإصلاح أن تنشر في سمائكم وتجبركم علي الرضوخ للظروف الحالية وقلة الحيلة، وحافظوا علي وحدة الصف الوطني بكل ما استطعتم من قوة، أعلم جيدا كم أثقل كاهلكم النظام البائد وأصابكم بالفقر والمرض وكسرة النفس، ولكن بعد أن ضحي خيرة شبابنا بأرواحهم من أجل عزتنا وكرامتنا لابد أن نساند بعضنا البعض ونقف كالبنيان المرصوص في مواجهة أي محاولة تريد عرقلة مسيرتنا. وأقول لنفسي ولكل من يعمل في مجال الإعلام، علينا مسئولية جسيمة لا تقل أهمية عن مسئولية المحارب الشجاع في ميدان المعركة، فالكلمة التي نكتبها هي أمانة في أعناقنا، وقد نذهب عن هذا العالم وتظل كلماتنا باقية تؤثر في العقول وينشأ عليها أجيال قادمة، لذلك علينا مراعاة الدقة والأمانة فكل ما تسطره أيدينا وألا نساهم بأي شكل من الأشكال في تضليل الرأي العام أو إخفاء الحقيقة أو شق وحدة الصف الوطني من أجل منصب أو ترقية! وأخيرا أترحم علي أرواح شهدائنا من 25 يناير الماضي حتي الآن، وأرسل إليهم تحية إجلال وإكبار وعرفان بجميلهم وتضحياتهم التي ستظل مكتوبة بحروف من نور في قلوبنا وتاريخنا الحديث، وأقول لهم أبدا لن ننساكم. الثورة مستمرة وستنجح بنضال أبناء الوطن الشرفاء. المزيد من مقالات علا حمدى