للظلمة أذرع كثيرة ملقاة في طرقات العمر في حجم القذائف وطعم الضعف والخيانة، وتلك الأسرة أحبت الحياة في عتمة الانحراف حتي تربعت علي عرش الرذيلة، إلا أن القدر كان لهم بالمرصاد ورسم لهم نهاية أسوأ من أفعالهم ليتركوا ذكري تبعث المرارة في النفوس. كان أبا ينزف أخطاء وهبته الأقدار زوجة تلتف بكل خصاله السيئة وأدارا للفضائل ظهريهما وفتحا أذرعهما لكل الموبقات والأفعال الفاحشة، ودفعتهما الرغبة في الثراء وجمع المال إلي المتاجرة بالشرف وتحولت دماء الزوج إلي مياه عكرة رثة عندما قرر تقديم زوجته لراغبي المتعة الحرام علي مرأي ومسمع من عينيه. كادت الفرحة تشق قلب شريكة العمر وهي تنهشها الكلاب الضالة وتمارس المتعة الحرام من أجل الحصول علي عشرات الجنيهات، وازدادت السعادة عندما بدأت العملات الأخري تتدفق علي الزوجين، فقد ذاع صيتهما في منطقة الهرم وهب نسيم الأمان علي الزبائن عندما تيقنوا أن الزوج الشهم هو الذي يراقب المكان ويتولي تأمينه لزوجته وراغبي ممارسة الفواحش. دب الجنين في أحشاء الزوجة ورفع الزوجان أيديهما إلي عنان السماء حتي ترزقهما الأقدار بفتاة تشارك أمها مشقة السير في الطريق المعوج، بالإضافة إلي أنها ستكون عودا أخضر غضا وثمنها سيكون أكثر بكثير من أمها. بعد تسعة أشهر ابتسم القدر للزوجين ووهبهما طفلتين توءم وكادت الفرحة تعصف بعمر الأبوين وتمنيا أن يكبرا الصغيرتين لتدخلا عالم الرذيلة ولم يصبرا وقررا استغلال مواهب الطفلتين منذ نعومة أظافرهما فكانت تتراقصان أمام زبائن أمهما لبث الفرحة في نفوسهم، ثم تتفرغان لتلبية حاجات الزبائن من مأكولات ومشروبات. افترشت الطفلتان بداية سنوات عمرهما بالسقوط والكذب والتفوه بأفظع الألفاظ، وتساقطت من ملامحهما البراءة، وبدأتا الارتحال لطرقات العتمة وتاهت الصغيرتان في متاهات والديهما اللذين خطا بأيديهما بداية اغتيال الطفولة بقلوب صلدة ونفوس خلت الطهارة طريقها إليها. تفككت الطفولة من معاقل البراءة والعفوية، وكبرت الصغيرتان واشتد عودهما وعندما بلغتا الثانية عشرة جرفهما الأبوان إلي عالم الرذيلة وكثرت أموال الأب الندل من وراء الاتجار بزوجته وابنتيه واشتري شقة فارهة بشارع الهرم، واختار الطابق السادس حتي لا يسمع المارة أصوات الضحكات وغيرها وذاع صيت الأسرة الساقطة بين العرب والأثرياء. فاحت رائحة الرذيلة وكادت تزهق الأرواح الطاهرة للجيران، وتحررت البلاغات ضدهم وداهمت قوة من المباحث المنزل المشبوه، وانكفأت لتقتص من كل تصرف وقول من عائلة الفسق وكانت المفاجأة غاشمة عليهم، وأمر الأب أسرته أن يفردوا الأجنحة ويقفزوا من شرفة الشقة دون خوف للفرار من قوات الشرطة وتلك كانت هديته القاتلة لهن. اعتلي الزوجان وابنتاهما السور وقفزوا من الطابق السادس لتترنح أجسادهم النجسة في الهواء ويسقطوا علي الأرض بشارع الهرم لتتلوث الطرقات وذرات الرماد بدمائهم الفاسدة. لم يدر بخلد الزوج أنه رتب للارتحال وسطر شهادة وفاته حيث فارق الحياة ومعه زوجته، بينما أصيبت الاثنتان بكسور ونزيف في المخ. المشهد أقسي من أن يوصف ويوقظ الضمائر والقلوب الميتة، ونظرات الشماتة تشح من أعين المارة ورفض الجيران وضع أوراق الصحف علي جثتي الزوجين ليكونا عبرة لمن تسول له نفسه السير في طريق المجون، وصموا آذانهم عن صرخات الابنتين التي كادت تفزع الطير المحلق في السماء من شدة الألم وأداروا ظهورهم ليرفعوا أيديهم إلي السماء للتضرع إلي الله شكرا وحمدا علي القصاص السريع في الدنيا. انتقل وائل خشبة رئيس نيابة الهرم لمكان الحادث وأمر بدفن جثتي الزوجين ونقل المصابتين إلي مستشفي الهرم للعلاج والتحفظ علي الشقة المشبوهة، وحبس ستة أشخاص تم ضبطهم داخل الشقة، وأسدل الستار علي رواية بائدة بطلها رجل تلفح بالندالة هو بأسرته إلي طريق الضياع.