ل يجوز أن يؤتمن رئيس وزراء تركيا، أردوغان، على استضافة مركز حلف الناتو، لمكافحة الإرهاب، والرجل، نفسه، يدعم بكل سفور وفجور وبجاحة لا يحسد عليها الجماعات الإرهابية، المتشددة دينيا؟! هذا السؤال فرض نفسه بشدة على أجواء المنتدى، الذى نظمه حلف شمال الأطلنطى، ناتو، لنخبة من الإعلاميين المصريين، يومى 12 و13 مارس، الماضيين، بمقر الحلف فى بروكسل، بمناسبة مرور 20 عاما، على بدء حوار مصر مع حلف شمال، ضمن الحوار المتوسطى، الذى يجمع الناتو مع 7 دول متوسطية، هى: مصر والأردن وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا وإسرائيل. وبمناسبة مرور 10 سنوات، على مبادرة إستانبول، بانضمام 4 دول خليجية للحوار مع الناتو، هى: الكويت والإمارات والبحرين وقطر. الحوار مع الناتو أصبح بقدرة قادر شبه متوقف، وهناك من يرى بأنه «مات وشبع موت!!» على المسارين الخليجى والمتوسطى، لأن هناك دولتى تركيا وقطر، من ناحية، بما لديهما من باع عريض، فى هذه الحقبة السوداء من تاريخ المنطقة، فى رعاية وتمويل الجماعات الإرهابية، المتشددة دينيا، بالإضافة إلى العضوية المشئومة لإسرائيل، على الناحية الأخرى، فى الحوار المتوسطى، وهى تمارس كل أنواع إرهاب الدولة فى فلسطين. هذه التطورات المستجدة والمؤسفة، فى شقها المتوسطى، مثلا، دفعت مصر إلى عدم المشاركة فى التدريبات العسكرية لحلف الناتو، أو المشاركة فى عملياته العسكرية، لحين تحسن الأوضاع الأمنية فى الشرق الأوسط، ارتباطا بالصراع العربى الإسرائيلى، كما دفعت مصر إلى ربط تفعيل الحوار المتوسطى، فى شقه الجماعى، بالتقدم فى عملية السلام، مع رفض عقد أى اجتماع لوزراء الخارجية، يشارك فيه وزير الخارجية الإسرائيلى الحالى، لمواقفه المتشددة. لأن الدول الثلاث، تركيا وقطر وإسرائيل، هى نفسها أطراف رئيسية فى مسارى الحوار المتوسطى والخليجى، مع حلف شمال الأطلنطى، فمن الطبيعى أن يتوقف المساران، أو أن تكون حصيلتهما صفرا، من وجهة نظر الإعلاميين المصريين، المشاركين فى المنتدى، وهو ما جرى التعبير عنه، بكل صراحة ووضوح، من خلال الأسئلة والمناقشات، الحامية، مما تسبب فى حدوث حالة من الدهشة والصدمة للمسئولين بحلف الناتو. من جانبى، فقد طلبت خلال الجلسة الثانية لليوم الثانى للمنتدى، فى مداخلة، مع نائب أمين عام حلف شمال الأطلنطى، السفير الكسندر فيرشبو، بضرورة أن تستغل فرصة الاحتفال بمناسبة مرور 20 سنة على مسار الناتو المتوسطى، ومرور 10 سنوات على حوار الناتو الخليجى، وكذلك، انتهاز فرصة عقد قمة الحلف المهمة، فى ويلز، فى شهر سبتمبر المقبل، طلبت، التوقف لالتقاط الأنفاس ولحساب المكسب والخسارة، ولإعادة النظر فى استمرار الحوار على المسارين المتوسطى والخليجى من عدمه. المشاركون فى اعمال المنتدى من الناتو كانوا على مستوى وظيفى رفيع، فإلى جانب السفير الكسندر، ضمت القائمة كلا من: مساعد الأمين العام ستاماتوبولس نيكولاس دى سانتوس مدير الشرق الاوسط وشمال إفريقيا، مسئول الدبلوماسية العامة مايكل سولا، بالإضافة إلى مايكل رول وجولييت بيرد ودانييال ريجو وهنرى لامبرى ودينيس بيتن ومارتن إردمانا. مشكلة الحوار مع الناتو وتوقفه على المسارين، المتوسطى والخليجى، تتجلى فى أسوأ صورها عند تتبع الأحوال التى مر بها مركز التميز لمكافحة الإرهاب، مقره فى أنقرة، ويعمل وفقا لأصول وقوانين حلف شمال الأطلنطى، ويصدر تقارير شهرية لتوعية الجمهور فيما يتعلق بالأنشطة الإرهابية التى تحدث فى العالم، وهذه التقارير متوقف نشرها بالصدفة على الموقع الإلكترونى للمركز من عزل مرسى فى 30 يونيو الماضى! تركيا المسالمة الوادعة، الباحثة عن دور قيادى إقليمى، فى أوائل الألفية الثالثة، المتباهية (بشعر أختها) وبخبرتها وبقربها من دول منطقة الشرق الاوسط ومن العالمين العربى والإسلامى، أبدت الاستعداد لتقديم كل ما تملك من مزايا نسبية، ومن مقومات ثقافية وجيوإستراتيجية، قربانا لقبول أوراق اعتمادها فى عضوية الاتحاد الأوروبى، وبالذات بعد أحداث 11 سبتمبر الإرهابية. أبدت أنقرة الرغبة فى استضافة مركز الناتو المتميز لمكافحة الإرهاب، ووقعت على اتفاقية المقر فى عام 2005 ، ولم يخطر على بال أحد، من داخل الناتو أومن خارجه، فى ذلك الوقت، أن تتبدل الأحوال وتصبح أنقرة، هى نفسها، وبقيادة أردوغان، راعية وممولة للجماعات الإرهابية، المتشددة دينيا، إلا إذا كان ذلك مخططا فى الأصل، إذا أخذنا بنظرية المؤامرة، ضمن مفهوم الفوضى الخلاقة! وضع مركز الناتو لمكافحة الإرهاب تحت قيادة ورعاية حكومة أردوغان، بدأت تثار حوله علامات الاستفهام، لان تركيا أردوغان نفسها أصبحت عالة، وعبئا ثقيلا، على حلف الناتو، بما تروجه من سياسات مشبوهة، لخدمة مصالحها التوسعية، وحلمها فى إقامة دولة الخلافة، على انقاض دول الجوار. المخاوف حول أمن وسلامة مركز الناتو فى أنقرة لمكافحة الإرهاب وصلت إلى حد الشك فى إمكانية توظيف حكومة أردوغان، الداعمة والراعية والممولة للجماعات الإرهابية، للمعلومات المخابراتية الهائلة، التى يجرى تداولها ضمن أنشطة المركز، وإمكانية تسريبها إلى تنظيم القاعدة وللميليشيات المسلحة والتكفيرية والجهادية، التى هى نفسها الأذرع العسكرية للجماعات الإرهابية، المتشددة دينيا. ويبقى السؤال: إلى متى تستمر استضافة أردوغان لمركز الناتو لتصدير الإرهاب؟ لمزيد من مقالات كمال جاب الله