تتكرر الإضرابات والاعتصامات فى العديد من القطاعات، بهدف تحقيق مكاسب فئوية معظمها »مشروعة« إلا أنها باتت ظاهرة مقلقة تكاد تعصف بالاقتصاد، خاصة مع امتدادها لقطاعات تؤثر فى حياة الناس، كما فى النقل والمواصلات والصحة. ولأن هناك صعوبات تعترض سبل تحقيق مطالب المضربين والمعتصمين، بسبب خسائر أو ديون أو توقف عجلة الإنتاج، إلا أن وضع جدول زمنى ملزم لجهة الإدارة كفيل مع وسائل أخرى يتم التوصل إليها بالحوار والتفاوض بوضع »نهاية سعيدة« للطرفين. من هنا يطالب الخبراء الاقتصاديون ورجال القانون، بالحوار البناء من أجل التوصل إلى حلول تضمن حقوق أصحاب المطالب المشروعة وترفع فى الوقت ذاته الضرر عن كاهل المواطنين البسطاء. وجاءت البداية حيث انطلقت مبادرة هى الأولى من نوعها فقد م توقيع ميثاق شرف بين 40 نقابة عمالية لوقف جميع الاضرابات لمدة عام واحد وان يقوم العمال بالعمل لمدة ساعتين اضافين دون أجر ومنح الحكومة ملة ثلاثة أشهر لتنفيذ المطالب الملحة فى البداية يقول البدرى فرغلى رئيس الاتحاد العام لأصحاب المعاشات: إن أصحاب المعاشات إحدى الشرائح الوطنية ولايمكن لهم أن يتسببوا فى أى آلام إضافية للوطن، لكن هناك أمورا مهمة جدا، فهناك بعض المسئولين استغلوا فى أصحاب المعاشات الروح الوطنية والأوضاع السياسية السائدة فى البلاد، وأخذوا يرفعون درجة الاحتقان وبالتالى يجب أن نتخلص من هؤلاء الذين لهم أجندة سياسية أخرى تخالف أجندة الوطن. وعلى سبيل المثال، فإن وزير التضامن السابق قام بتعيين 3 من مساعديه بوزارة التضامن وهم جميعا من حزب الدستور، وهؤلاء استغلوا وظائفهم فى أعمال سياسية الهدف منها استغلال الملايين من أصحاب المعاشات وإشعال نار الفتنة الطائُية، ونطالب رئيس مجلس الوزراء إبراهيم محلب بتطهير الوزارة من هؤلاء حتى تستقر الأمور، كما نطالب بسرعة التحاور مع الوزيرة لعرض مأساة 9 ملايين من أصحاب المعاشات لاتخاذ ما يلزم من إجراءات ونحن نمد أيدينا الى الوزيرة الجديدة للوصول الى حل يرضى الطرفين، ويضيف ونحن كأصحاب المعاشات ندعو لمؤتمر للحوار مع رئيس مجلس الوزراء لكى نصل لحل يرضى هذه الملايين التى عانت التنكيل الاجتماعى فى ظل الحكومات السابقة. ويضيف فرغلي: مطالبنا تتمثل فى حد أدنى للمعاشات مع علاوة إضافية لمن هم فوق الحد الأدنى واسقاط القانون 130 لسنة 2009 المعادى لأصحاب المعاشات، والعمل على صرف علاوتى 2007 و2008 بأثر رجعي، ونحن لا نريد أن نكلف الدول جنيها واحدا، لذا نطالب بفوائد الأموال فقط بعيدا عن الخزانة العامة وهذه الأموال وصلت الى 539 مليار جنيه فكيف نملك تلك الأرصدة ونعانى من العوز والجوع، علما بأن الحكومة السابقة حصلت على 17.7 مليار جنيه لصرفها وانفاقها على الحد الأدنى للأجور ومستخلصات لرجال الأعمال حسب البيان الرسمى لوزير التخطيط الدكتور أشرف العربي، حيث تم سحب هذه الأموال من بنك الاستثمار القومى المودع فيه أموال التأمينات وكانت تقدر بنحو 86 مليار جنيه، والآن تم الإعلان عن ان الموجود 68 مليار جنيه؟ ويواصل فرغلى قائلا: نحن كأصحاب معاشات لا نضيف اى آلام جديدة للوطن، بل ندعو الى الحوار فقط ونعرف أن الاعتصامات والاضرابات معادية للوطن. خسائر يومية ويقول د. حمدى عبدالعظيم عميد أكاديمية السادات للعلوم الإدارية سابقا: الاعتصامات والإضرابات تؤثر تأثيرا سلبيا على مناخ الاستثمار، فضلا عن الخسائر الناتجة عن توقف النشاط خلال فترة الاعتصام والاضرابات، فعلى سبيل المثال شركة غزل المحلة بلغت الخسائر اليومية 5 ملايين جنيه وبالنسبة للاعتصامات الفئوية الأخرى تتكلف 5 ملايين جنيه يوميا، أى أن الدولة تخسر يوميا 10 ملايين جنيه بالإضافة الى تأثير ذلك على الأسعار نتيجة نقص الانتاج بالأسواق وتعطل المواطنين عن قضاء مصالحهم، سواء فى الشهر العقارى أو النقل العام أو الأطباء أو الصيادلة، وزيادة البطالة وانهيار الخدمات للمواطنين. إن التيارات المعارضة لثورة 30 يونيو 2013 تستغل هذه الاضرابات لتشويه صورة مصر خارجيا مما ينعكس بشكل سلبى على السياحة والاستثمار. ويشير د. حمدى عبدالعظيم، الى أن جميع أصحاب المطالب الفئوية يجب عليهم اعطاء مهلة للحكومة الجديدة والتفاوض معها لتحقيق المطالب عبر جداول زمنية فى المستقبل، بحيث تكون هناك فرصة لتحقيق موارد كافية للاستجابة لمطالبهم بعد تحسين الأحوال الناتجة بعد عودتهم للعمل وزيادة الطاقة الانتاجية، ومساعدة الحكومة على اصلاح الشركات المتعثرة ومنع الخسائر حتى يمكن تحقيق إيرادات وأرباح مناسبة لتسمح بتلبية المطالب المشروعة. محاسبة مجانية ويقول الدكتور محمود كبيش عميد كلية حقوق جامعة القاهرة، إن الإضرابات العمالية والفئوية للمرافق العامة للدولة يجب المحاسبة عليها جنائيا، فهذه الفئات تستهدف القضاء على الدولة سواء بحسن نية أو بسوء نية، وأحب أن أقول لهم اتقوا الله فى وطنكم مصر حتى لا ينهار الاقتصاد المصري. ويتساءل الدكتور كبيش هل المصالح أو الشركات أو الهيئات التى تريد أرباحا وزيادة فى الأجور تحقق أرباحا؟ أم هى أصلا شركات تخسر يوميا والدولة تقوم بمساعدتها؟. مطالب مشروعة على النقيض من ذلك، يؤكد المستشار رفعت السيد رئيس محكمة جنايات القاهرة الأسبق، أن جميع المطالب الفئوية التى يجهر بها متظاهرو الإضرابات الفئوية »مشروعة« لكن للأسف الشديد لا تتمكن الدولة من تحقيقها بسبب العجز المالى وقلة الإنتاج. وفى المقابل اذا كنا نطالب هؤلاء المتظاهرين بأن يرجئوا هذه المطالب الى أن يتعافى الوطن، فإن ذلك مرهون بأن تتحقق العدالة الاجتماعية بالنسبة للجميع فلا يتصور عاقل أن نطالب من يتقاضى أقل من 600 جنيه بالصبر، بينما هو يرى رئيس المصلحة أو الشركة يتقاضى عشرات الألوف فضلا عن الميزات العينية التى يتمتع بها من سيارات واستراحات وسفر للخارج وبدلات من جهات متعددة. إضعاف الدولة ويشير الدكتور سلطان أبوعلى وزير الاقتصاد الأسبق، إلى أن الوقفات والاضرابات والاعتصامات أثرت تأثيرا سلبيا على الإنتاج واهدار جعل قوة مصر فى الخارج تضعف، ورأينا إثيوبيا تشرع فى بناء سد (النهضة) الذى يهدد بقطع المياه عن المصريين، ولابد من زيادة الإنتاج حتى نواجه التهديدات الداخلية والخارجية. وعلى الحكومة أن تضرب المثل هى أولا فى الحد الأدنى والأعلى للأجور، وأنا متفائل وأتوقع أن يزيد اجمالى دخل الوزير على 20 ألف جنيه شهريا. مختار أبوالفتوح أمين عام اللجنة النقابية للعاملين بالهيئة العامة للنظافة والتجميل بالجيزة، يحمل وزارة المالية المسئولية بسبب إصدار المنشور رقم واحد لسنة 2014 والذى جعل كل ما يتقاضاه العامل يندرج تحت بند الحد الأدنى وليس الأساسي، وبهذا يكون العامل قد خسر لأنه يتقاضى نحو 100 جنيه كأجر اضافى و150 جنيها من المحافظة كل هذا تم جمعه ووضعه على شريط القبض للعمال، وبناء عليه تمت مخاطبة وزير المالية كما خاطبنا اتحاد العمال، وقيل إنه سوف يتم تشكيل لجنة لتفسير هذا المنشور علما بأننى غير موافق على هذه الوقفات فى ظل الظروف التى تمر بها البلاد، إلا أن السبب الأساسى فيها يعود الى السياسات الفاشلة لحكومة الدكتور الببلاوى وخاصة وزير المالية.