قال الدكتور سلطان ابو على وزير الاقتصاد الاسبق ان حكومة الدكتور حازم الببلاوى التى تقدمت باستقالتها انجزت بعض المهام وحققت خطوات فى بعض الاولويات، الا انها اخفقت فى عدد من الموضوعات التى كان يجب ان تكون ضمن الاولويات. وارجع جانبا من اسباب هذه الاخفاقات الى الظروف الصعبة التى جاءت فيها الحكومة واستمر جانب منها وانتقد وزير الاقتصاد السابق فى حوار ل الاهرام ، استمرار تفاقم عجز الموازنة فى عهد هذه الحكومة رغم حزمة المساعدات السخية التى تلقتها البلاد من بعض دول الخليج الشقيقة ، إلى جانب عدم معالجة مشكلة الركود التضخمى الذى يعانى منه الاقتصاد والذى يتمثل فى ارتفاع معدل التضخم إلى الضعف من 6% فى 2010 الى 12.4 % فى الشهر الاخير مع تباطؤ معدل النمو إلى 2% فقط ، لافتا الى ان الحكومة لم تصادفها التوفيق فى تحقيق خطوات ملموسة فيما يتعلق بالعدالة الاجتماعية رغم انها ظلت تعلن ان هذه القضية تحتل اولوية لديها، وذلك بسبب اختصار القضية فى الحد الادنى والحد الاقصى للاجور ، فى حين أن الموضوع اكبر من هذا الامر بكثير خاصة ان الحكومة لم تنجح فى تطبيق الحد الادنى أو الاقصى فى الموعد الذى اعلنته ، والى نص الحوار : كيف ترى اداء حكومة الدكتور الببلاوى ؟ من الانصاف ان نشير فى بداية الامر الى الظروف الصعبة التى تولت فيها الحكومة عملها وهى ظروف صعبة خاصة أنها لم تأت عن طريق الانتخاب، والجميع يعلم كم كانت الظروف التى واجهتها الحكومة خاصة فى الأشهر الأولى من عملها. ولكن هذا الامر لا يعفى الحكومة من النقد خاصة ما يتعلق باغفال بعض الاولويات بحجة انها حكومة انتقالية وأنها تسعى الى التأسيس للحكومة التالية لها، والسمة الغالبة والمميزة لادائها اتسم بالبطىء الشديد ربما لتحسبها الزائد لردود الأفعال وحالة الاحتقان فى الشارع ، وثانيا فإن حكومة الببلاوى اجلت بعض الملفات ولم تقترب منها بشكل قوى وله مردود على الرغم من اهميتها القصوى على الصعيد الاقتصادى وايضا على صعيد العدالة الاجتماعية وهى الضرائب التصاعدية ،لزيادة الايرادات الى جانب اعادة هيكلة دعم الطاقة الذى يلتهم 130 مليار جنيه ويمثل هدرا كبيرا للموارد على حساب الاستثمارات العامة والانفاق فى التعليم والرعاية الصحية . ولكن هذه الحكومة ضمت بعض الكفاءات .. الم يظهر ذلك فى تميز ادائها؟ حقيقى ان هذه الحكومة استقطبت كفاءات ولكن قد يكون من الحقيقى ايضا القول إن هذا الامر لم ينعكس بشكل كبير وواضح على ادأئها ، ورأى انها استمرت على نفس نهج الحكومات السابقة فى اغفال المكاشفة والمشاركة المجتمعية ، وتقديم القدوة فى الاجراءات الصعبة . ومن الانصاف الاشارة هنا الى ان طبيعة الظروف وصعوبتها القت بظلال سلبى على اداء الحكومة ، الى جانب الضغوط الخارجية ومحاولات التخريب الداخلية من بعض القوى التى حاولت كثيرا تعطيل وتخريب الجهود . ولعلى اشير هنا الى ملف خطير لم تتعامل معه الحكومة بنفس اهميته وهو دعم الطاقة الذى واصل ارتفاعه فى ظل حكومة الببلاوى دون اتخاذها اية اجراءات لمعالجته رغم ان وزراء المجموعة الاقتصادية وعلى رأسها رئيس الوزراء تدرك خطورته ، وانه لا يعقل ومن غير المقبول اقتصاديا واجتماعيا استمرار الوضع على ما هو عليه وان يستمر الدعم للوقود بهذا الشكل ،كان فى امكان هذه الحكومة تقليص الدعم بنحو 30 مليار جنيه دون معاناة من خلال رفع اسعار الطاقة للمصانع كثيفة الاستخدام ، مع مراجعة تكاليف الانتاج مع المنتجين منعا لارتفاع الاسعار ماهى الاولويات والاجراءات التى اغفلتها الحكومة المستقيلة ؟ اغفال معالجة العجز المتفاقم فى الموازنة العامة على الرغم من الفرصة الجيدة التى اتيحت لها بعد حزمة المساعدات الجيدة من الدول الشقيقة فى الخليج العربى السعودية والامارات والكويت ، حيث تشير المؤشرات الى ان نسبة العجز ستصل الى 14 % بنهاية العام المالى فى يونيو المقبل رغم اعلان الحكومة فى اكثر من مناسبة انها ستقلص العجز الى 10%. عدم اتخاذ خطوات فى اعادة تشغيل المصانع المتوقفة ومساندة المصانع التى تعمل بنصف طاقتها الانتاجية وهو ما كان من شأنه ان يسهم فى زيادة الانتاج والتشغيل فى نفس الوقت باقل التكلفة ، كما يسهم فى خفض معدل التضخم . اختصار قضية العدالة الاجتماعية فى الحد الادنى والحد الاقصى للاجور ورغم اعلان الحكومة وتأكيدها على الاهتمام بذلك الا انها لم تطبق هذا الحد فى الموعد المحدد ، والواقع ان موضوع العدالة الاجتماعية يتجاوز هذا الامر بكثير وكانت هناك اجراءات ضرورية فى هذا المجال غابت عن الحكومة. ماهى اجراءات تحقيق العدالة الاجتماعية التى كان يجب ان يتم اتخاذها خاصة وان الاقتصاد كان وربما لايزال يعانى صعوبات جمة بسبب السياسات المتراكمة ؟ اعتقد أنه كان من الضرورى ان يتم اتخاذ خطوات فيما يتعلق بتعزيز مبدأ تكافؤ الفرص الذى يمثل احدى الاولويات لدى فئات عريضة من المجتمع لاسيما الشباب الذين قاموا بالثورة ولديهم مرارة من هذا الامر . ومراعاة تحسين ملموس فى الخدمات الاساسية خاصة الرعاية الصحية والمرافق العامة والخدمات الاساسية . الأمر الآخر شديد الاهمية اعلان واضح ومكاشفة حقيقية للمجتمع بطبيعة الاوضاع الاقتصادية الصعبة التى تستلزم اجراءات مرة ولكن بعد ةان يتم تهيئة المجتمع لها من خلال تقديم القدوة من القيادات والنموذج فى تطبيق اجراءات تقشفية، الى جانب تطبيق الضريبة التصاعدية التى لم تكن الحكومة تميل الى تطبيقها واستجابت بعض الوقت الى رفعه من 20 % الى 25 % فقط رغم ان منظمات الاعمال كان لديها استعداد الى رفعها الى 35 % ، وهذا الامر كان ضروريا فى اتجاه العدالة الاجتماعية وتخفيف الاحتقان لدى بعض فئات فيه المجتمع وخاصة لدى العمال الذى يشعرون بان حقوقهم اهدرت على مدى سنوات طويلة . اتخاذ خطوات مهمة فى سبيل المحافظة على حقوق الاجيال من خلال تقليص عجز الموازنة العامة الذى يأتى على حساب الاجيال القادمة ويضر . واخيرا وليس آخرا عدم العدالة فى توزيع التنمية جغرافيا من خلال الاهتمام باقامة مشروعات تنموية فى الاقاليم المحرومة وخاصة الصعيد الذى عانى لفترات طويلة من اهمال الحكومات المتعاقبة . هل عودة المظاهرات الفئوية يرجع إلى هذه الأسباب ؟ بالتأكيد الى جانب عوامل اخرى منها عدم اهتمام الحكومة بالشكل الكافى بالمكاشفة والشفافية والاعلان الواضع والصريح عن حقيقة الاوضاع الصعبة التى يعانى منها الاقتصاد ، وادراة حوار مجتمعى مع جميع فئات المجتمع لشرح وتوضيح هذه الاوضاع وخطورتها خاصة اذا ماكانت الحكومة اتخذت من الاجراءات التى تعضد وتساند وتبرر هذا الامر فيما يتعلق بالضريبة التصاعدية وتطبيق الحد الاقصى للاجور بشكل جاد ودون استثناءات . اعتقد ان هذا الامر كان كافيا لان يتحمل الشعب المصرى هذه المرحلة دون ضجر لانه شعب حمول بطبعه عندما يتاكد من جدية الحكومة وتزيد ثقته فيها وفى اخلاصها وعزمها على العمل للصالح العام وتطبيق القانون دون استثناءات وتطبيق الاجراءات الصعبة على الجميع دون محاباة او استثناءات. قلت ان عجز الموازنة سيرتفع الى نحو 14% رغم ان الحكومة اعلنت انه سيتقلص الى 10 % كيف ترى معالجة هذا الوضع الخطير ؟ اتخاذ خطوات مهمة فى سبيل زيادة الايرادات من خلال البدء على الفور فى تطبيق الضريبة التصاعدية ورفعها الى 35 % ، وكذلك تطبيق الضريبة على الثروة لمرة واحدة فقط بنحو 10 % على كل من تزيد ثروته على 10 ملايين جنيه ، خاصة ان هناك مسوغا مقبولا حاليا فى ظل وجود شعب غنى وحكومة فقيرة فى البلاد والصعوبات التى يواجهها الاقتصاد . لماذا لم تطبق الحكومة المستقيلة ذلك ؟ لانها كانت تعلل ذلك بالحالة الصعبة التى يمر بها الاقتصاد وهى تباطؤ النمو الاقتصادى واعتبرت ان هذه الاوضاع غير ملائمة لفرض ضريبة جديدة فى حجين ان من الاولويات الاساسية فى هذه المرحلة كانت تقتضى فرض هذه الضرائب خاصة فى اتجاه العدالة الاجتماعية ، كما ان الاقتصاد يمر بمرحلة الركود التضخمى الذى يتمثل فى ارتفاع معدل التضخم ليصل الى 12.4 % الشهر الماضى مقابل 6 % فى 2010 مع تباطؤ معدل النمو الى نحو 2 % فقط ، وهو الوضع الذى يحتاج الى معالجة حرجة وسياسة مالية متوازنة لمعالجة عجز الموازنة العامة الذى يمثل السبب الرئيسى فى ارتفاع التضخم ، من خلال تقليص النفقات العامة مع زيادة الايرادات . ولكن هذه السياسة انكماشية فى الوقت الذى انتهجت فيه حكومة الببلاوى سياسة توسعية واعتبرتها مهمة لتنشيط الاقتصاد وخروجه من الركود ؟ نعم هذه سياسة تقشفية وتقييدية للاقتصاد ولكن كان يمكن اتخاذ اجراءات مكملة لتنشيط الاقتصاد من خلال السياسة النقدية وذلك عن طريق : تشجيع الجهاز المصرفى بما لديه من سيولة جيدة حاليا ، على الترويج للمشروعات التنموية ذات الاولوية بما لديه من خبرات ادارية وفنية مع المساهمة فيها خاصة المشروعات الموجهة للتصدير وكثيفة العمالة . قيام البنك المركزى والبنوك بتوفير التمويل للمصانع المتعطلة عن العمل وكذلك التى تعمل بنصف او اقل من طاقتها مما يسهم فى رفع الانتاج وتوفير فرص العمل . ماهى روشتة الاولويات التى تقترحها على الحكومة الجديدة ؟ الاولوية القصوى والتى لاتحتاج إلى تأخير اكثر من ذلك او ان يتم اغفالها تتمثل فى وجود حل سريع لمشكلة سد النهضة الذى يهدد الحياة فى الوطن خاصة بعد اعلان اثيوبيا امس انجاز 30 % من الانشاءات، خاصة ان القانون الدولى فى صالح مصر لانه يمنع اتخاذ اية دولة اجراءات او اقامة مشروعات تلحق الضرر بمصالح الدول الاخرى التى تمر بها الانهار الدولية . العمل على تطبيق القانون بحسم ضد كل المخالفين مع العمل على تماسك الجبهة الداخلية لما لذلك من انعكاسات على الاقتصاد والوضع الخارجى ومواجهة مخاطر سد النهضة وغيرها من التحديات، استكمال اجراءات تعزيز الامن والاستقرار الذى انجزت جانب منه حكومة الدكتور الجنزورى . تعزيز المسار الديمقراطى وتعميق ثقافة الرأى والرأى الآخر وتقبل الهزيمة السياسية . اتخاذ اجراءات حقيقية لتهيئة مناخ الاستثمار وتشجيع الاستثمار المحلى لانه المدخل لجذب الاستثمار الخارجى فى الوقت الراهن . كيف ترى اعتذار بعض الكفاءات عن الاعتذار لقبول المناصب الوزارية فى الوقت الحالى تحت حجة ان الظروف صعبة او ان الحكومة انتقالية ؟ هذه مبررات غير مقبولة وارى ان اى مواطن لديه الكفاءة لا يجب ان يتاخر عن خدمة الوطن فى اى موقع او اى منصب خاصة اذا كان معيار الاختيار على اسس الكفاءة والخبرة وليس اهل الثقة ، وان يتم تحديد الاختصاصات لكل وزير ومسئولياته حتى يمكن محاسبته . واتمنى ان تكون الحكومة الجديدة على نفس النسق للحكومة الايطالية تضم الشباب وايضا الكفاءات النسائية بشكل رئيسى وبارز حتى يتم اعطاء هذه الفئات فرصة حقيقة لمتحمل المسئولية وحل المشكلات .