شعور الفرد بالغربة حتى ولو كان وسط أفراد عائلته وأصدقائه ومجتمعه هو إحساس مؤلم يصاحبه عدم القدرة على التواصل معهم، وكأنه فى حالة انفصال عام عن واقعهم الذى يعيشون فيه فلا يجد فيهم الحميمة ولا لغة التواصل بالفكر ولا الحب والمودة وهذا الشعور من علامات الاضطراب النفسى الذى يستدعى العلاج، وفى المقابل فإن أجمل ما يساعد على التوازن النفسى والإحساس بالأمان هو الانتماء للأهل والمجتمع والوطن وكأن الانتماء هو ما يؤصل تواصل الفرد بجذوره التاريخية فى أعماق الوطن، وهو ما يدل على امتداد الموروث الثقافى عبر الأجيال حتى يكاد يترك بصماته فى جينات الخلايا داخل جسده، بالاضافة إلى البعد المكانى الجغرافى الذى يجمع كل من يحمل الشعور نفسه وهنا يصلح المجتمع وتتكامل أركان الدولة ويظهر الوطن فى صورته القوية بما يدفعه إلى التقدم والنهضة. و،يقال فى الأمثال «أهلك تهلك» وهذا يعنى أنه إذا لم تتوحد مع أهلك فى وطن يجمعك بهم فقد يصيبك الهلاك لا قدر الله. ومن هنا اتساءل كيف يسمح للإنسان ان يؤذى أهل بيته ومجتمعه وكيف يخون وطنه الذى يظل بظلاله على أحبائه أبناء وطنه؟ ان جريمة خيانة الوطن شيء عظيم وتصل عقوبتها الجنائية إلى حد الإعدام وهى لا تحدث إلا من كل مختل جاحد أو موتور حاقد فكيف يسمح الفرد لنفسه بأن يتآمر على أهله ووطنه، ومهما تكن المكاسب المادية من وراء هذا الفعل المشين كيف يمكنه أن ينعم بما حصل عليه إلا اذا كان ضميره فى حالة العطب ووعيه فى حالة الغياب ونفسه قد فقدت التميز والإدراك التام. وعلينا أن نعى ان تأصيل مبدأ الهوية الوطنية وغرس روح الانتماء للوطن يجب تفعيله مع أطفالنا منذ نعومة أظافرهم فى البيت والمدرسة والجامع والشارع.. إلخ وأن شعار الله الوطن الشعب يجب أن يتصدر كل موقع ومكان وأن النشيد والعلم الوطنى يجب أن يرتفعا فى كل مناسبة، فليس أجمل ولا أعظم من رفعة الوطن والفخر والاعتزاز به، وحمى الله مصرنا من كل مكروه. د. يسرى عبدالمحسن أستاذ الطب النفسى بجامعة القاهرة