احتلت صفحات التواصل الاجتماعي على شبكة الإنترنت الحيز الأكبر من وقت الشباب، وأتاحت مجالا واسعا للتعارف بين الأشخاص في مختلف الدول. لكن علماء الدين أكدوا أنها لابد أن تخضع للرقابة من جانب الأهل والأسرة خاصة في سن المراهقة حتى لا يقعوا فريسة للانتماءات السياسية الخاطئة في ظل غياب الوعي الفكري لدى الشباب. ويقول الدكتور محمد الشحات الجندي، أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية الحقوق بجامعة حلوان، إن صفحات التواصل الاجتماعي تحقق فائدة خلاقة وبناءة للفرد والمجتمع على السواء، وشرعية الحكم على أمر من الأمور يتأسس على المصلحة المحققة والمرجوة منه، وينبغي على المسلم إن يكون مواكبا لما يطرأ على العصر من تطورات في إطار قواعد وأحكام الشريعة الإسلامية، فالبعض في عالمنا العربي يستخدم هذه الصفحات استخداما خاطئا مثل الدخول في محادثات غير فعالة أو ربما تتناول كلاما ينطوي على إسفاف أو ابتذال وهذا أمر يدخل في نطاق المحرم، وينبغي أن تتوافر عدة ضوابط منها ألا تعطل هذه الصفحات عن أداء الفرائض الشرعية والواجبات الاجتماعية وألا يسرف الشباب في إضاعة الوقت في استخدام صفحات التواصل، وهو آفة كثير من الشباب والذين لا يدركون قيمة الوقت وقيمة الاستخدام الأمثل لمثل هذه المخترعات الجديدة، وذلك مصداقا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ )، كما أن بعض الشباب ( بنين وبنات ) الذين يبثون صورهم الخاصة قد يساء استغلالها من بعض العابثين والذين قد يستخدمون أو يلجأون لاستخدام هذه الصور للتشهير أو للابتزاز وهذا يدخل في إطار المحرمات، لما يترتب عليه من أضرار ومعلوم إن الشريعة الإسلامية تنهى عن الضرر أو الإضرار. التربية هي الحل من جانبه يؤكد الدكتور محمد نجيب عوضين، أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية الحقوق بجامعة القاهرة، أن شبكات التواصل الاجتماعي إذا أحسن استخدامها فهي نعمة من النعم فكم من معلومات علمية تضمها شبكات الانترنت ونقل الأحداث في نفس اللحظة ولكن إذا لم يتوجه صاحبها نحو الاستخدام النافع فانه سيتجه للاتجاه السلبي المدمر عن طريق نقل الشائعات والأكاذيب وتداول المعلومات الخاطئة بل تتحول لاستخدام ألفاظ لا تليق وتخدش الحياء العام، وكذلك ما يحدث في مواقع الدردشة بين أبناء الجنسين وأمام كاميرات الحواسب الالكترونية، واختراق الحياة الزوجية بمثل هذه الوسائل وإيقاع الزوجات في حبائل الخيانة. ونحن لا نستطيع فرض الرقابة بعد أن وصلنا لعالم السماوات المفتوحة والذي لا يجد وسيلة مقننة مشروعة كالقنوات الفضائية أو طرق النشر المشروعة فسرعان ما يجد ضالته في هذه المواقع، والمشكلة تكمن في علاج المستخدم وليست في الوسيلة لأنه مهما بلغت الجهود الدولية أو المؤسسية لوقف هذه القنوات من خلال شبكات التواصل الاجتماعي فلن تنجح تماما كما يعدها البعض نوعا من أنواع (الحجر على الحرية ) وحرمان الإنسان من حق يبيحه له الدستور وهو ما ظهر له رد فعل كبير عندما قطعت بعض الدول بعض المواقع الاجتماعية في كثير من دول العالم وهذا اعتبر جريمة من هؤلاء المتصلين بهذه الشبكات ولابد أن نصب الجهود بالكامل على الشخص المستخدم لإعادة بناء شخصيته التي فقدنا السيطرة عليها الآن. وأضاف: إن الحل الأساسي يكمن في التربية الصحيحة للأبناء عن طريق عدم إغفال رقابة الوالدين على الأبناء وعدم ترك الحرية الكاملة لهم دون رقابة وخاصة الشباب في سن المراهقة أو في السن التي لا يستقلون فيه بالانتماء إلى فكر سياسي معين، ويجب على دور العبادة التنبيه إلى حرمة استخدام هذه الوسائل في إثارة الغرائز أو نشر الشائعات وأخيرا دور أجهزة الإعلام التي يمكن إن تجذب الشباب وتملأ الفراغ لديهم بمواد إعلامية نافعة، بدلا من سياسة التضييق والانفراد برأي واحد فقط في القضية بدلا من مبدأ الرأي والرأي الآخر فهذا الأسلوب يدفع بعض الشباب نتيجة عدم ثقتهم في الوسائل الإعلامية باللجوء إلى شبكات التواصل بما لها وما عليها.