منذ سنوات لم أشهد مثل هذا الزحام على أحد المسارح مثلما أجده على أبواب هذا المسرح الذى يحمل اسما مختلفا وهو «استوديو مركز الإبداع الفنى» التابع لصندوق التنمية الثقافية لتميزه عن قطاع مسرح الدولة. بالطبع هو يتبع الدولة، ولكن ليس البيت الفنى للمسرح ولكن صندوق التنمية الثقافية ذلك الصندوق الذى يقدم الكثير والكثير من الأنشطة الثقافية. هذا الأسبوع كان مركز الإبداع يعرض مسرحية باسم «ماك ولى» وهى مأخوذة من ماكبث للكاتب العظيم شكسبير الذى يعد من أكثر كتاب المسرح الذين قدمت أعمالهم، كما كتبها، وأيضا مشتقة منها إما ككوميديا أو تراجيديا ولكن مختلفة عما كتبه شكسبير ومن العجيب أننى شاهدتها هنا فى مركز الإبداع فى صورة استعراضية غنائية. من خلال الاستعراضات استشعرت ماكبث لشكسبير أو لنقل رائحة ماكبث لشكسبير. العرض تقريبا كله استعراضات خاصة من الساحرات وهنا فى النص الأصلى لشكسبير ولكن هنا كن ساحرات مختلفات تماما. العرض لا تزيد مدته على ساعة ونصف ساعة وهى المدة الزمنية المطلوبة لمثل هذه العروض وهى أيضا كافية لأن تبرز مواهب الذين قدموها.. والذين قدموها لنا هم الدفعة الثالثة التى يتخرج منها هؤلاء الشباب الذين يقدمون لنا المتعة الحقيقية للمسرح. الاستعراضات والإخراج قامت بهما مروة رضوان وأستشف انها استفادت بالفعل من المشرف على قسم الإخراج بالمركز وهو المخرج القدير عصام السيد. لدينا أيضا من أبناء هذا المسرح أو المركز سماح حمدى التى قدمت الأزياء المناسبة لهذا العمل، وبالمثل الديكور على بساطته من خلال باب مستدير يخرج منه الممثلون والممثلات وكان هناك أيضا إضاءة باهرة أبرزت الدقائق القليلة الى كان التمثيل أى الأداء التمثيلى واضحا تماما ليؤكد لنا أن هذه المسرحية هى ماكبث لشكسبير. ولعل المكمل للعرض هو الضلع المهم للغاية وهو الجمهور.. ذلك الجمهور الذى امتلأت به القاعة، بل وأجد على الجانبين وقوفا ضاق بهم المسرح فوقفوا يشاهدون العمل وهم وقوف. هذا العمل الذى استمتع الجميع به من خلال إحساسى بالمتفرجين وهتافهم أو تصفيقهم. ليست المرة الأولى التى أشاهد فيها هذا المظهر المضىء للمسرح فى مصر ولكن تقريبا معظم المسرحيات التى قدمها، أى قدمتها الدفعات المختلفة من خريجيه أو طلبته لأحيى هذا الجهد المخلص للمشرف على هذا المسرح وهو المخرج القدير خالد جلال. تحية واجبة له ولصندوق التنمية الثقافية على الدفع بالفن الرفيع للجماهير التى أجدها تقدر هذه المحاولات والتى أستطيع أن أتنبأ بأن المستقبل يحمل لنا كنوزا بشرية ستثرى المسرح المصرى. .......... ......