منذ1805 مرورا بعام1952 وحتي2011 كان النمط السياسي القائم واحدا بغض النظر عن شكلية المختلفين قبل وبعد1952 كان هذا النظام السياسي في الفترتين يتصف بسمات مشتركة هي انه يغتصب حق الشعب في تولية حكامه وبالتالي يفتقر إلي العدالة, السمة الثانية انه نظام دولة لا شرعية ولاقانونية لانه يدور حول إرادة حاكم مغتصب سلطة وليس حول قواعد الدستور وما يرتبط به من بنية المؤسسات. وكما خرج محمد علي علي من ولوه من زعماء الشعب وعلماء الأزهر, وأحل ارادته الاستبدادية محل أي قواعد شرعية أو دستورية, فكذلك جاء عبدالناصر ومن معه ليخلصوا البلاد من حكم اسرة محمد علي, لكنهم لم يعيدوا للشعب حقه في توليه حكامه. من يقرأ ديباجة دستور1923 يعلم ان ابناء محمد علي الاجنبي عن مصر مغتصب السلطة صاروا وقد امتلكوا الارادة الملكية التي تهب للرعية المصرية دستورا, هكذا!! ونشأت حول الملكية الخاضعة للاحتلال البريطاني فئة من المنتفعين تلهج بالامتنان والاحترام بل والخضوع الذليل للملك حتي تحيا في بحبوحة العيش تاركة الشعب يعاني الأمرين, نفس الأمر يتكرر بعد ان استتب الأمر لعبد الناصر ومن حوله, فنشأت فئة جديدة تتخذ من التقدمية والوحدوية والعروبية والاشتراكية ايدلوجية تبرر بها اغتصاب الحكم أو استمرار اغتصاب السلطة. هذا النوع من السياسة فرض نوعا من الإعلام, هو إعلام التلفيق والتبرير لا إعلام التحقيق والكشف والمحاسبة, اعلام يبدأ بصورة الملك أو الزعيم في كل كتاب, هذا الاعلام الذي عاشته مصر طوال205 أعوام كان يلفق ويبرر لكي يجعل الظلم عدلا والاسود أبيضا ويخلط علي الناس حتي ينسوا الجريمة الاساسية: اغتصاب حق المصريين في اختيار حكامهم بكامل ارادتهم, ولو اختار المصريون حكامهم بإرادتهم الحرة لأصبح هؤلاء الحكام محاسبين امام ناخبيهم, ولمارسوا السياسة التي ترضي المحكومين, ولكن هذا لم يحدث ليس فقط في العصر الاغتصابي السابق علي1952 بل وطوال الستين عاما الأخيرة. هذا هو مغزي ثورة25 يناير2011 التي تعيد للمرة الأولي في العصر الحديث للمصريين حقهم في حكم أنفسهم بأنفسهم, هنا ستنشأ امة وتتكون ولن يأتي دجالون ليتحدثوا عن ازمة الهوية أو ازمة الانتماء لان افراد الشعب سيكونون هم المالكين الحقيقيين لبلدهم ولكامل مقدراته, وستكون لاصواتهم الكلمة النهائية في تقرير من يحكم مصر. عندئذ سينشأ إعلام جديد, سينهي العداء لثقافة الشعب, وسيكون منسجما مع التطلعات الحقيقية للغالبية العظمي من المصريين لن يبرر الاعلام الظلم بل سيبشر بالعدالة, ولن يعطي ظهره للعلم بل سيمتثل لمطالب العلم في فرض مسئولية الكلمة والقلم والميكروفون والشاشة علي من يستعملونها في ايصال رسالة الاعلام إلي الناس, سينشر المعلومات والمعارف وسينقل بأمانة مطالب المحكومين واحوالهم إلي الحكام وسيعمل مع وسائل الشعب الاخري كرقيب علي الحاكمين وسيتطلع لكشف افضل السبل والكيفيات في تعزير قيم الامة وتكوينها الثقافي. إعلامنا لابد ان يتغير, مع تغير نظامنا السياسي في جوهره.