لان سيناء هى الرمز لانتصارات مصر والعرب فأنها تحظى بمكانه مميزه فى الضمير القومي, ولو كنت واحدا من أبنائها لأدركت دون جهد ان صعوبة الحياة فيها تطغى على مستوى البطولات التى جرت على أرضها, إما إذا كنت معتادا على زيارتها فسوف ترى ان الحياة بها تتغير بسرعات مختلفة وفقا للمكان الذى تفضله. لان مر الآن مرت عده أشهر على قرارات مجلس وزراه عصام شرف.. بإنشاء هيئه عليا لتنميه سيناء بقانون خاص, وقرار أخر بدراسة أمكانيه إنشاء محافظه ثالثه بمنطقه الوسط, وأيضا قرار بدراسة كيفيه تمليك الأرض لمواطنيها وتوظيفهم فى الهيئات والشركات الحكومية... إلا إن كل ذلك بقى حبرا على ورق, ومازال ضمن حيز الأمنيات الى إن يلمس المواطنون تغييرا على ارض الواقع, الآن أيضا تصدر قرارات أخرى فى عهد حكومة الجنزورى, ومازال الموطنون فى سيناء تحلمون بوعود حكومة شرف وقبلها كانوا يحلمون بقرارات حكومات ما قبل الثورة على مدى عشرات الاعوام. المشكلة الحقيقية فى سيناء أنها أصبحت خلال الثلاثين عاما الأخيرة سله للقرارات وأحيانا الأمنيات, رغم ان أحدا لا ينكر حجم الأموال والاستثمارات الحكومية والخاصة التى أنفقت فيها منذ التحرير وحتى الآن. ومع ذلك فقد بقى السؤال, كيف تم إنفاقها؟؟ ولان الإجابة تنطوي على سفه شديد, وعدم تخطيط, واعتداء على المال العام, فان أحدا لا يتطرق الى هذه المشكلات عندما تدور رحى المكلمة السنوية عن سيناء وهمومها فى ابريل واكتوبر من كل عام. فكم من طريق تم إنشائه على الورق, وكم من بئر تم حفرها لتنتج مياها غير صالحه للشرب او الري, وكم من أراض تم الاعتداء عليها على مرأى ومسمع كبار وصغار المسئولين, وربما بمعاونتهم. والامثله كثيرة و تعبر عن عصر ساد فيه الفساد وتحكمت فيه مافيا الكبار على كل المقدرات لدرجه ان من انشىء خط الغاز الطبيعي ليصل الى فلسطين واسرائيل, لم يهتم بان يحصل المواطن السيناوى على جزء منه ولو بتكاليف اعلى من عدوه الاسرائيلى, بل لك ان تتخيل ان تتم سرقه قضبان خط سكه حديد القنطره / رفح فى وضح النهار. اما النهب الذى تتعرض له ثروات سيناء التعدينية فحدث ولا حرج, لدرجه ان مستثمرين صينيين فى القاهرة يتحكمون فى حجم انتاج الرخام فى قلب سيناء مثلا... والوسطاء لا يمتنعون. اذن هى حاله عاشتها مصر كلها وكان مؤثثا لها فى سيناء. اما بعد الثورة ولأسباب كثيرة فيمكن القول ان كل شئ قد توقف نبضه في سيناء, فلا مشروع قومى ولا سياحة ولا استصلاح اراضى جديدة ولا قواعد شفافة لتوزيع ما تم استصلاحه.. نعم أعطت حكومات الثورة وعودا وقطعت على نفسها عهودا, ولكن المواطن فى الصحراء القاحلة ينتظر التنفيذ, لان تجاربه مع الحكومات السابقة مريرة وقاسيه, فقد حصل على وعود يكفى خمسها ان يحيل سيناء الى جنه فى غضون عشر سنوات فقط. البسطاء من السيناويه ينتظرون خطه ثوريه تعتمد على أبناء الأرض لتنميتها, كما ينتظرون إنفاق أموال الدولة فى مكانها المناسب, والاهم من ذلك ان يكون للدولة المصرية رقابه كاملة على كل المشروعات, وحسنا فعل اللواء منصور العيسوى وزير الداخلية السابق, عندما قرر ان يكون لأبناء سيناء مكان فى كليه الشرطة, وع ذلك فمن الضرورى ان نمتلك الشجاعة الوطنية والسياسية لمواجهه ظاهره الإنفاق, خاصة بعد فتح معبر رفح البرى بانتظام إمام الأشقاء الفلسطينيين. هى نعم مشكله امنيه, ولكن إبعادها الاقتصادية والسياسية المستقبلية على الجانبين المصرى والفلسطينى لا يمكن ان توصف إلا بأنها تدميريه. أيضا لابد من مواجهه عصابات تهريب البشر التى استفحلت, ولنمتلك الشجاعه ايضا ونعترف بوجودها وحجمها وخطورتها على الامن القومى المصري, ولتكن نظرتنا الى من يقومون بهذا العمل المشين واللا اخلاقى من اهل سيناء, هى انهم مجرد حلقه فى سلسله طويلة تبدأ على حدود السودان فى حلايب وشلاتين مرورا بمحافظات البحر الاحمر والسويس والإسماعيلية, وأحيانا محافظات الصعيد والقاهرة نفسها عبر منافذ وموانئ وطرق ودروب كلها خارج سيناء. لا ادري ان كان المسئولون فى القاهرة يعلمون ان هناك تقسيمين لسيناء احدهما ادارى وفقا لقانون الإدارة المحلية وأخر سياسى وفقا لسياسات الحزب الوطنى المنحل. هذا التقسيم دفع بوجوه راشيه ومرتشية الى المجالس النيابية والشعبية قبل الثورة, واثار أحقادا تكفى لإذكاء الصراع القبلى لعقود قادمة ان هى استمرت.. لقد أصبح واضحا بعد كل ما جرى ويجرى فى سيناء ان هذه الأرض لا تحتاج الى الى خطط تنميه فقط, ولكنها تحتاج بدرجه اكبر الى الأمن بمفاهيمه الاجتماعية والاقتصادية. فالكل إمام القانون سواء, والوظائف وفقا لمعايير شفافة, والأرض لمن يزرعها, سيناء تحتاج الى خطه دوله ثائرة وليس الى اجتهادات محافظ مهما علت كفاءته, او مسئولين محليين مهما كانوا شرفاء. وكما تحتاج حدودها للحماية فان مواطنيها وعمارها يحتاجون الى الأمن. المزيد من مقالات ابراهيم سنجاب