تسعي حاليا دول عربية عديدة إلي فرض نظام عربي جديد يتجاوز ويهدم النظام الذي ساد وسيطر علي مدي أكثر من60 عاما, وكانت أهم ملامحه هيمنة مصر والسعودية بشكل أساسي علي القرار العربي سواء داخل أروقة الجامعة العربية أو الأممالمتحدة, مع مشاركة كل من العراق وسوريا في الهيمنة في بعض الفترات وفقا للظروف السياسية التي كانت تمر بها الدولتان. ولكن ظلت الهيمنة علي القرار العربي بشكل شبه ثابت لكل من مصر والسعودية نظرا للاستقرار السياسي الذي ميز أوضاعها, وعلي الرغم من مرور مصر بأزمات قوية وخوضها عدة حروب مع إسرائيل وأزمات داخلية تمثلت في ثورة الخبز عام1977, ثم اغتيال السادات في عام1981, وبعدها أحداث الأمن المركزي, إلا أنها حافظت بشكل كبير علي هيمنتها علي صناعة القرار العربي إلي جانب السعودية. وكانت تلك الهيمنة من الدولتين تثير بلا أدني شك الكثير من الغيرة وربما الحقد من جانب الدول العربية الأخري المتوسطة الحجم والصغيرة. وكانت تقاوم تلك السطوة والهيمنة بكل ما تستطيع. وقد حاولت العديد من الدول العربية مثل قطر والجزائر والسودان وليبيا انتزاع بعض المكاسب والمشاركة في عملية صناعة القرار العربي. وقد نجحت إلي حد ما في ذلك خاصة في تلك الفترات التي مرت بها مصر والسعودية بظروف سياسية صعبة كتلك التي أشرت إليها. ومنذ اندلاع ثورات الربيع العربي, والحديث عن نظرية المؤامرة لا يتوقف. فالكثيرون يعتقدون أن ثورات الربيع العربي ما هي إلا مؤامرة لتدمير الدول العربية وتقسيمها بهدف السيطرة عليها. لكن ما قول هؤلاء في السودان الذي تم تقسيمه قبل اندلاع ثورات الربيع العربي ودون ثورة علي نظام الحكم؟ طبعا لا يمكن أن نستبعد فرضية التآمر الخارجي بهدف تقسيم السودان منذ السنوات الأولي لتمرد الحركة الشعبية لتحرير السودان, كما أنه لا يمكن أن نستبعد فرضية أن بعض الدول العربية الصغيرة الطامحة إلي ممارسة دور أكبر علي مستوي صناعة القرار العربي يمكن أن يكون لها دور في محاولة تقسيم الدول العربية الكبري لكسر هيمنتها علي القرار العربي وانتزاع دورها أو مزاحمتها في إدارة دفة العمل العربي المشترك. لأنه ببساطة عندما تكون مصر لا قدر الله ثلاث دول والسعودية والعراق وسوريا وليبيا كذلك, فإن هذا التفتيت سوف يجعل من تلك الدويلات ذات دور مماثل لباقي تلك الدول الصغيرة وغير مهيمنة, وهكذا تتساوي الرءوس والأدوار ويكون هناك نظام عربي جديد علي أسس جديدة. المزيد من أعمدة منصور أبو العزم