كان «قطبيا تكفيريا» فأصبح من أشد الكارهين لفكر سيد قطب، ومن أكثر المحذرين منه. فى هذا الحوار، سعى الدكتور أسامة القوصى الداعية الإسلامي، إلى الوقوف فى منطقة وسط، متجردا من أى انتماء حزبي، حاول بنبرة صوته الهادئة تحليل الأحداث بهدوء من غير تعصب. بدا القوصى مؤمنا بأن تنظيم الإخوان العالمى إلى زوال، وأن النظام الفردى هو الضمانة الوحيدة لمنع الاختراقات المنظمة، كما بدا متفائلا إزاء ما تمر به البلاد من محن، يراها لا تفت فى عضد مصر، ولا توهن من عزمها، ولا تضعف من قوتها، مؤمنا كل اليقين بأن الغد يحمل مستقبلا أفضل للمصريين، وإلى نص الحوار: كنت قطبيا تكفيريا.. هل توضح لنا ملامح هذا الفكر؟ الفكر القطبى باختصار هو نفس فكر الخوارج القدامي، لكن فى صورة عصرية، وبعبارات أدبية تزين الباطل لتجعله حقا، وتحسن القبيح لتجعله يبدو جميلا، وأصدق ما ينطبق عليه قوله تعالي: (قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا، الذين ضل سعيهم فى الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا)، فيمكننا القول إن القطبيين هم الخوارج الجدد، حيث يحصرون الحق فيهم ومن وافقهم على فكرهم من التيارات المتأسلمة، ويحتقرون كل من خالفهم، ويتعالون عليه، ويرفعون شعار الحاكمية الذى رفعه الخوارج القدامى الذين كفروا بسببه معظم الصحابة رضى الله عنهم، بل واغتالوا عثمان ثم عليا، رضى الله عنهما، بزعم أنهما لم يحكما بما أنزل الله، مع أن الناظر للخوارج قديما وحديثا يجدهم كما أخبر النبى الكريم، عليه الصلاة والسلام، يكثرون من الصلاة، والصيام، وقراءة القرآن، ولكن الله حرمهم من الإخلاص الحقيقي، والتدين السمح، والفهم الصحيح للدين لحرصهم على التعالى على كل الناس بمن فيهم المسلمون الذين لم يوافقوهم على فكرهم الباطل، وسلوكهم المنحرف، وإفسادهم فى الأرض بالقتل والتحريض على العدوان على الناس، وممتلكاتهم بالحرق والتدمير، ويسمون ذلك جهادا، وهو عين الفساد. من وجهة نظرك، هل تستند الجماعات التكفيرية الإرهابية إلى فكر سيد قطب الذى بثه فى كتابه «معالم فى الطريق»؟ مما يؤسف له أن هذا الفكر القطبى المسموم أثر فى كل التيارات المتأسلمة، بل حتى والمتسلفة، وإن كان هذا التأثير بنسب متفاوتة، ولا أبالغ إن قلت: لو جئتنى بمتسلف صغير، لأخرجت لك منه قطبيا كبيرا على الأقل فى مسألة الحاكمية المزعومة، والتى يخلط سيد قطب فيها، ومن قبله المودودي، بين الحاكمية الدينية والحاكمية السياسية. هل ترى أن فكر سيد قطب فُهم خطأ أم أن المسئول عن هذا هو من قام بتطبيقه؟ فكر سيد قطب، بحسب ما فى كتبه وخصوصا المعالم، أسوأ وأعنف مما نراه حاليا على أرض الواقع، بل أكاد أجزم بأنه لو كان حيا لكفر معظم من انغمسوا فى العمل السياسى من التيارات المتأسلمة والمتسلفة الحالية، بل لا يوجد من يطبق الفكر القطبى بحذافيره إلا أيمن الظواهرى ومن وافقه، حيث يجاهرون بكفر النظم الديمقراطية، وعدم جواز تكوين أحزاب سياسية أصلا. فعند سيد قطب هما حزبان لا ثالث لهما: حزب الله، وحزب الشيطان، وقس على ذلك فى كل ما يتبع. هل ترى أن التنظيم السلفى فى مصر بشكله الحالى مسيس أم دينى بحت؟ مما يؤسف له أنهم سلفيون بالدعاوي، قطبيون فكرا، أو إن شئت قلت إنهم سلفيون فى المساجد، قطبيون فى المحافل السياسية، وهم فى نظرى يجمعون بين النقيضين، هذا فيما يتعلق بالفصيل الأشهر منهم، وهم سلفيو الإسكندرية الممثلون سياسيا فى حزب النور. أما بقية التيارات المتسلفة، ففيهم من هو قطبى جلد كالجبهة السلفية بالقاهرة، ويمثلها سياسيا حزب الأصالة، وهو متطرف جدا فكريا، كذلك الجماعة الإسلامية وذراعها السياسية، حزب البناء والتنمية، فهؤلاء متطرفون فكريا، محرضون عمليا على الإرهاب، بل ممارسون له مع عصابة الخُوان المفسدين الإرهابية، وكانوا معهم على منصة رابعة إلى آخر يوم قبل الهروب، وهناك تيارات متسلفة أخرى كالتيار المدخلى الجامي، وهذا تيار متطرف فكريا جدا، وإن كان لا تُعرف له ممارسة سياسية حزبية، لكنه له فتاوى متطرفة جدا فى مسائل سياسية. هل شارك السلفيون بثقلهم فى الاستفتاء، أم هو مجرد ادعاء؟ شارك القادة، بينما قاطعت القواعد، وهو عكس الصورة التى كانت فى رابعة، حيث شاركت القواعد وقاطع القادة، وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على الانقسام فى صفوف التيارات المتسلفة عموما، وحزب النور خصوصا. ولعلنا لا ننسى انفصال د.عماد عبد الغفور عنهم مؤسسا حزب الوطن، فهذا يؤذن بمزيد من الانقسامات المتوقعة فى المستقبل القريب، بل والبعيد. هل ترى أن جماعة الإخوان انتهت إلى الأبد، أم أن هناك كلاما آخر؟ فعلا هى فى طريقها إلى الزوال، حتى كتنظيم عالمي، لأن جذورها هنا فى مصر قد تم اجتثاثها شعبيا وسياسيا، وبالتالى فالمسألة مسألة وقت، وإذا حاول بعض فلول التنظيم نفخ الروح فيه، أو إعطاءه قبلة الحياة، فلن يكتب لهم النجاح، لأن الرفض هذه المرة رفض شعبى بالدرجة الأولي، فليسوا مقبولين مهما حاولوا تجميل صورتهم، أو العودة فى شكل جديد . أيهما تفضل لمنع الإخوان من التسلل لمقاعد البرلمان: الانتخابات بالنظام الفردي، أم بالقائمة؟ النظام الفردى هو الضمانة الوحيدة لمنع الاختراقات المنظمة من تلك العصابات المتطرفة والإرهابية، ومصر فى المرحلة الحالية ليست فيها أحزاب حقيقية تمثل ظهيرا شعبيا حقيقيا، وغالبها أحزاب تاريخية انتهى دورها، أو أحزاب كرتونية ورقية يمولها بعض رجال الأعمال الطامعين إما فى السلطة، أو الشهرة، وأولى الأولويات فى نظرى فى المرحلة الراهنة هى استعادة الدولة المصرية لعافيتها، والحفاظ على استقلال الوطن وسيادته بعد التخلص من نظامين كانا مثالا للتبعية والعمالة على التوالي.